قاربت ميشال بوكانيم في شريطها «أرض النسيان»، الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة ال11 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مجموعة من الإشكالات والتساؤلات المرتبطة بالطاقة النووية وعلاقتها بمصير الإنسانية في السلم والحرب. وحاولت المخرجة ميشال بوكانيم، في هذا الشريط، وهو إنتاج مشترك فرنسي ألماني بولوني، أن تقدم جوابا عن سؤال يؤرق العالم وهو المتعلق بمدى فائدة ومنفعة الطاقة النووية التي إن كانت لها فوائد جمة للإنسان، فإنه بمقدورها أيضا تدميره والقضاء عليه؛ خالصة إلى أن الإجابة عن هذا السؤال أضحت ضرورة ملحة تفرضها الظرفية الراهنة، ولاسيما مع تهافت دول العالم على امتلاك هذا النوع من الطاقة «المدمرة». ويحكي الفيلم، الذي لاقى تجاوبا كبيرا من قبل الحضور، عن ربيع سنة 1986 في بلدة تشيرنوبيل، من خلال قصتين مختلفتين تتقاطعان في حجم الضرر الذي تعرضت له شخصيات الفيلم جراء حادث المفاعل النووي في هذه البلدة؛ فمن جهة هناك قصة بيوتر، الذي عقد قرانه حديثا على الجميلة آنيا والذي سيذهب، متطوعا، لإخماد حريق تشرنوبيل، غير أن ذهابه سيكون بدون رجعة، ومن جهة أخرى هناك قصة الفيزيائي أليكس وابنه فاليري الذي يحلم بزرع شجرة تفاح، وتأخذ المخرجة المشاهد في منحى غير متوقع، يشاهد فيه زرع الابن فاليري شجرة تفاح، وإرغام والده أليكسي على السكوت وعدم البوح بأسرار الانفجار النووي، وغياب الزوج بيوتر، وأمر السلطات بإجلاء السكان من المنطقة ليبدأ بذلك فصل آخر مع شخصيات الشريط. وتبقى قصة الطفل فاليري مع شجرة التفاح بؤرة الشريط، إذ من خلاله تطرح المخرجة سلسلة من الأسئلة، دون الإجابة عنها، تاركة للمشاهد فرصة مشاركتها في طروحاتها المتعلقة بمدى أهمية الطاقة النووية، مادامت لا تخلف إلا الدمار والخراب؛ فبعد عقد من الزمن، باتت بلدة بريبيات خاوية إلا مِن أشباح مَن سكنوها، ووجهة لسياح فضوليين يقصدونها للوقوف على ما قد يتمخض عن تهور وإهمال الإنسان من ويلات ودمار. ولا يخلو «أرض النسيان» من رسائل واضحة حبلى بحمولات تظهر هول تحول الأحلام إلى كوابيس والأرض الخصبة إلى صحاري جرداء لا تصلح لشيء... لتبقى شجرة التفاح رمز الفردوس الموعود وربما صرخة من مخرجة هذا الفيلم ضد الدمار، ورفضا منها لجهود الكثيرين في سبيل امتلاك الطاقة النووية وما يدور في فلكها، ودعوة إلى زرع الشجر بكل ما يرمز إليه من حياة وأمل. وسبق لمخرجة فيلم «أرض النسيان» (ميشال بوكانيم) أن حازت عن فيلمها القصير (أمواج الذكريات) «2002» جائزة المخرجين بكان وفي مهرجان برلين، كما قدم فيلمها الوثائقي (أوديسا...أوديسا) في أزيد من خمسين مهرجانا. ويتبارى في المسابقة الرسمية للدورة ال11 للمهرجان، إلى جانب فيلم «أرض النسيان»، 14 شريطا تمثل مختلف البلدان. ويشار إلى أن الدورة ال11 للمهرجان، الذي ينظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، تستمر إلى غاية العاشر من دجنبر الجاري.