من القضايا التي استأثرت باهتمام المواطنين في المحكمة الابتدائية في الرباط، ملف أحيل على المحكمة من قبل الشرطة القضائية يتعلق بشاب تحولت علاقته العاطفية إلى «مرض نفسي»، بعدما ظل يعترض سبيل عشيقته، التي رفضت استمرار العلاقة العاطفية والزواج منه، وظل العشيق يتعقبها كلما كانت متوجهة إلى جامعة محمد الخامس في الرباط لمتابعة دراستها العليا. عاشق مجنون تَعرَّف الجاني على معشوقته في مدينة الرباط، وبعد مدة وجيزة، وقع في حبها، فقرر الخروج من ورطته عن طريق التقدم إلى زواجها، لكن الصدمة الكبيرة التي أصيب بها هذا الشاب هو تأكيد الفتاة المعشوقة باستمرار رفض الزواج منه، وهو الأمر الذي لم يتقبله «العاشق المجنون». وبعدما كانت العاشقة تغيب عن الأنظار وتتركه متربصا بالطرق المؤدية إلى الجامعة، تَبادَر إلى ذهن العاشق البحث عن رقم الهاتف الثابت لمنزل عائلتها، وبعدما وصل إليه، قرر الحديث مع أسرتها، التي رفضت، بدورها، زواجه من ابنتها، فظل يزعج العائلة باتصالاته المتكررة بين الفينة والأخرى رغم رفضها فكرة ارتباطه بابنتهم. ورغم معاكسة الحظ له، استمر في اعتراض عشيقته ومعاكستها في الشارع العامّ، إلى أن أصبحت تفكر في مقاطعة الدراسة في الكلية، وقدّم لها كل الوعود في العيش الكريم، فواصلت رفض مطلبه في الزواج منها، فأقدمت، أخيرا، على وضع شكاية لدى المصالح الأمنية المختصة، التي أوقفته في مدينة الرباط وأحالت ملفه على النيابة العامة في المحكمة الابتدائية. وقف المتهم -العاشق أمام الهيأة القضائية واعترف بحبه الجنوني لعشيقته وبتعقبه ومعاكسته لها في شوارع العاصمة، كلما كانت متوجهة إلى الجامعة واعتبر أنه وقع، فجأة، في حبها بعد علاقة عاطفية لم تدم طويلا، لكنْ ورغم صراحته أمام الهيأة القضائية وتزكية تصريحاته من قِبَل دفاعه، الذي طالب بإسقاط المتابعة عنه، فقد قضت المحكمة بحبسه مدة ستة أشهر حبسا نافذا. إصرار العاشق ظل العاشق مدة نصف سنة وراء القضبان واعتقدت العشيقة، التي رفضت الزواج منه، أن مشكلها قد تم حله عن طريق الجزاءات القانونية بعد صدور الحكم الابتدائي في حق المتهم العاشق. لكن فرحة هذه الشابة لم تدم سوى المدة التي قضى فيها الظنين هذه العقوبة الحبسية، حيث خرج «العاشق» من ردهات السجن وظل يأمل في تحقيق ذاته عن طريق الزواج، بعدما احتلت العشيقة مخيلته ونفذ صبره في التخلي عنها، عاد الظنين المفرَج عنه إلى «نشاطه» القديم في التربص بحبيبته السابقة، بعدما استحال عليه نسيان المعشوقة، وظلت هذه الفتاة تعاني يوميا من معاكسة حبيبها السابق، قبل أن تصارحه، مرة أخرى، بعدم رغبتها في الزواج منه وأنها كانت تطمح في مواصلة الدراسة الجامعية والحصول على منصب وظيفي في المستقبل. وبعد إصرار العاشق على رغبته الجامحة في الزواج من هذه الطالبة، أصبحت الأخيرة تعاني من هاجس يومي بسبب إصرار الأخير على الزواج منها ومعاكستها، وتحول مطلبه الزواج منها إلى كابوس مخيف. لكن الطالبة المعشوقة لم تجد من وسيلة أخرى سوى اللجوء إلى المصالح الأمنية وتقديم شكاية ضد حبيبها السابق، للمرة الثانية لدى المصالح الأمنية المختصة، التي أحالتْه على وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في الرباط، حيث أكد سابق تصريحاته في التعلق عاطفيا بالطالبة ورغبته الجامحة في الزواج منها وتكوين أسرة معها، ولم يفعل، حسب اعتقاده، سوى «اللجوء إلى حكم الله وشريعته بعد سقوطه في فخ الحب». وقف المتهم، فجأة، أمام أعضاء الجلسة وقال: «لو أعدمتموني سأظل أحبها وسأتزوج بها»، وظل الظنين غير آبه بالأحكام الصادرة في حقه بالحبس النافذ، وبعد استماع هيأة الحكم إلى تصريحات المتهم، قررت الهيأة القضائية إدانته، من جديد، بالحبس النافذ، وقضت في حقه بسنة حبسا نافذا، فوجد نفسه وراء القضبان للمرة الثانية، بعد تعقب الحبيبة وإصراره على الزواج منها. علامات الانتقام لكن المفاجأة الصعبة التي ستصطدم بها الفتاة العاشقة للمرة الثالثة هو أنه بعد خروج العاشق من السجن، أصبح يُصرّ للمرة الثالثة على تحقيق مطلبه بالزواج منها، بواسطة العنف هذه المرة، فاضطرت إلى تقديم الكثير من النصائح له بضرورة نسيانها والبحث له عن فتاة أخرى إن هو أراد أن يزواج منها، لكن الحب الجنوني الذي وقع فيه لم يترك له الفرصة في البحث عن شريكة أخرى لحياته غير معشوقته السابقة. عندما تضاءلت آماله في الزواج من معشوقته، أصبحت تبدو على تصرفاته علامات الانتقام، وبدأ يُهدّدها بين الفينة والأخرى بالقتل، فقررت التوجه، للمرة الرابعة، إلى مصالح الشرطة القضائية وتسجيل شكاية ضده، وأمرت الأخيرة الطالبة في حالة اعتراضها الاتصال بمصالح الأمن قصد الإيقاع به. فجأة، وجدت الضحية المعشوقة المتّهم وهو يتوجه نوحوها بسكين طويل الحجم، فاتصلت بمصالح الشرطة التي كانت في الموعد وأنقذتها من موت محقق، حيث تمكّنت الفرقة الأمنية من إحكام قبضتها عليه ونقلته إلى مصالح التحقيق، وظل المتهم يؤكد للمصالح الأمنية ولقضاة الحكم أن السبيل الوحيد إلى تخليه عن سلوكاته واعتراضه سبيل الطالبة هو الزواج منها، ولو كلّفه ذلك أحكاما قضائية صارمة في حقه. لكن التهمة الأخيرة، التي ستوجه إلى المتهم العاشق كانت ثقيلة، حيث أحيل على غرفة الجنايات بتُهَم تتعلق بمحاولة القتل، مع سبق الإصرار والترصد، ووجد نفسه جانيا في محكمة الاستئناف، حيث حجزت لديه المصالح الأمنية السكين، وهو ما شكّل وسيلة إثبات في المرحلة الأخيرة. وأثناء المحاكمة، ظل يكرر نفس مطالبه السابقة: زواجه بالطالبة، فكان نصيبه في المرة الأخيرة من الحكم الاستئنافي 5 سنوات حبسا نافذا بالتهمة سالفة الذكر، واستطاعت الفتاة المعشوقة أن تتنفس الصعداء بعد وصول خبر الحكم إليها.