صحا بنيامين نتنياهو في آخر لحظة. تذكر أنه جابوتنسكي وتذكر أنه ديمقراطي وأوقف القانون الذي أوشك أن يخضع السلطة القضائية للسلطة المنتخبة. لكن القانون الذي جاء ليتدخل تدخلا سافرا في انتخاب رئيس المحكمة العليا قد أُمضي؛ وكاد يُمضى القانون الذي جاء ليمس بتمويل منظمات حقوق الإنسان؛ وما تزال القناة العاشرة تُطارَد؛ والروح السيئة لليمين السيئ جعلت حكومة نتنياهو في الشهر الأخير حكومة سيئة وظلامية. وقد بدأ الليكود، بخلاف نظرية جابوتنسكي، يسلك سلوك إسرائيل بيتنا. وبدأت الكنيست، بخلاف تراث بيغن تسن قوانين مثل «الدوما». وبخلاف كل ما آمن به بنيامين زئيف هرتسل، بدأت دولة إسرائيل تبدو مثل روسيا فلاديمير بوتين. كان لنتنياهو في حياته القليل جدا من الأصدقاء المقربين. ولم يعد واحد من هؤلاء الأصدقاء المقربين يستطيع تحمل ما يحدث وأرسل إلى صديق حداثته رسالة لم يرسل مثلها إليه قط. «أنا أعرف وأتذكر جيدا القيم الليبرالية التي رُبيت عليها في البيت في شارع «هبورتسيم» وفي سني نضجك في الولاياتالمتحدة»، كتب البروفيسور عوزي بيلر. «أرفض أن أصدق أن آراءك وتصوراتك تُماهي الإجراءات المدمرة التي تفرق بين أجزاء الشعب، وتمس بحرية التعبير وتهدد وجودنا باعتباره دولة حرة وتلحق ضررا بالغا بصورتنا في العالم المستنير... يا بيبي لا تخش ولا تخف. إجمع حولك القوى الصهيونية الليبرالية السليمة من اليمين واليسار واخرج للدفاع عن صورة دولة إسرائيل وصبغتها... لا تدع القوى الفظيعة للتطرف اليميني والديني والمسيحاني تحطم الحلم الصهيوني الرائع... ولا تُمكّنها من أن تجعلنا، نحن الجمهور الكبير الذي يحمل الدولة على كتفيه، نخشى مما ستكون عليه دولة إسرائيل بالنسبة إلى أبنائنا وأحفادنا... أعود وأقول لك يا بيبي لا تخف. فسيتذكرك الشعب والتاريخ أنك في اللحظة الأخيرة حقا أنقذت الدولة من فناء الحلم الصهيوني المتنور؛ لا، والعياذ بالله، باعتبارك سمحت لقوى الظلام المعادية لليبرالية بإضعاف الحياة الرسمية الإسرائيلية وجعل إسرائيل دولة رجعية متطرفة مصابة بجنون الفصام». نوصي نتنياهو بأن يقرأ رسالة صديقه بيلر جيدا. إن المُقدم على كل شيء هو الديمقراطية الإسرائيلية، الدفاع عن فصل السلطات وعن سلطة القانون وعن حقوق المواطن وعن حرية الصحافة؛ والمُقدم على كل شيء أيضا هو تثبيت الدولة اليهودية بصفتها ديمقراطية غربية. إن تحالف إسرائيل مع الولاياتالمتحدة وأوربا يقوم على قيم مشتركة، والمس بهذه القيم سينقض التحالف. لكن المُقدم على كل شيء هو شعور النخبة المستنيرة في إسرائيل بالانتماء، فهذه النخبة فنيت في معركة السلام والمعركة في مواجهة المستوطنات. وخسرت السلطة وخسرت الهيمنة على الجمهور. وكل ما بقي لها هو المجتمع الحر الإسرائيلي وهوية إسرائيل باعتبارها دولة ديمقراطية. والهجوم على الحرية وعلى الديمقراطية سيجعل هذه النخبة لا تكون هنا ببساطة. ستُسلم المفاتيح إلى أشباه بوتين، وأنصار شاس والمستوطنين وتدعهم يتمتع بعضهم بصحبة بعض. يحب أفيغدور ليبرمان وزئيف ألكين وياريف لفين السخرية من نخبة رحافيا، لكنه لا وجود لإسرائيل من غير نخبة رحافيا ورمات أفيف ورعنانا. وستكون إسرائيل ضعيفة مهينة بغير علماء يساريين ومثقفين يساريين وأصحاب مشروعات هاي تيك يساريين. ولن تستطيع أن تسيطر على يهودا والسامرة، ولن تستطيع أن تحمي نفسها من إيران ولن تستطيع أن تثبت لعواصف الشرق الأوسط. لهذا حان الوقت ليستمع نتنياهو إلى بيلر ورؤوبين ريفلين وبني بيغن ودان مريدور. وحان الوقت ليعود إلى قيم هرتسل وجابوتنسكي وبيغن. عُد إلى رحافيا يا بيبي. ربما تكون رحافيا واهنة النفس لكن رحافيا هي التنور والقوة. وقد كانت رحافيا هي أنت في أيامك التي كانت أفضل.