صدر لعلي بن صالح الغربي كتاب جديد تحت عنوان «أربع نصائح للشيخ عبد السلام ياسين»، بعد سلسلة كتب أخرى سبق أن أصدرها في الأعوام الماضية ينتقد فيها مرشد جماعة العدل والإحسان، آخرها «قومة المدعو ياسين الفتان بين رسالة الطوفان والخروج للعصيان». ويشكل الكتاب، في جزئه العقدي، محاكمة سلفية لجماعة العدل والإحسان ذات المشرب الصوفي، وفي جزئه السياسي تعرية لبعض أساليب الممارسة السياسية لدى الجماعة من منظور المؤلف، تلميذ الشيخ محمد تقي الدين الهلالي، أول من أدخل الفكرة السلفية إلى المغرب. يقول المؤلف مثلا في الصفحة 27 من الكتاب: «فعداؤنا مع الشيخ عبد السلام ياسين شرعي، ومعاداتنا له بسبب ما اجترحه من السيئات في دين الله تعالى، ومخالفته لأمره عز وجل في باب التوحيد بإفساد عقيدة المسلمين الصافية النقية، وحمل لواء العداء لدعاة التوحيد، وعلى رأسهم الصحابة الكرام». ويكشف المؤلف أن عبد السلام ياسين أعلن في مجلة «الجماعة»، التي كان يصدرها في الثمانينيات من القرن الماضي (1983)، تبرؤه مما ورد في كتابيه «الإسلام بين الدعوة والدولة» و«الإسلام غدا»، إلا أنه عاد لاحقا إلى نفس الأفكار الصوفية الخرافية بتعبير المؤلف. ويسوق علي الغربي نموذج محمد تقي الدين الهلالي، الذي قضى ثلاث سنوات داخل الطريقة التيجانية، ثم خرج منها بعد أن ثبت له ضلالها، وألف كتابا بعنوان «الهدية الهادية إلى الطريقة التيجانية» كشف فيه مجموعة من خرافات التيجانيين، وكأنه يدعو الشيخ ياسين إلى القيام بنقد ذاتي لتجربته الصوفية، سواء القديمة داخل الزاوية البودشيشية أو الجديدة داخل ما يسميه المؤلف «الزاوية الياسينية»، ويستعرض بعض الاستشهادات من كتب الشيخ ياسين، مثل ما ورد في كتاب «الإسلام بين الدعوة والدولة»، حيث يسوق مقتطفا من كتاب عبد العزيز الدباغ المعنون ب«الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ»، الذي يزعم فيه أنه اطلع على الغيب. سياسيا، ينتقد المؤلف بعض أساليب العمل لدى جماعة العدل والإحسان، مثل لقاءاتها السرية مع السفارة الأمريكية، التي ظلت الجماعة تنكر سريتها، إذ يستشهد الكاتب بتصريح للسفير الأمريكي السابق بالمغرب عام 2001 لإحدى اليوميات الاقتصادية بالمغرب، قال فيه إن لقاءات السفارة الأمريكية وأعضاء الجماعة «تنظم بشكل سري حتى يتسنى لأمريكا تقصي واستطلاع الطرق التي تفكر بها الجهات المعارضة للسلطة بالمغرب، لأنه ليس بالإمكان أن يكون كل المغاربة راضين عن نظام حكمهم». ويرجع إلى حادثة طرد الرجل الثاني السابق في الجماعة، الراحل محمد البشيري، عام 1997، ويرى أن أسباب طرده هو أن البشيري كان يزاحم ياسين على النفوذ داخل الجماعة، وبدأ يطعن في ثوابت وقناعات مرشد الجماعة المرتبطة بالتصوف، وتصريحاته المعارضة لأفكار المرشد في بعض الأشرطة المسجلة، ودعوته لأبناء الجماعة في المغرب إلى الاجتماع من أجل إعادة انتخاب المرشد العام أو ترشيح غيره، وهو ما أزعج الشيخ ياسين، الذي قرر طرد البشيري نهائيا من الجماعة ولزوم الصمت حول أسباب الطرد. ويتوقف المؤلف عند مالية الجماعة وينتقد جمع الأموال من الأعضاء، دون تبيان أوجه صرفها، ويقول إن الجماعة ليست لها منابر إعلامية أو صحافية لتنفق كل تلك الأموال في بعضها، ويعتبر ذلك نوعا من نهب أموال الجماعة بغير حق، مستشهدا ببعض ما ورد في كتاب «المنهاج النبوي»، الذي يقول فيه الشيخ ياسين مثلا إن عضو الجماعة يجب أن يترقى في دفع جزء من مداخيله لفائدة الجماعة، إلى أن يصل إلى درجة أرقى من الالتزام المالي، تتمثل في أن العضو يقلل من مستوى عيشه تدريجيا ويحول أمواله إلى الجماعة. وعلى الرغم من تأكيدات المؤلف، في أكثر من مناسبة، على التزامه أدب الحوار، إلا أنه ينزلق إلى السقوط في كيل النعوت القدحية للشيخ ياسين وجماعته، مما يفقد الكتاب أهميته العلمية ويجعله نوعا من تصفية الحسابات بين توجه سلفي وآخر صوفي.