اضطر لمغاري الصاقل، مدير وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، إلى الاعتذار مرتين، بعد وصفه للمنتخبين ب«الجهلة» خلال لقاء احتضنته عمالة سلا أول أمس لمدارسة المشاكل التي يثيرها نزع الملكية في سبيل إنجاح المشروع. مدير الوكالة وجد نفسه محاصرا بالعديد من الانتقادات من طرف البرلمانين والمستشارين الجماعيين، بسبب الإجراءات التي اتخذتها الوكالة مؤخرا، وخاصة قرارات نزع الملكية التي ستشمل آلاف الفلاحين، في ثاني أكبر عملية نزع للملكية، يعرفها المغرب، الأمر الذي أدى إلى تنظيم سلسلة من الوقفات الاحتجاجية. وكان النائب البرلماني محمد بن عطية، قد حذر الصاقل من «فتنة» غير محمودة العواقب، في حال إصرار الوكالة على انتزاع آلاف الهكتارات من الأراضي الواقعة خارج نطاق المشروع، قبل أن يضيف «من العار أن نستغل نزع الملكية لنبني ملاعب الغولف على حساب الضعفاء»، وهو ما جعل الصاقل ينفعل، ويزيح بيده عامل مدينة سلا، قبل أن يتوجه إلى النائب البرلماني بالقول: «أنت جاهل وتتحدث عن أمور لا تعرف عنها شيئا»، تم استدار موجها خطابه إلى الجميع: «لست هنا لأتلقى الدروس من أحد ولن أسمح بتخريب المشروع أو التشويش عليه». ورغم المحاولات التي قام بها عامل سلا لتهدئة الوضع، ثار المدير في وجه الجميع، واتهم مسؤولي سلا بأنهم عاجزون حتى عن حماية الأسوار التاريخية التي امتلأت بالأزبال وروائحها الكريهة، وكذا مسؤوليتهم عن انتشار البناء العشوائي، مؤكدا أنه يتوفر على صور فضائية تثبت تغاضي السلطة عن البناء في حافة مطلة على المشروع، وهي مهددة بالانهيار في أية لحظة. وكان عدد من البرلمانين قد طالبوا الوكالة بتبرير خروجها عن النطاق الجغرافي المحدد قانونا للمشروع باسم الملكية العامة، في حين أن المشروع يتضمن فنادق ومنشآت سياحية، وهو ما فسره الصاقل، مدير الوكالة، مرة أخرى ب»جهل الناس بطبيعة المشروع الشمولية»، والتي ستتضمن أيضا بناء مدارس، ومستشفيات، في مشروع بمواصفات دولية سيستمر على مدى عشرين سنة، وأكد على أن قرار نزع الملكية لن يهم جميع الأراضي، حيث ستختار الوكالة ما يصلح منها فقط، وأن نزع الملكية جاء لحماية المنطقة من زحف البناء العشوائي، وتوفير أجواء ملائمة للمستثمرين. ولم يقدم الصاقل، الذي كان يغادر القاعة بين الفينة والأخرى لضبط أعصابه قبل العودة من جديد، أي توضيحات بخصوص المراحل التي وصل إليها المشروع، واكتفى بالقول بأن الأشغال تسير بشكل جيد في الترامواي والقنطرة والنفق وميناء الصيد التقليدي، قبل أن يختم بأن الوكالة ليس لديها الإمكانيات المادية لتنفيذ الشطر الثاني من المشروع، مما يؤكد الأخبار التي تحدثت عن عزوف المستثمرين عن مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، ويفسر الوتيرة البطيئة للأشغال التي بقيت محصورة في جزء صغير من ضفتي النهر، في الوقت الذي يستعد فيه المتضررون من قرارات نزع الملكية، لتنظيم وقفة احتجاجية أخرى يوم الجمعة بكارودنة وسط مدينة سلا. وهدد عدد من البرلمانين والحضور بمغادرة القاعة احتجاجا على ما وصفوه بالطريقة غير اللائقة التي تصرف بها مدير الوكالة، وأكد محمد زويتن، نائب برلماني، أن الصاقل «خرج عن حدود اللياقة والأدب»، وأضاف: «لقد تفوه بكلام يعد قذفا صريحا». في حين أكد البرلماني محمد بنعطية، أن المشروع يجب أن يلتزم بحدوده الجغرافية الأولى، وأضاف أن التبريرات التي تقدم بها المدير «واهية، وتعبر عن التخبط الذي تعيش فيه الوكالة، التي تختبئ وراء المشروع من أجل سلب أراضي الفقراء». المدير اعتذر في نهاية اللقاء مرتين، وطلب من الحاضرين أن يلتمسوا له الأعذار قائلا: «راكم عارفين.. رمضان هذا».