تناول البرلمان الأوروبي في اجتماعه ليوم أول أمس الثلاثاء ملف آليات تشديد إجراءات محاربة الترويج للإرهاب على شبكة الأنترنت. وأفادت مصادر مطلعة بأن منسق الاتحاد الأوروبي لشؤون محاربة الإرهاب دعا في الاجتماع المذكور إلى «تعزيز التعاون المشترك بين الدول الأوروبية بما يضمن مساعي مكافحة الإرهاب»، مضيفة أن التدخلات تطرقت إلى تفجيرات إرهابية في أوربا، خصوصا تفجيرات مدريد التي نفذها عدد من المغاربة أغلبهم من مدينة تطوان، وتفجيرات لندن عامي 2004 و2005 التي أبانت، وفق تدخلات البرلمانيين الأوربيين، على تواصلهم عبر الأنترنت، بالإضافة إلى مغاربة العراق الذين كانوا يربطون علاقات بمؤطريهم ومجنديهم بالوسيلة ذاتها. وشدد الاجتماع على أن «دول الاتحاد الأوروبي أصبحت هدفا لشبكات الإرهاب الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة»، الأمر الذي «حذا بالمسؤولين الأوروبيين إلى التصديق سنة 2005 على استراتيجية أوروبية لدرء مخاطر الإرهاب». وحسب ما ذكره البلجيكي جيل دي كركوف، منسق قسم مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، فإن تلك الاستراتيجية ركزت على أربع نقاط رئيسية وهي: «صد الناس عن الإقبال على الفكر الإرهابي، وإجراء متابعة جنائية لجرائم الإرهاب، وحماية الحدود وطرق الإمدادات الرئيسية من أعمال إرهابية محتملة، وأخيرا تقديم الدعم للدول التي قد تتعرض لاعتداءات إرهابية». وفي ضوء هذه المخاطر، تصدر موضوع «محاربة الإرهاب» 2008 جلسة البرلمان الأوروبي أول أمس الثلاثاء، حيث ناقش البرلمانيون الأوروبيون خطر الترويج للإرهاب على الأنترنت باعتباره تهديدا جديدا زكاه تنامي إقبال التنظيمات الإرهابية على استخدام الشبكة العنكبوتية لتجنيد إرهابيين جدد، مما دفع بالاتحاد الأوروبي إلى تشديد الآليات المتاحة لديه للوقوف في وجه هذه المخاطر، خصوصا مع وجود ما يفوق 5000 موقع إلكتروني يحرض بشكل مباشر على العنف ويروج للإرهاب، وفق تقارير أمنية. وأفادت المصادر ذاتها بأن المسؤول البلجيكي أعرب، في ضوء هذه المخاطر، عن «ضرورة متابعة هذه المواقع بالوسائل القانونية»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه من الضروري أيضا خلق برنامج مضاد. وقال دي كركوف: «إن الأمر لا يتعلق بإجراءات عقابية فحسب، وإنما أيضا بإجراءات وقائية، علينا أن نظهر أن المسلمين هم ضحايا هذه الأنشطة في الدرجة الأولى»، موضحا من جهته «إنها حرب أفكار، وعلى الاتحاد الأوربي مواجهة الاستغلال السيئ للدين الإسلامي في أنشطة إرهابية». وتطرق الاجتماع إلى الإجراءات القانونية التي ستتخذ لمتابعة المتهمين بالإرهاب، كما تناول ضرورة تبادل المعلومات بين أجهزة الأمن الأوروبية لإحباط أية محاولة اعتداء. ومن جملة التدابير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب، تطبيق مذكرة الاعتقال الأوروبية التي أثبتت نجاعتها لتحل محل الاتفاقات الثنائية لاعتقال وتسليم المطلوبين، إذ تم بموجب المذكرة تسليم ما يزيد عن 2000 من المشتبه فيهم. إلى ذلك، قام الأوروبيون بوضع قائمة أوروبية للمنظمات الإرهابية والأشخاص المشتبه فيهم، لكن هذه القائمة لاتزال منذ تطبيقها في شهر ماي من سنة 2002 مثار جدل كبير، خاصة وأن الأشخاص الذين تدرج أسماؤهم على هذه اللوائح يحرمون من حرية السفر والتنقل كما تجمد حساباتهم البنكية وممتلكاتهم. وانتقد ديك مارتي، المتحدث باسم الجمعية البرلمانية في مجلس الاتحاد الأوروبي، كون هؤلاء الأشخاص لا يملكون إمكانية الدفاع عن نفسهم أو الاعتراض على قرار إدراج أسمائهم في تلك اللوائح، منبها في هذا الإطار إلى أنه «ليس بإمكان أي شخص الاعتراض على إدراج اسمه ضمن القائمة السوداء، كما لا يمكن شطب وإلغاء أسماء المشتبه فيهم مجددا من هذه اللائحة». ورغم الدعاوى الموجهة ضد اللائحة الأوروبية وأحكام المحكمة الأوروبية بشطب بعض منظمات وأسماء أشخاص من اللائحة الأوروبية السوداء، فإن القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية والأشخاص لم يطرأ عليها بعد أي تغيير. وفي هذا الإطار، يرى منسق الاتحاد الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب دي كركوف أن المجلس الوزاري الأوروبي قام بالمقابل بتحسين سياسته الإعلامية، إذ يحاول إبلاغ الأشخاص الذين أدرجت أسماؤهم على تلك اللوائح حسب الإمكان ومنحهم الوقت والإمكانية للتساؤل والتفكير في الأسباب التي تقف خلف الاشتباه فيهم، عندها يمكنهم للجوء إلى القضاء للدفاع عن نفسهم. وأجمع المتدخلون في البرلمان الأوربي في اجتماعه الأخير، على أن تفجيرات مدريد «أثارت صدمة كبيرة في الأوساط الشعبية والسياسية، ومازالت مصالح مكافحة الإرهاب في الدول الأوروبية بحاجة إلى مزيد من تضافر الجهود والمزيد من التنسيق الأمني بين دول الاتحاد الأوروبي».