أفاد جيل دي كركوف، منسق قسم مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، بأن أوروبا تستعد لمساعدة دول سماها ب«الأكثر فقرا»، لمحاربة الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة التي تواجهها، مثل المغرب والجزائر وباكستان. ونقلت وكالة «أسوشييتد بريس» الأمريكية عن المسؤول البلجيكي عن الاتحاد الأوروبي قوله بأن الاتحاد الأوربي «بصدد صياغة برنامج لمساعدة المغرب ودول أخرى على تنفيذ لوائح الأممالمتحدة المتعلقة بمحاربة الإرهاب»، حيث تم تحديد هذه البلدان بالقياس إلى ضعف قدراتها على مواجهة التنظيمات الإرهابية، وفق نفس المصدر. من جهته، أوضح مايك سميث، المدير التنفيذي للجنة مكافحة الإرهاب بهيئة الأممالمتحدة، أول أمس، أن الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة «يتعاونان معا من أجل وضع العديد من البرامج المتعلقة بدعم الجهود المبذولة من طرف الحكومات في حربها من أجل استئصال بؤر الإرهاب في شمال إفريقيا»، مشيرا إلى صعوبة إقامة هياكل خاصة بمحاربة الإرهاب في الكثير من مناطق العالم. وذكر سميث أنها عملية معقدة وأن برامج مكافحة الإرهاب «يتطلب تطبيقها في بعض الدول عصرنة جميع الأجهزة الإدارية والمالية، وهوما يتطلب الكثير من الوقت وإمكانيات مالية كبيرة». وذكر دي كركوف أن البرنامج الأوروبي «يتضمن برامج خاصة لتدريب الشرطة على مكافحة الإرهاب، وإيفاد خبراء إلى المغرب والدول الأخرى التي أشار إليها، للوقاية ضد التطرف الديني داخل المدارس»، لكنه لم يوضح القيمة المالية للبرنامج المذكور، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة قدموا مساعدات ل80 دولة في العالم تخوض حربا ضد أشكال مختلفة من الإرهاب. وأضاف منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب أن «هناك مؤسسات مالية عديدة تسمح للاتحاد بتخصيص هذه المساعدات، على غرار الصندوق الأوروبي للتنمية والجهاز الأوروبي الجديد لدعم الاستقرار». وقد أدلى مسؤولا الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة بتصريحاتهما في نيويورك بمناسبة الذكرى السابعة لأحداث 11 شتنبر، كما أن كشف هذه المعلومات يأتي في سياق اقتناع الدول الكبرى بأن «حماية مصالحها في شمال إفريقيا» يكون بمساعدة دول هذه المناطق لوجستيكيا، وبتدريب جيوشها وأجهزتها الأمنية على أساليب حرب العصابات. لكن واشنطنوالعواصم الأوروبية المعنية بالحرب على الإرهاب، تدرك أن علاقات الدول المغاربية الثنائية لا تبشر بإمكانية نجاح مقاربتها للحرب على الإرهاب، ولذلك فهي تشجع المغرب والجزائر على تطوير وتكثيف التعاون في ما بينهما في الميدان الأمني ومكافحة الإرهاب، حتى لوبقيت علاقاتهما في الميادين الأخرى تعرف توترا أوفتورا. وتعرف العواصم المغاربية أنها مستهدفة من طرف الجماعات الأصولية المتشددة، وأن كلا منها بحاجة إلى دعم أمريكي وأوروبي لمواجهة خطر الإرهاب الذي ضرب الجزائر والدار البيضاء بأشكال مختلفة، لكنها أيضا لا تريد أن تؤجج غضب المتشددين، والذين يرفعون الإسلام شعارا ويشحذون في الذهن العربي الصورة المقيتة للغرب عموما، وللولايات المتحدة خصوصا، إن كان في بعض أشكال التطبيع أوالانحياز شبه المطلق إلى إسرائيل، أواحتلال العراق وكوارثه على بلاد الرافدين، أواحتلال أفغانستان وآثاره، وكيف ينظر المواطن المغربي القلق والغاضب من وضعه الاجتماعي والاقتصادي إلى أي تعاون مع واشنطن. فالمغرب يدرك أن بعض مواطنيه قاتلوا في أفغانستان، ويقاتلون في العراق، وشاركوا في هجمات انتحارية وعنف استهدفت مدريد ولندن، وشنوا هجمات انتحارية داخل المغرب، كما أنه مازال يفكك خلايا، كانت تستعد، وفق الرواية الرسمية، لشن هجمات أخرى، لكنه يفكر في انعكاس التواجد الأمريكي العسكري والأمني وضبط ومراقبة هذه الأخيرة للبرامج الدينية في المقررات المدرسية، في علاقاته مع باريس ومدريد، وتسابقه على كسب ود مختلف الأطراف الدولية المؤثرة في المنطقة، في إطار تنافسه وأحيانا صراعاته الثنائية مع الجزائر. وقد رفضت الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا، والدول الغربية الكبرى مد المغرب بعتاد حربي لمكافحة الإرهاب في وقت سابق، بدعوى أنها لا تضمن الأهداف الحقيقية التي قد تستعمل من أجلها ترسانة الأسلحة المطلوبة والمخصصة لمحاربة الإرهاب الإسلامي. من جهتها، قررت الجزائر يوم أول أمس رفع ميزانية وزارة الدفاع إلى أكثر من 383 مليار دينار، أي ما يعادل 6.25 ملايير دولار أمريكي، خلال السنة المقبلة 2009. وكشف بيان توزيع الميزانية السنوية القطاعية للسنة المقبلة 2009 أن ميزانية وزارة الدفاع تضاعفت ثلاث مرات مقارنة مع 2008، حيث لم تتجاوز 2.5 مليار دولار أمريكي، وذلك بهدف مكافحة الإرهاب، فيما تقول مصادر أخرى إن رفع ميزانية الدفاع يعود إلى سباق التسلح الكبير الذي تخوضه الجزائر مع الرباط في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد طفرة أثمان البترول في السوق العالمية، والتي ضخت في الميزانية المالية الجزائرية أكثر من 53 مليار دولار خلال الثمانية أشهر الأخيرة من هذه السنة.