كتب الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم قصيدة «رسالة رقم 1» وهو في معتقل طرة الشهير في سنة 1977، لقد كان نجم ضيف سجون بامتياز، ومن سجن طرة الشهير أو ليمان طرة ما يسميه الإخوان في مصر مرت النخبة السياسية والثقافية في مصر. والقصيدة تحتفل وتؤرخ لذكرى انتفاضة 18 يناير من سنة 1977 التي خرج فيها الشعب المصري وقواه الحية إلى الشارع، والتي تم فيها قمع الحركات الاحتجاجية واقتيد الكثير من رموز الشارع السياسي والثقافي المصري إلى أقسى السجون في مصر، ألا وهو ليمان طرة، ومن هؤلاء الذين مروا من هذا السجن أو عادوا إليه بالأحرى شاعر ضمير الشعب المصري أحمد فؤاد نجم. يوجه نجم تحية من داخل الزنزانة إلى هذا الشعب المكافح والمناضل، وتغني بشبابه الأبي وبناته الفتيات، ويطلب من نسيم السجن أن يميل على الأشجار ويبلغها السلام. قصيدة «رسالة رقم 1» هي قصيدة في غاية الأناقة وتذكر بالأسلوب الشعري الرشيق للشاعر أحمد فؤاد نجم وبقدرته الفائقة على التقاط التفاصيل، وعلى النفاذ إلى أعماق الشعب. فهو الشاعر الكبير الطالع من اليومي، وهو الرجل الذي كان يجده الناس في الصفوف الأولى للمظاهرات والاحتجاجات من أجل حياة كريمة، ولقد ظل على هذا المنوال إلى اليوم، وما تصريحاته في السنوات الأخيرة وسخريته من طريقة التدبير السياسي لمقدرات الشعب المصري، وخروجه إلى الشارع مع جيل الشباب من السياسيين وأبناء مصر من أبناء حركة كفاية، إلا أدلة على تناسق وقوة موقف شاعر لم تهزمه السنون ولا أعاقه المرض على أن يكون دوما في الموعد الشعبي، بقصيدته الملعلعة، وبصوته المميز، ونظرته الثورية إلى الأمور. كل قصائد أحمد فؤاد نجم لها قصة، ووراءها سبب مباشر دعا إلى كتابتها، لم يكن نجم يجلس في شرفة البيت ويكتب متأملا الجماهير من فوق، بل كان يسير حيث تسير الناس في زمن لم تكن تميز فيه السلطة السياسية العربية بين مثقف ورجل شارع من العوام، ولم يكن أبدا يهمها أبدا شيء اسمه الثروة الرمزية لمبدعيها. لذلك كان نجم نزيلا معروفا في ليمان طرة، وطرة اسم حي مشهور من أحياء المعادي وهو ينقسم إلى 3 مناطق طرة البلد وكوتسيكا وطره الإسمنت ومن أشهر معالمها سجن طرة ومسجد عبد المنعم رياض الذي تأسس في عام 1969 ومدينة الإخاء، وطرة الإسمنت التي يوجد بها مصنع إسمنت بورتلاند طرة. وسجن طرة اسم عريق في تاريخ الحريات في مصر، ارتبط دائما بالسجن وما يصحبه من سوء المعاملة والتعذيب. الاقتراب من سجن طرة يعني أن ترى أشهر ليمانات مصر على الإطلاق إلى جانب أكثر من سجن عمومي محاطة جميعا بالرقابة المشددة، وقد دخل هذا الحبس عدد كبير من سجناء الرأي بمختلف مشاربهم السياسية والثقافية من يساريين وشيوعيين وإسلاميين وليبيراليين. منطقة سجون طرة تضم داخلها 7 سجون ويحيط بكل سجن سور وتحيط بالمنطقة عدة أسوار ويوجد بينها عدة نطاقات أمنية على مدى 24 ساعة وكمائن ثابتة ومتحركة. كما يتم اتخاذ تدابير أمنية عالية داخل السجن ويتم إغلاقه تماما مع آخر ضوء ويمنع دخول أو خروج أي شخص حتى لو كان أحد ضباط السجن أو جنوده إلا بإجراءات طويلة ومعقدة ولا يتم فتح بوابة السجن أو الزنازين إلا مع بداية اليوم التالي في تمام الساعة الثامنة صباحا. هذا هو سجن طرة الذي نزل فيه أحمد فؤاد نجم ضيفا ومنه كتب «رسالة رقم 1» في اعتقاد راسخ بأنه سيظل طويلا. مقاطع من قصيدة «رسالة رقم 1» كل ما تهل البشاير من يناير كل عام يدخل النور الزنازين يطرد الخوف والظلام يا نسيم السجن ميل ع الشجر وارمي السلام زهر النوار وعشش فى الزنازين.. الحمام من سكون السجن صوتي نبض قلبي من تابوتي بيقولولك يا حبيبتي كلمتي من بطن حوتي سلمى لي ع الحبايب يا حبيبتي سلمى لي كل حب وله نصيبه من سلامي بلغي لي احضني العالم عشاني بين عيونك وابعتي لي نظره منها اشوف حبايبي واشفي قلبي واسأليلي كل عالم في بلدنا كل برج وكل مئدنة كل صاحب من صحابنا كل عيل من ولادنا حد فيهم شاف علامه من علامات القيامه قبل ما تهل البشاير يوم تمنتاشر يناير لما قامت مصر قومه بعد ما ظنوها نومه تلعن الجوع والمذله والمظالم والحكومه؟ سلمي لي ع الولاد السمر خضر العمر في عموم الحواري سلمي لي ع البنات المخطوبين في المهد لسرير الجواري واسأليلي بالعتاب كل قاري في الكتاب حد فيهم كان يصدق بعد جهل بعد موت إن حس الشعب يسبق وأي صوت هي دي مصر العظيمه ياحبيبتي هي مصر اللي فضلتي ف هواها عشنا على ألف قصر هي دي يا عزة مصر.