الرباط: التهامي بورخيص أحيى الفنان والشاعر أحمد فؤاد نجم أمسية شعرية بالمكتبة الوطنية بالرباط يوم 24 فبراير 2009، والتي نظمتها وزارة الثقافة وبيت الشعر بالمغرب. وحضر الشاعر مرفوقا بابنته زينب والعازف المغربي محمد الأشراقي اللذين سطعا كنجمين في الأمسية بقيادة فؤاد نجم الذي لم تثنيه السنون السبعون، عن التألق في الأمسية، بل جعلته تجربته يعزف نغم الكلمة بكل أريحية ويتهادى كفراشة فوق الخشبة ممتعا الحضور باللحظة الجميلة والساخرة من الواقع العربي، بلغته الشفيفة التي عرت ببطء المشهد السياسي المصري، وحرصت على أناقتها وتوهجها الشعري، كما ارتفع الشاعر بالعامية إلى درجة الشعر وانتصر لها بدفاعه عن قيم الحرية التي كلفته حياته حيث وهب نصفها في زنازن السجون والمعتقلات. في بداية الأمسية رحب الفنان بابن بن بركة (البشير) وكانت تحية خاصة فقال: «أرحب بالبشير بن بركة ابن المناضل المهدي الذي يحضر بيننا والذي اغتالته الرجعية المغربية، ولدينا مثلها في مصر «بتسيق مع الموساد و CIA، وهما من أقزام المخابرات في العالم». معتبراً إسرائيل وأمريكا دولتين تنشران الخراب والدمار والموت في العالم، «لكن المهدي مازال بيننا حيا ويتذكره كل الناس». ثم غنى أغنية على القضية الفلسطينية مندداً بالإجرام الإسرائيلي في غزة، وكانت الأغنية من توقيع ابنته زينب يقول مقطع فيها: ياحبابي يا الغزاوية / يا وجع الأمة العربية/ لا انتو حماس ولا عباس/فلسطين هي القضية/فلسطين هي الضحية. وفي موقف ساخر من قناة الجزيرة ومن البرنامج الذي يقدمه محمد حسنين هيكل معتبرا نفسه وطنيا، بينما يتقاضى خمسة دولارات عن كل كلمة والعداد يحسب! على امتداد إقامة حسين هيكل في السلطة لحوالي 18 سنة، يتذكر أحمد فواد نجم حادثة وقعت له في معتقل طره حيث التقى بمهندس في القوات المسلحة الحربية، قال له إنه التقى بهكيل وزج به لأنه قال له أنهم يتدربون بالذخيرة الحية لمدة 18 ساعة من 24 مما يكلف خسائر تقارب 25% ويذكر نجم أن هيكل أو السيد «ميكي» كما لقبه الشاعر، سأله: «أنت اسمك إيه»، في المساء كان فؤاد بصحبة المهندس في المعتقل قصيدة سماها «ميكي» يقول فيها: بصراحة يا أستاذ ميكي/أنت رجعي وتشكيكي. قاعد تلهفظ وكلامك رومانتيكي/تبحث عن الحل السلمي والتكتيكي /اللي صراحة اننا في الوقت ذا دايخين دوخة بلجيكي/ بلادنا لسه جريحة وتصرخ بالافريكي/ والشعب يقول بلادي بالروح بالدم نفديكي/ وحاجات تحصل في بلادنا/وأنت كأنك موميا للسلطان الانتيكي/ أحياها الاستعمار الأمريكي / طلعت على اسم ميكي. كما أسعفت الشاعر ذاكرته، فاستحضر قضية «كلب أم كلثوم» ويحكي: «في ذلك الوقت وفي عز الشعارات الاشتراكية والعدالة الاجتماعية والحرية، نشرت الجرائد وبالحرف الواحد تحقيقا حول كلب أم كلثوم، حتى أني تصورت أن الصحافة تريد أن تقول إن أم كلثوم عندها كلب ونحن لا نعلم، أو كأنه كلب مناضل وعندو قضية». وتعود قصة هذا الكلب الذي عض شابا كان يزاول الرياضة هو وأصدقاؤه أمام فيلا أم كلثوم فذهبوا إلى القسم حيث تم فتح المحضر الذي أحيل على النيابة، وهنا قال رئيس النيابة العامة: «حيث أن الخدمات التي قدمتها أم كلثوم إلى الدولة كفيلة بأن تعفيها هي وكلبها من ذمة التحقيق» ويضيف فؤاد نجم «رئيس النيابة العامة الآن مرمي في السجن، بتهمة اللصوصية» كما أن الصحف بعد أسبوع من هذه الحادثة نشرت صحيفة الثورة روبورتاجا وأضافت تصريحا للشاب ، ضحية الكلب يقول فيه: «أنا سعيد لكوني عضني كلب أم كلثوم». بهذه السخرية العالية والجرأة الغير معتادة، انطلقت ذاكرة الفنان فؤاد نجم في استنطاق المخبوء وأصرت على تعريته في وضح النهار.