يتوقف محمد بينيني اللاعب الدولي السابق ومهاجم الرجاء البيضاوي في منتصف الستينات وبداية السبعينات، عند محطة هامة في المواجهات المغربية الجزائرية، حيث يرصد جانبا من وقائع مباراة هامة بين الجارين برسم إقصائيات الألعاب الأولمبية التي أجريت سنة 1972 بميونيخ الألمانية. كان المناخ السياسي المسيطر على العلاقات المغربية الجزائرية فيه الكثير من الغيوم، وكانت المباراة أشبه بحرب باردة بين القطرين، بل إن هزيمة المغرب في العاصمة الجزائرية أغضبت المغاربة وجعلت الإياب شأنا ملكيا. يروي اللاعب بينيني تفاصيل هذه المعركة السياسية الملفوفة في ثوب رياضي: «لم نكن نعتقد بأننا سنخسر مباراة الذهاب في العاصمة الجزائرية لأن منتخبنا كان قويا، بل إننا سيطرنا منذ الوهلة الأولى على مجريات اللقاء وهددنا مرمى الحارس الجزائري في أكثر من مناسبة، كان الملعب مليئا بالجماهير وكان الحماس حاضرا في كل مكان، بل إن الرئيس الجزائري هواري بومدين نزل قبل المباراة لمصافحة لاعبي الفريقين، وكان يحفز الجزائريين على الفوز في مباراة العمر، تمكنت من توقيع الهدف الأول بضربة رأسية إثر زاوية نفذها اللاعب سعيد غاندي، وكنا ثلاثة لاعبين رجاويين ضمن تشكيلة المنتخب الوطني أنا وغاندي وبيتشو، ارتبك الخصم جراء الهدف وتراجع إلى الوراء وفي مناسبة أخرى ردت العارضة ضربة رأسية أخرى سددتها بقوة في اتجاه المرمى، لكن سيطرتنا سرعان ما تحولت إلى تراجع بعد أن سجل الجزائريون هدف التعادل، قبل أن تتوالى السيطرة الميدانية للمحليين. لم يكن الحكم المصري رحيما بالمغرب فقد أشهر ورقة حمراء في حق المدافع السليماني، بينما تواصلت هفوات الحارس علال الذي أدى أسوأ مباراة في حياته، لم يشارك أحمد فرس في هذه المباراة بسبب إصابته، بينما شعر المدرب فيدنيك بالقلق بعد أن تحول الفوز إلى خسارة. عدنا إلى المغرب وتقرر إحداث تغييرات كثيرة على بنية الفريق الوطني قبل مباراة الإياب، حيث كنا مطالبين بالفوز بثلاثة أهداف لصفر على الأقل، المهمة كما قال مدربنا فيدنيك صعبة لكنها ليست مستحيلة، تم استدعاء أربعين لاعبا ونحن على بعد أسبوعين من المباراة الحاسمة، وتم استبدال الحارس علال بالحارس المنصوري من اتحاد الخميسات مع الاعتماد على الهزاز كأساسي، كنا نقيم معسكرا في «أنفا بلاج» ونتدرب بملعب البشير بالمحمدية والملعب الشرفي، وحين ركبنا الحافلة في اتجاه الملعب صعد بدر الدين السنوسي وكان وزيرا للشبيبة والرياضة آنذاك، وهو يحمل ظرفا به ورقة كتبت تشكيلة المنتخب المغربي بخط يد الملك الراحل الحسن الثاني، وحين انتهى من قراءتها قال بأن الجو ممطر والأرضية مبللة والملك طلب من لاعبي الرجاء عدم الاعتماد على لعبهم القصير، تضم التشكيلة كلا من الهزاز والعربي وبوجمعة والمعروفي وباخا والمعطي وباموس وبيتشو وبينيني وفرس والغزواني، بينما تم الاحتفاظ بكل من الزهراوي وغاندي في كرسي الاحتياط، في اللحظات الأولى تمكنا من تسجيل هدفين بواسطة كل من بيتشو وباموس، وفي اللحظات الأخيرة حصلنا على ضربة زاوية، قبل أن أسددها قبلت الكرة ورفعتها خارج المعترك للاعب بوجمعة الذي سجل هدف الخلاص من 30 مترا، بعد يومين كتبت جريدة العلم عنوانا عريضا « حرف الباء يؤهل المغرب» في إشارة لكل من بينيني باموس بوجمعة بيتشو».