يمثل، اليوم الاثنين، أمام الوكيل العام للملك في غرفة الاستئناف الجنائية في الدارالبيضاء، 27 من عمداء وضباط ومفتشين وحراس أمن ورجال جمارك ضمن ملف يتعلق بتهجير عدد من الأشخاص إلى أوروبا بطريقة غير شرعية. وتعود تفاصيل الملف إلى شهر أبريل من سنة 2009، حينما فكّكت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الشبكة المُتّهَمة بالتهجير. وقد وصل عدد المتابَعين الذين تم الاستماع إليهم من قِبَل المكتب الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية إلى 62 موقوفا، بعدما تأكد أن الشبكة تنشط بطريقة احترافية في عدد من أماكن العبور، وخاصة منها الموانئ والمطارات، مستغلة علاقات مشبوهة مع عدد من الموظفين في مراكز حدودية، بحرية وجوية، والذين يُسهّلون لعناصر العصابة عمليات التهجير ويتقاضون مقابل ذلك مَبالغَ مالية حسب الأدوار التي يؤديها كل واحد منهم. ووفق الأبحاث التي أنجزها المكتب الوطني لمكافحة الهجرة السرية، تبيَّن أن التهجير كان يتم بواسطة وثائق مزورة لا يتم التأكد من سلامتها وفق الضوابط القانونية المعمول بها،. ويجري ختمها والتأشير عليها بطريقة اعتباطية، استنادا إلى معطيات مكانية يقع الاتفاق عليها بين أعضاء العصابة والموظفين الأمنيين والجمركيين العاملين في نقط العبور. وكشفت أبحاث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن عمليات التهجير كانت تتم بالتواطؤ مع عناصر أمنية، حيث انطلقت في سنة 2003 وامتدت إلى غاية 2009. وقد حجزت الفرقة الوطنية مجموعة من جوازات السفر المغربية والأجنبية وبطائق إقامة في بعض البلدان الأوربية ورخص سياقة ومجموعة من الصور الفوتوغرافية الخاصة ببعض المرشحين. وقد ساهم حجز حاسوبين في الحصول على أدلة تؤكد تورُّط بعض عناصر الشبكة في التهجير. وفي سياق متصل، يتضمن قرار الإحالة على غرفة الجنايات، والذي أنجزه قاضي التحقيق سابقا، جمال سرحان، أدلة كافية في حق حوالي 57 موقوفا في الملف، تمت إحالتهم، في حالة اعتقال، على غرفة الجنايات الابتدائية في الدارالبيضاء، وفق ما هو ثابت في حق كل واحد منهم، كما أمر سرحان بالإفراج عن شرطية في مطار مراكش -المنارة وعن ضابط في ميناء طنجة وجمركي في المدينة ذاتها وعدم متابعتهم بالمنسوب إليهم، كما أمر بالإفراج عن ضابط أمن آخر وجمركي في المديرية الجهوية للجمارك في طنجة باعتبار أن ما ثبت في حقهم مجرد جنحة. وكان القاضي سرحان قد تابع أفراد الشبكة بتُهَم تتعلق بتكوين عصابة إجرامية والاتفاق على تنظيم وتسهيل خروج أشخاص إلى الخارج عن طريق الاعتياد والتزوير في وثائق إدارية واستعمالها والإرشاء بغرض القيام بعمل يمثل جناية في القانون، مع إضافة جنحة تزييف أختام وطوابع السلطة العامة، كل حسب المنسوب اليه في الملف. كما وجه قاضي التحقيق إلى بعض المتهمين تهمة الاتجار في المخدرات واستهلاكها والسرقة الموصوفة، إضافة إلى جنحة التوصل بغير وجه حق بشيء خاص بالمصالح العامة. يُذكَر أن غرفة الجنايات الابتدائية كانت قد قضت بالبراءة في حق 21 من رجال الأمن المتابَعين في الملف وأدانت ثلاثة من رجال الشرطة بسنة ونصف حبسا نافذا، في حين أدانت متّهَماً واحدا بثلاث سنوات حبسا نافذا، ووصلت العقوبة في حق سماسرة في الملف إلى سبع سنوات حبسا نافذا.