جبال من الوثائق السرية تصف، بدقة، تفاصيل الحياة اليومية لمغاربة نيويورك: من البحث عن العمل إلى خلق شركة، مرورا بالمقهى، الذي يرتادونه كل يوم والحلاق الذي يقُصّ شعرهم ويُهذّب لحيتهم وكذا صالة الرياضة المسجلين فيها... هذا ما كشفت عنه وكالة «أسوشيتد بريس» الأمريكية. وقد بدأت عملية تجسس شرطة نيويورك على الجالية المغربية في المدينة، التي يبلغ عدد أفرادها حوالي 9000 شخص، مباشرة بعد تفجيرات 16 ماي 2003 في الدارالبيضاء وتفجيرات مدريد في 2004، وقد أطلق عليها اسم «المبادرة المغربية». وقد التقط رجال الشرطة السريون صورا متعددة للمطاعم التي يرتادها المغاربة، بما في ذلك تلك التي تحمل شارة «للمسلمين المتديّنين». كما رصدت وثائق شرطة نيويورك، أيضا، محلات البقالة التي يشتري منها المغاربة أغراضهم... وأثناء زيارته شقة اقتناها للتو مهاجرون مغاربة جدد، كتب أحد رجال الشرطة في تقريره أنه شاهد مصحفيْن وتقويما من مسجد مجاور. وقد كان الهدف من «المبادرة المغربية»، حسب ما أفاد عدد من المسؤولين لوكالة الصحافة الأمريكية، هو جمع قاعدة بيانات كاملة حول كل ما يتعلق بحياة مغاربة نيويورك، حيث إذا تلقت الشرطة بلاغا حول إرهابي مغربي، فإن الجالية المغربية في المدينة هي بأسرها «في متناول أيديهم». وحسب «أسوشيتد بْريس»، فقد رصدت الشرطة المسار الذي تتبعه أجيال من المهاجرين: الحصول على شقة، تعلّم اللغة الإنجليزية، إيجاد العمل والاندماج في الثقافة المحلية. وقد تحولت أنشطة، مثل الحلاقة والتدريب في قاعة رياضية، من أفعال روتينية يومية، إلى «بيانات» الشرطة. «في أمريكا، لا يمكن أن تضع الناس تحت شبهة من دون سبب وجيه»، يقول النائب راش هولت، وهو ديمقراطي من ولاية نيو جيرسي، الذي دعا وزارة العدل إلى التحقيق في شرطة نيويورك. وقد كشفت وكالة «أسوشيتد بريس» جهود وحدة الاستخبارات في شرطة نيويورك لرسم خريطة للمجتمع المسلم في المدينة ورصد الأحياء العرقية ومراقبة المساجد، حيث تعتبر «المبادرة المغربية» واحدة من برامج هذه الوحدة. ويضيف المصدر ذاته أن هذا النوع من البرامج بدأ بمساعدة من وكالة الاستخبارات المركزية «سي أي إي»، في عهد الرئيس جورج بوش، واستمرت، بدعم ضمني على الأقل، من الرئيس باراك أوباما، في الوقت الذي تحظر قوانين المدينة استخدام الشرطة العِرق أو الدين ك»عامل حاسم» لاتخاذ أي إجراءات. تضمّ إحدى وثائق الشرطة، على سبيل المثال، قوائمَ شركات سيارات الأجرة ومحلات «دانكن دوناتس» وشركات مترو الأنفاق، المعروفة بتوظيفها المغاربة والعرب، إضافة إلى صالة رياضية ومحل حلاقة. وتتضمن نهاية الوثيقة قسما حول النشاط الإجرامي ويحدد الأربع شركات، التي يعتقد أنها متورطة في تزوير وثائق الزواج وغيرها والمتاجرة في المخدرات. أما وثيقة أخرى فتصف 14 مطعما ووكالتين للأسفار يرتادها المغاربة. في محل حلاقة في حي «كوينز»، صرح أمين درهباش لوكالة الصحافة الأمريكية أنه يوافق على أن الشرطة يجب أن تُبقيَّ المدينة آمنة، لكنه يقول، أيضا، إنه، كمواطن أمريكي، يشعر أنه لا ينبغي يكون محلُّ عمله في ملفات الشرطة، لكنه يؤكد أن «الأمور يمكن أن تكون أسوأ».