عرف السجن الفلاحي عين علي مومن بسطات مواجهة دموية وقعت ظهر يوم الجمعة الماضي، بين عصابتين للاتجار في المخدرات والخمور واللتين اعتقل أفرادهما على خلفية المواجهات التي حدثت بينهما في مدينة برشيد شهر ماي الماضي، وأدت إلى مقتل شخص وجرح اثنين آخرين. وهي ذات الأحداث التي عصفت بثمانية عشر عنصر أمن بالمدينة، بعد التقصير الواضح في تطويق النزاع بين الجانبين. أفراد العصابتين، تمكنوا من فك الطوق الذي ظل يحاصرهم منذ اعتقالهم، وخرجوا إلى ساحة «القشلة» التي تتوسط ثلاثة أحياء (كري1 وكري2 وكري3)؛ ودخلوا في مواجهات مستعملين الأسلحة البيضاء. وأفادت مصادر من داخل السجن بأن الإدارة سارعت إلى تهدئة الأوضاع، وسعت إلى مصالحة الطرفين والحد من تفاعلات المواجهة. وجاء الحادث ليُفاقم الوضع المنفلت داخل سجن عين علي مومن، بين عصابات الاتجار في المخدرات، باعتباره ملاذها المفضل في المغرب. ولم تنفع محاولات خلخلة الأوضاع الداخلية لهذه المؤسسة، والجارية منذ إحداث المندوبية السامية للسجون، حيث قام المندوب حفيظ بنهاشم بزيارة مفاجئة لهذا السجن في إحدى عطل نهاية الأسبوع، تفقد خلالها بعض المرافق والأراضي المعدة للفلاحة وتربية الماشية. بعد ذلك، توالت الأنباء عن الأوضاع المنفلتة داخل السجن الفلاحي عين علي مومن، ليرسل بنهاشم لجنة تحقيق من أجل إعداد تقرير مفصل. لكن السجين الملقب ب«البقرة»، والذي يرافق المدير كحارس شخصي، تحول أثناء هذه الزيارة إلى مختل عقليا، فيما تقمص السجين الآخر الملقب ب«روميو»، والمسيطر على تجارة المخدرات داخل السجن والمتمتع بامتيازات في الإقامة والخروج من السجن متى شاء، تحول إلى سجين عادي «صادفت» زيارة اللجنة قيامه بتنظيف قنوات الصرف الصحي، فيما يعرف كل نزلاء المؤسسة أنه استمد لقبه (روميو) من إقامته لعلاقة مع إحدى بنات «الدوار»، الحي المخصص لإيواء موظفي السجن، ولم يتوان في عرض مقطع فيديويظهرها في أوضاع جنسية التقطها بهاتفه المحمول. التقرير الذي عادت به لجنة التحقيق إلى مكتب بنهاشم نفى أن يكون لهذا السجين وضع استثنائي، وكذّب أنباء خروجه المتكرر من المؤسسة السجنية؛ والفضل في ذلك، حسب مصدر من السجن، يكمن في أن اللجنة اطلعت على سجل «الكُلف» الذي يدون تاريخ خروج السجناء بضمانة من أحد الموظفين لأداء بعض الأعمال. والواقع أن اللجنة اطلعت فقط على سجلات الشهرين الماضيين، واللذين لم يغادر فيهما «روميو» المؤسسة، بناء على تعليمات صارمة من حفيظ بنهاشم خلال زيارته للمؤسسة، بعدم تمكين السجناء الذين تتجاوز المدة المتبقية من عقوباتهم الثلاث سنوات. وتتوفر «المساء» على صورة يظهر فيها هذا السجين جالسا في مقهى خارج المؤسسة، محاطا بموظفَين في السجن، ويقف خلفه سجين يعتبر حاليا في حالة فرار، تقول إدارة المؤسسة إنه تمكن من ذلك أثناء مشاركته في عملية نقل أمتعة سجناء تم ترحيلهم. اللجنة وقفت بالمقابل على الوضع الاستثنائي لزنزانة في الطابق الثالث من «الباطيما» (أحد أحياء السجن)، حيث تكفل (خ. ص.) الملقب ب «روميو» بطلاء الطابق بكامله. ويقيم رفقة أحد الموثقين في زنزانة مفتوحة على الدوام، وقالت مصادرنا إنه يتوفر على دلائل تدين المسؤولين بالمؤسسة، ما يمكنه من الضغط عليهم. إجراء آخر أقدم عليه بنهاشم يتمثل في تعيينه نائبا للمدير استقدمه من قلعة السراغنة؛ لكن ذلك لم يغير من واقع الأمر شيئا، خاصة وأن المدير مقبل على التقاعد، و«طالقها على ورقة» بتعبير لغة السجون. فيما أفاد مصدر من داخل المؤسسة بأن صفيحة من مخدر الشيرا لا يزيد ثمنها على 700 درهم و«كتاب» أوراق التلفيف (نيبرو) تباع ب10 دراهم، إضافة إلى وفرة الخمور وبأثمان تكاد تعادل أثمانها في الأسواق.