علمت «المساء»، من مصادر مطّلعة داخل مجلس المستشارين، أن حالة من الغضب تسود بين أعضاء المكتب بسبب رسالة توصل بها رئيس المجلس، محمد الشيخ بيد الله، من رئيس الحكومة، عباس الفاسي، يطالبه فيها بترشيد النفقات. وأوضحت المصادر ذاتها أن رسالة عباس الفاسي التوجيهية تعتبر خطأ تقنيا، لأن البرلمان لا يدخل في إطار القطاعات الحكومية التي تدخل تحت سلطة رئيس الحكومة. وأضافت المصادر ذاتها أن مجلس المستشارين مؤسسة تشريعية مستقلة عن الحكومة ومن بين مهامها الأساسية مراقبة الحكومة ولا يجوز لهذه الأخيرة أن توجه لها رسالة توجيهية وكأنها قطاع وزاري تابع لرئيس الحكومة، وشددت المصادر ذاتها على أن عددا من أعضاء مجلس المستشارين وجهوا انتقادات لاذعة للطريقة التي صيغت بها رسالة رئيس الحكومة خلال اجتماع مكتب المجلس يوم الاثنين الماضي. واعتبرت المصادر ذاتها أن البرلمان، كمؤسسة تشريعية ورقابية على الحكومة، يجب أن تخصص له ميزانية «محترمة» ووسائل العمل اللازمة، خاصة أن الدستور الجديد، الذي أعطى مكانة مهمة للمؤسسات التشريعية يتحدث عن الأقليات البرلمانية. وأكدت الرسالة الموجهة من رئيس الحكومة لرئيس مجلس المستشارين أن من الأولويات خلال الإعداد لقانون المالية لسنة 2012 وجوب إخضاع مختلف القطاعات الوزارية برسم قانون المالية لمنطق الترشيد والفعالية، ما يستوجب التقيُّد بتقليص نمط عيش الإدارة. وقد قدمت الرسالة حلولا لترشيد النفقات من خلال الالتزام بتفعيل بعض التدابير المرتبطة أساسا بالتحكم في كتلة الأجور وتقليص النفقات المرتبطة بحظيرة سيارات الدولة والعدول عن برمجة بنايات ومساكن إدارية جديدة وترشيد نفقات المراسلات اللاسلكية والمشتريات العمومية وعقلنة تنظيم المؤتمرات والتظاهرات وترشيد وتخفيض نفقات الإيواء والفندقة والإطعام. اعتبرت الرسالة أن من أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2012 «تفعيل الإصلاحات المؤسساتية وترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة التي وطّدها الدستور الجديد ودعم النمو الاقتصادي، عبر دعم الاستثمار العمومي الخاص ودعم الطلب الداخلي والخارجي على المنتوجات المغربية وإنعاش التصدير». كما طالبت الرسالة ب«مواصلة أجرأة الإصلاحات الهيكلية والقطاعية قصد الرفع من جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني، من خلال تحسين مناخ الأعمال ومواصلة إنجاز الإستراتيجية القطاعية التي من شأنها عصرنة وتحديث الجهاز الإنتاجي الوطني والرفع من فعاليته وتنافسيته لمواجهة تحديات الظرفية الاقتصادية العالمية وتقوية تماسك المجتمع المغربي بكل مكوناته من خلال النهوض بقطاع التربية والتكوين والصحة وتحسين الولوج إلى السكن ومواصلة برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في العالم القروي». يذكر أن رئيس الحكومة، عباس الفاسي، وجّه رسائل لوزراء الدولة والوزراء ولكتاب الدولة وللمندوبين السامين وللمندوب العام، يطالبهم فيها بتخفيض النفقات العمومية، معتبرا أنه يتعين على جميع الإدارات العمومية والمؤسسات والمنشآت العامة التي تستفيد من إعانات من الميزانية العامة أن تنخرط في الجهود المطلوبة لضبط حسن استعمال الموارد المتوفرة حاليا وتفعيل المساهمة في سياسة ترشيد النفقات، من خلال تخفيض نمط عيش الإدارة والمؤسسات والمنشآت العامة، مع الحفاظ على بعض النفقات ذات الطابع الخاص في مستواها الحالي.