سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حسن قرنفل: توريث المسؤولين مناصبهم لأبنائهم يدخل ضمن إعادة الإنتاج الاجتماعي أستاذ علم الاجتماع قال إن هناك رجال سياسة يرغبون في تمكين أبنائهم للاستفادة من وضعهم الامتيازي
ما تفسيرك لتوريث الآباء المسؤولين والوزراء مسؤولياتهم لأبنائهم؟ - هذه الظاهرة تثار بشكل كبير عبر وسائل الإعلام، لأنها تعتبرها بمثابة تسهيل لمسار الأبناء في المجال السياسي. بصفة عامة، عندما يمارس الآباء مهام تخول لهم مكانة اجتماعية ووضعا ماديا وسلطة، يرغبون في أن يمارس أبناؤهم نفس السلطة ويكون لهم نفس الوضع، وهذا ما يجعل 5 إلى 10 في المائة من الأبناء يتبعون مسار آبائهم للاستفادة من تجربتهم ومسارهم. لكن، خلافا لما يعتقد، فعدد كبير من الآباء الذين يشتغلون في مجال السياسة يرفضون أن يتبع أبناؤهم مسارهم، لأن الأمر يتطلب شجاعة وقدرة على خوض المواجهات السياسية وتحمل أعباء الصراع السياسي، لكن رغبة الأبناء تكون أحيانا أقوى من رغبة الآباء، فيفضل هؤلاء الأبناء اتباع مسار آبائهم والاستفادة من تجاربهم. في حالات أخرى، هناك رجال سياسة تكون السياسة هي مورد رزقهم، كما توفر لهم السلطة، لذلك يرغبون في تمكين أبنائهم من الاستفادة من وضعهم، فيعمدون إلى تسجيل أبنائهم في الأحزاب التي ينتمون إليها، ويدعموهم ويساعدوهم في التدرج في هياكل الحزب ويميزونهم ويقدموهم في الانتخابات. عموما، هذه الظاهرة تبقى معقولة في المغرب، على اعتبار أن رجال السياسة، بصفة عامة، يرفضون أن يختار أبناؤهم نفس مسارهم. هل الأمر مرتبط بعقلية مغربية تحتم على الأبناء اتباع «حرف» آبائهم؟ - في مراحل سابقة، كان هناك ما يعرف بإعادة الإنتاج الاجتماعي، والذي يجعل المواقع الاجتماعية شبه ثابتة، لأن الابن في كل الحالات يرث أباه وحرفته التي يمارسها، على اعتبار أنه في السابق لم تكن هناك مؤسسات تعليمية تلقن الأبناء معارف جديدة، وبالتالي يكون الأب هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يعلم ابنه مهنة معينة، وهذه مسألة عادية وحاضرة في جميع دول العالم. لكن هذا الأمر تقلص مع ظهور المؤسسات التعليمية، التي توكل لها مهمة التنشئة الاجتماعية، ورغم ذلك مازالت هناك بقايا هذه المظاهر السابقة. ونفس الأمر ينطبق على ميادين أخرى مثل الفن والطب، على اعتبار أن الآباء يعتبرون أن مهنهم توفر لهم وسائل العيش، وبالتالي ستوفر نفس الوسائل لأبنائهم. عنصر أساسي آخر هو أنه، في الغالب الأعم، يكون الأب هو القدوة للابن والأبناء الذين يرغبون في الاقتداء بآبائهم. لكن، هل يمكن لهذه الظاهرة أن تقضي على الطرق المنطقية في عملية تجديد النخب، والمرتكزة على الديمقراطية، وبالتالي تكرس لعقلية توريثية؟ - بدون شك، خاصة حين يتعلق الأمر بأبناء لا يتوفرون على شروط ومواصفات تمكنهم من تحمل المسؤولية، ويكون دعم الآباء لهم في إطار الترقي السياسي، وهذا الأمر ينتقص من العمل السياسي والحزبي خاصة، كما يرفع من سقف الاحتجاجات ضدهم.