لا تخلو السفريات إلى الدول الإفريقية من مخاطر تبدأ من مواعيد الرحلات التي لا تعير اهتماما لعامل الزمن، وتنتهي أحيانا في أقبية الشرطة، لم يكن العضو الجامعي محمد مفيد يدرك أن تعيينه مندوبا لمباراة دولية في نواكشوط قد يحوله إلى شخص محاصر في فندق لا يبعد إلا بأمتار قليلة عن مقر الرئاسة، فقد كانت محاولة انقلابية مفاجئة سببا لتمديد المقام في الجارة موريطانيا، مفيد يروي تفاصيل حكاية مرت عليه أربع سنوات. «عينني الاتحاد الإفريقي مندوبا لمباراة دولية برسم تصفيات كأس إفريقيا 2006 بين موريطانيا وكينيا، وصلت إلى نواكشوط قبل إجراء المباراة بمتسع من الوقت، قمت بالإجراءات اللازمة حيث زرت مقر إقامة الفريق الزائر وتعرفت على ظروف وصوله وإقامته، كما رتبت للاجتماع التقني وزرت الملعب الرئيسي الذي احتضن المباراة، كما لازمت طاقم التحكيم طيلة الأيام التي سبقت المباراة التي دارت يوم الجمعة بعد الزوال، انتهى اللقاء بالتعادل السلبي ولم أسجل كمندوب أي حدث غير عادي فلا احتجاجات ولا اعتراضات، في اليوم الموالي قمت بزيارة لميناء صيد السمك وعشت غنى الثروة البحرية لهذا البلد، وفي مساء اليوم ذاته تلقيت دعوة استضافة من أصدقاء في السفارة المغربية في نواكشوط، استمر السمر إلى حدود الساعة الحادية عشرة ليلا، ونظرا لالتزامي بالسفر في صباح الأحد فقد اعتذرت للإخوان وعدت إلى الفندق الذي يسمى فندق حليمة، بعد أن سلمت أمتعتي وجواز سفري لأحد الأعضاء في الجامعة الموريطانية الذي كان من المقرر أن ينهي مبكرا إجراءات السفر، دخلت إلى الغرفة وهيأت نفسي للمغادرة، وقبل أن أنام تابعت القناة الموريطانية، لكنني سمعت طلقات نارية اعتقدتها في بداية الأمر مجرد طلقات عيار من مسدس الشرطة، لأنني لاحظت وجود حواجز أمنية في العاصمة، لكن الأمر أخذ منحى آخر، حيث تحولت العيارات النارية إلى قذائف المدفعية، حينها صعدت إلى سطح الفندق وشاهدت مباشرة الهجومات التي تعرض لها مقر الرئاسة الذي لا يبعد إلا بأمتار قليلة عن الفندق، على الفور نزلت كبقية المقيمين في الفندق إلى غرفة الإرشادات لكن الموظف كان نائما لا علم له بما حصل، وبعد فترة أخبرناه بما وقع، قبل أن تصل إلى الفندق مالكته وهي سيدة مغربية تدعى حليمة القباج، طمأنتنا وأكدت بأن موريطانيا اعتادت على مثل هذه الأمور، وعلى الفور كونا ما يشبه بجمعية القاطنين في الفندق وهم من جنسيات مختلفة، وبدأت المقترحات خاصة من متسابقي الرالي الذين اقترحوا علي السفر عبر نواديبو برا، لكنني رفضت وعشنا ليلة بيضاء داخل الفندق نبحث عن أخبار تشفي غليلنا لكن كل القنوات كانت بعيدة عن الحدث وحدها قناة الجزيرة هي التي قدمت خبرا عابرا عن محاولة انقلابية، في نفس الليلة اتصل بي الإخوان وأكدوا لي بأن السفر قد ألغي وأن الطائرة التي كانت قادمة من مالي صوب المغرب لن تتوقف في مطار نواكشوط، بعد يومين تم القضاء على المحاولة الفاشلة وخرج الشعب إلى الشوارع بل وأقيم مهرجان في الملعب الرئيسي شاركت فيه كمتفرج وليس كمندوب كما كان عليه الأمر في ما قبل».