طالبت ألمانيا مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة بعد أحداث يوم الأحد الأخير في مدينة حماة السورية، وأدانت حكومات أوربية العنف المفرط الذي استخدمه نظام الأسد لإخماد الاحتجاجات في هذه المدينة. ومن المنتظر أن يوسع الاتحاد الأوربي نطاق العقوبات ضد سوريا، في حين تتسبب الخلافات داخل مجلس الأمن في تعطيل التوصل إلى قرار إدانة لسوريا بسبب تهديد الصين وروسيا باستعمال حق النقض ضد أي قرار متوقع. وتزايدت الدعوات إلى عقد جلسة طارئة، يوم أمس الاثنين، في مجلس الأمن الدولي بعد مقتل قرابة 140 شخصا بأيدي قوات الأمن السورية، في أحد أكثر الأيام دموية منذ بدء التظاهرات المعارضة للنظام قبل أربعة أشهر. وقال ناشطون حقوقيون إن حصيلة يوم الأحد تشمل مائة قتيل، على الأقل، عندما اقتحم الجيش مدينة حماة التي شهدت في 1982 قمعا عنيفا لتمرد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ضد الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد الرئيس بشار الأسد، مما أسفر عن سقوط عشرين ألف قتيل، حسب تقديرات. وصرح رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره في لندن، بأنه «أحد أكثر الأيام دموية» منذ بدء الحركات الاحتجاجية في 15 مارس. وقال ناشطون إن 136 شخصا، على الأقل، قتلوا أول أمس في سوريا، وتوقعوا ارتفاع الحصيلة نظرا إلى العدد الكبير للجرحى. وأعلن مصدر رسمي أن الرئيس السوري بشار الأسد هنأ، في كلمة له يوم أمس الاثنين، الجيش السوري «الوطني» في الذكرى السادسة والستين لتأسيسه. وقال الأسد حسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا): «أقدم لكم أطيب الأمنيات وأحر التهاني بمناسبة الذكرى السادسة والستين لتأسيس جيشنا العربي السوري الذي كان، منذ اللحظات الأولى لولادته، رمز الجيش الوطني الملتزم بقضايا الأمة». وأضاف: «أحييكم جميعا تحية المحبة والتقدير وأنتم تجسدون مواقف الشمم والكبرياء والانتماء الخالص إلى بلدنا المفدى سوريا العربية». من جهته، طالب وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، يوم أمس الاثنين، ب«مزيد من الضغط الدولي» على سوريا، رافضا في الوقت نفسه إمكانية تحرك عسكري برعاية الأممالمتحدة في هذا البلد. وقال هيغ لإذاعة ال«بي بي سي»: «نريد مزيدا من الضغط الدولي، وبالتأكيد ضغط فعلي لا يمكنه أن يأتي من الدول الغربية وحدها»، في دعوة ضمنية للدول المعارضة إلى اتخاذ قرار ضد دمشق. وأضاف أن «هذا يشمل الدول العربية وتركيا التي كانت ناشطة جدا في محاولة إقناع الرئيس الأسد بالإصلاح بدلا من القيام بهذه الأعمال المروعة». وندد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة أوربيون بالهجوم، بينما دعت ألمانيا وإيطاليا إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، وطالبت بريطانيا بممارسة «مزيد من الضغوط» على سوريا. وقد يعقد اجتماع في وقت لاحق. لكن من المرجح أن تبرز الدعوة الألمانية مجددا الانقسام العميق حول الملف السوري في مجلس الأمن الذي لم يتمكن حتى اليوم من الاتفاق ولو على بيان يدين القمع المستمر في سوريا منذ أربعة أشهر. وتمارس بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال والولاياتالمتحدة ضغوطا منذ أسابيع لإصدار تنديد بالعنف. إلا أن روسيا والصين وجنوب إفريقيا والهند والبرازيل، التي تستنكر العمليات العسكرية لحلف شمال الأطلسي على ليبيا، رفضت دعم التحرك. ولوحت روسيا والصين باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تبني أي قرار رسمي ضد الأسد. ووصف الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أعمال العنف في سوريا بكونها «مروعة»، متوعدا بتصعيد الضغوط على نظام الأسد. وأشاد في الوقت نفسه بالمتظاهرين «الشجعان» الذي خرجوا إلى الشوارع. وقال أوباما: «في الأيام المقبلة، ستواصل الولاياتالمتحدة زيادة ضغوطها على النظام السوري والعمل مع آخرين في أنحاء العالم لعزل حكومة الأسد والوقوف مع الشعب السوري». وصرح دبلوماسي أمريكي في دمشق ل«البي بي سي» بأن العنف في حماة «حرب فعلية» وعمل ينم عن اليأس. وقال جي جي هاردر، الملحق الصحافي في السفارة: «توجد عصابة مسلحة كبيرة واحدة في سوريا، اسمها الحكومة السورية». وندد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالعنف الذي يمارسه نظام الأسد الذي رفض تلقي اتصالات الأمين العام لأسابيع عدة، حسب المتحدث باسم هذا الأخير. وأعربت تركيا عن «أسفها العميق وخيبة أملها (...) إزاء التطورات الحالية عشية شهر رمضان المبارك». وصرح عبد الكريم الريحاوي، رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن «مائة مدني قتلوا يوم الأحد في حماة برصاص قوات الأمن التي رافقت الجيش لدى اقتحامه مدينة حماة». وحدد رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، عمار قربي، حصيلة القتلى في حماة ب95 شخصا، بينما قال عبد الرحمن إن 47 شخصا، على الأقل، قتلوا هناك. وأقال الرئيس الحالي محافظَ حماة بعد تجمع 500 ألف شخص في المدينة في الأول من يوليوز للمطالبة بإسقاط الحكومة. وقتل 1583 مدنيا، على الأقل، و369 من الجيش والقوات المسلحة منذ أواسط مارس في سوريا، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.