وصف القيادي في العدالة والتنمية الدكتور سعد الدين العثماني ما وقع في مدينة حماة السورية أول أمس الأحد بكونه «مجزرة فظيعة» مضيفا في تصريح ل»التجديد» أن الوضع في سوريا «لا يمكن السكوت عنه سواء من جانب الدول العربية أو الإسلامية أوالمنظمات الدولية وكذا مجلس الأمن والدول الأوربية». وكان 150 شخصا بينهم 130 في مدينة حماة السورية قتلوا برصاص قوات الأمن أول أمس الأحد حسب ما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية، فيما سقط العشرات من الجرحى إصابة أغلبهم خطرة خلال اقتحام قوات من الجيش لعدة مدن سورية، واعتقل أكثر من 300 شخص في ريف دمشق. ودعا العثماني العالم إلى التدخل العاجل والضغط على الحكومة السورية لوقف استعمال العنف ضد المدنيين واحترام إرادة الشعب السوري الذي يضحي يوميا بأبنائه، مؤكدا على أن الدول العربية والإسلامية مطالبة في الوقت الراهن ببناء « موقف عربي مشترك في إطار الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي « موضحا أن هذه المنظمات ينبغي أن تعبر عن مواقف الدول والشعوب معا وإلا تفقد مصداقيتها. هذا وأدانت عدد من الدول الغربية حمام الدم الذي تشهده سوريا داعية الرئيس السوري بشار الأسد إلى وقف قمع المحتجين فيما دعت الحكومة الألمانية مجلس الأمن الدولي الى عقد جلسة طارئة. ووصف الرئيس الاميركي باراك اوباما اعمال العنف في سوريا بانها «مروعة» متوعدا بتصعيد الضغوط على نظام الرئيس بشار الاسد. وقال اوباما انه «في الايام المقبلة، ستواصل الولاياتالمتحدة زيادة ضغوطها على النظام السوري والعمل مع اخرين في انحاء العالم لعزل حكومة الاسد والوقوف مع الشعب السوري». وندد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه «بأقصى حزم ممكن» بمواصلة القمع في سوريا معتبرا ذلك «غير مقبول خصوصا عشية شهر رمضان». ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الرئيس السوري إلى وقف الهجوم الدموي ضد المتظاهرين في مدينة حماة الاحد، معربا عن مشاعر «الاستياء الشديد» للهجوم الذي ياتي عشية بداية شهر رمضان. وأضاف «أن مثل هذه الأعمال ضد المدنيين الذين يحتجون سلميا بأعداد ضخمة في المدينة منذ عدة أسابيع، غير مبررة». في أنقرة قالت وزارة الخارجية التركية في بيان أن «تركيا تكرر مرة اخرى دعوتها الحكومة السورية إلى وقف العمليات (العسكرية) واختيار السبل السياسية والحوار والمبادرات السلمية للتوصل الى حل». وقالت الوزارة إن «هذه العمليات (العسكرية) لن تؤدي الى حل». في المقابل، لفتت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إلى «استشهاد ضابط برتبة عقيد وعنصرين من الجيش برصاص مسلحين في دير الزور». كما ذكرت الوكالة ان «عنصرين من قوات حفظ النظام استشهدا اليوم برصاص مجموعات مسلحة فى حماة». وأضافت الوكالة ان هذه المجموعات «قامت باحراق مخافر الشرطة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة واقامت الحواجز والمتاريس واشعلت الاطارات في مداخل وشوارع المدينة». وتشهد سوريا موجة احتجاجات منذ منتصف مارس ترفع خلالها شعارات تطالب بالحرية والاصلاح السياسي تتطور الى المطالبة ب«إسقاط النظام»، تخللتها صدامات خلفت، بحسب منظمات حقوقية، مقتل حوالى 1500 شخصا ومئات الجرحى بالاضافة الى أكثر من 12 الف معتقل . توالت التنديدات الدولية إزاء الهجوم العسكري الدموي الذي تقوم به قوات نظام بشار الأسد في مدينة حماة وسط صمت عربي مطبق. فقد أعلن الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، أول أمس، أنه «يدين بشدة استخدام القوة ضد السكان المدنيين» في سوريا، مطالبا نظام الرئيس بشار الاسد «بوقف هذا الهجوم العنيف»، كما اعلن المتحدث باسمه. وقال مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان ان «الامين العام قلق جدا ازاء التقارير الواردة من سوريا والتي تفيد بان مئات المتظاهرين قتلوا وجرحوا في حماة ومدن وبلدات اخرى في سائر انحاء البلاد». واضاف ان الامين العام «يدين بشدة استخدام القوة ضد السكان المدنيين ويدعو الحكومة السورية الى وقف هذا الهجوم العنيف فورا». وجدد بان التذكير بواجب سوريا احترام حقوق الانسان بما في ذلك حرية التظاهر السلمي، ودعا الاسد الى «الاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبه». وتابع نيسيركي أن «الامين العام يذكر السلطات السورية بانها مسؤولة بموجب القانون الدولي الانساني عن كل اعمال العنف التي تمارس بحق السكان المدنيين». من جهته، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بيان صادر عن البيت الأبيض أول أمس: «أظهر الرئيس الأسد مجددا أنه غير قادر وغير مستعد للاستجابة للمظالم المشروعة للشعب السوري واستخدامه التعذيب والفساد والترويع يضعه في الجانب السيء للتاريخ ولشعبه». واعتبر أوباما في بيان صادر عن البيت الأبيض «التقارير الواردة بشأن حماة مفزعة وتظهر الصورة الحقيقية للنظام السوري», لافتاً إلى أن واشنطن تعمل مع الآخرين لفرض عزلة على الرئيس السوري بشار الأسد. وأشار إلى أن سوريا «ستكون مكانا أفضل حينما يحدث فيها تحول ديمقراطي، ستواصل الولاياتالمتحدة في الأيام القادمة زيادة الضغط على النظام السوري والعمل مع آخرين في أنحاء العالم لفرض عزلة على حكومة الأسد والوقوف مع الشعب السوري». ووصف أوباما المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع بأنهم «شجعان». من جانبها, دعت الخارجية التركية مجددا في بيان نقلته وكالة أنباء الأناضول الحكومة السورية إلى وقف عملياتها العسكرية واختيار الوسائل السلمية والحوار والمبادرات السلمية للتوصل إلى حل، مشيرة إلى أن العمليات العسكرية لن تجلب الحل. وأعربت عن خيبة أملها الكبيرة إلى جانب العالم الإسلامي من التطورات الراهنة عشية شهر رمضان المبارك. واعتبرت الخارجية التركية أن أعمال القمع الدموية ضد المدنيين تلقي ظلالا من الشك على عزم ونية الحكومة السورية بحل القضية بالوسائل السلمية. وفي السياق, هدد وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله النظام السوري بتطبيق المزيد من العقوبات. وقال فيسترفيله في برلين: «إذا استمر عدم استعداد الرئيس بشار الأسد لتغيير المسار فإننا وبالتعاون مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي سنطبق المزيد من العقوبات». وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يخطط لتوسيع نطاق العقوبات ضد القيادة السورية، وذلك بالنظر إلى ما شهدته مدينة حماة من أحداث دامية أسفرت عن مقتل العشرات. وأوضح أنه سيتم تطبيق عقوبات بحق أشخاص آخرين مسئولين عن «جرائم عنف» ضد الشعب السوري. وطبقا للوزير الألماني فإن بلاده تعمل بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة وشركائها في المنطقة خاصة تركيا لحمل النظام السوري على التراجع. وأكد استمرار «قناعتنا الثابتة بضرورة أن يكون لمجلس الأمن الدولي رد فعل على العنف في سوريا». كما أدانت الخارجية الفرنسية بشدة «القمع المستمر» من قبل السلطات السورية، واعتبر بيان الخارجية الفرنسي أن استمرار «القمع والفظائع ضد المدنيين أمر غير مقبول» ويمكن أن يؤدي لمزيد من عدم الاستقرار والعنف خاصة عشية شهر رمضان. وقال وزير الخارجية آلان جوبيه إن المسؤولين السياسيين والعسكريين في سوريا يجب أن يعلموا أنهم سيتحملون مسؤولية أفعالهم، وأن الفظائع التي يرتكبونها ضد المدنيين لا يمكن السكوت عنها. وفي السياق ذاته نددت إيطاليا بهجوم الجيش السوري على مدينة حماة ووصفته بأنه عمل قمعي «مروع»، ودعا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إلى عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن لبحث تطورات الوضع في سوريا. وقال، في تصريح لشبكة التلفزيون الايطالية «تي جي 2»: «نطالب بأن ينعقد مجلس الأمن بشكل طارىء لاتخاذ موقف حازم جدا»، مضيفا أنه اقترح أيضا «عقد اجتماع لسفراء الاتحاد الاوروبي في دمشق». وأكد فراتيني أن النظام السوري ارتكب عملا قمعيا وحشيا أوقع أكثر من مئة قتيل»، مشددا على أن إيطاليا «تدعو إلى وقف فوري لأعمال العنف» عشية بدء شهر رمضان. كما نددت كندا بشدة ب»العنف الوحشي» الذي مارسه النظام السوري في حماة «ضد شعبه»، مؤكدة أن الرئيس السوري بشار الاسد عليه ان يختار بين قيادة الاصلاح او التنحي. وقال رئيس الوزراء الكندي ستيفان هاربر إن «كندا تدين بشدة الهجوم الاخير، العنيف والمثير للاشمئزاز، الذي شنته قوات الامن السورية على متظاهرين سلميين، ولا سيما الهجوم الوحشي على حماة». واضاف ان «استخدام القوة العسكرية بما فيها الدبابات الهجومية من قبل نظام الاسد لاسكات اصوات الشعب السوري المطالبة باصلاح ديموقراطي هو امر لا يمكن الدفاع عنه على الاطلاق». واكد رئيس الوزراء الكندي ان بلاده تطالب ايضا السلطات السورية بالافراج فورا عن «ممثل كبير للمعارضة» لم يذكر اسمه، وعن سائر المتظاهرين المعتقلين. والشخصية السورية المعارضة التي طالب هاربر بالافراج عنها هي على الارجح الشيخ نواف البشير الذي اعتقل بعد ظهر السبت الماضي بحسب اللجنة السورية لحقوق الانسان. وشدد هاربر على ان بقاء الامور على حالها في سوريا «امر غير مقبول. امام الرئيس السوري خيار واضح: إما ان يقود الاصلاح الذي يطالب به الشعب السوري وإما ان يترك مكانه ليحل محله اشخاص آخرون». وتفرض الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات تتضمن تجميد أصول وحظر دخول أي من دوله بحق ثلاثين شخصا في النظام السوري على رأسهم الرئيس بشار الأسد.