بعضها يعود إلى أسباب تتعلق بالتحرش الجنسي، وبعضها تجد تفسيرها في الصراع على المخدرات، هي قصص لجرائم قتل بشعة شهدتها بعض السجون المغربية على امتداد السنوات الماضية استخدمت فيها كل الوسائل، منها ما لا يخطر على البال، كاستعمال علب السردين الحادة وأغطية النوم، وكل ذلك بعيدا عن عيون الحراس والمسؤولين. سجين يطعن صديقه بسبب «التحرش الجنسي» في ربيع سنة 2008 استفاق المسؤولون عن سجن عكاشة بالدار البيضاء على وقع جريمة «بشعة» بعدما أقدم سجين احتياطي، من سجناء الحق العام يدعى (يوسف. ق) على قتل زميل له يدعى نور الدين حمزاوي، الملقب ب«خرباشة»، هو الآخر في حالة اعتقال احتياطي متابع في جريمة قتل. وقد وجه الجاني إلى الضحية طعنة بواسطة سكين أحدثت جرحا غائرا في عنقه إثر نشوب نزاع بينهما حول من له الأسبقية في الاستفادة من موقد كهربائي يوجد بأحد أجنحة السجن. ونجم عن هذه الجريمة التي تمت بعيدا عن أعين الحراس إصابة الضحية على إثر هذه الطعنة بنزيف دموي، قبل أن ينقل على وجه السرعة إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. وقد أشارت الكثير من الروايات إلى أن حادثة الموقد الكهربائي لم تكن سوى النقطة التي أفاضت الكأس، فالسبب الرئيس الذي أدى إلى إقدام الجاني على اقتراف هذه الجريمة هو نزاع بين السجينين يعود إلى أن الضحية خرباشة تحرش جنسيا بالجاني بعد أن لمسه من الخلف. وخلال التحقيقات اعترف المتهم بأنه تعرض في مرات كثيرة إلى تحرش جنسي من طرف خرباشة، بل سبق له أن اعتدى عليه جنسيا رفقة شخص آخر سنة 2001 عندما كانا يقضيان عقوبة حبسية أخرى. نزاع حول مشروعية الإضراب عن الطعام يتحول إلى جريمة قتل لم تكن الجريمة السابقة هي الأولى من نوعها في سجن عكاشة، فقد شهد شهر أبريل من نفس السنة جريمة قتل خطيرة نفذها شقيق سعيد بوجعدية، محمد بوجعدية (30 سنة) محكوم بسنتين في ملفات السلفية الجهادية، عندما وضع حدا لحياة زميل له بالسجن يدعى عادل تمراوي المحكوم ب5 سنوات. ووقعت هذه الجريمة بعد مشادات بين الطرفين حول مشروعية الإضراب عن الطعام الذي دخله العديد من معتقلي السلفية الجهادية في مختلف السجون المغربية وقتئذ. ففي الوقت الذي كان الضحية عادل تمراوي يعتبر أن الجميع ينبغي أن يضرب عن الطعام، فإن بوجعدية كان له رأي معارض لهذا القرار، وتطور هذا الخلاف «العادي» إلى نقاش حاد انتهى بتبادل السب والشتم واللكمات قبل أن يصاب بوجعدية بحالة هستيرية، نتيجة مرض نفسي يعاني منه، ويسارع إلى حمل سكين كبير ووضع خوذة على رأسه وتوجه نحو الضحية ووجه إليه طعنات قاتلة. قطع رأس زميله بعلبة سردين بعد«تحرش جنسي» سجون أخرى ليست بمنأى عن حالات القتل، فالسجن المركزي بالقنيطرة شهد أيضا حادثة قتل، حيث أقدم سجين بطريقة هوليودية على قطع رأس زميله بواسطة علبة سردين. وقعت هذه الجريمة بحي الإعدام بالسجن في أولى ساعات الصباح بعد خلاف شخصي بين النزيلين المحكومين بعشرين سنة سجنا نافذا. وأرجعت بعض الروايات سبب النزاع الذي نشب بين النزيلين إلى تحرش جنسي أثار حفيظة الجاني. ويبرودة دم، تقول بعض المصادر، قام الجاني بعد أن قتل زميله بتلفيف جثته ورأسه المقطوعة في غطاء وجلس إلى جانبه إلى أن حضر حراس السجن ليخبرهم بأن جثة زميله موجودة داخل الغطاء. ويبدو أن التحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية أضحت السبب الرئيس وراء العديد من جرائم القتل التي عرفتها السجون المغربية، فبمدينة الجديدة شهد الجناح المخصص لاستقبال السجناء المرضى بمستشفى محمد الخامس، جريمة قتل راح ضحيتها سجين آخر شاذ جنسيا على يد زميل له كان يرقد معه في نفس المستشفى لتلقي العلاج واضطر الجاني إلى قتل زميله بعد أن مارس عليه الجنس. خلاف حول المخدرات يؤدي إلى جريمة قتل بمركز التهذيب والإصلاح بسلا حدثت جريمة قتل راح ضحيتها نزيل يبلغ من العمر 19 سنة. وتعود دوافع جريمة القتل التي نفذها النزيل «ح.أ» خلال السنة الماضية، والذي دخل الإصلاحية في 15 نونبر 2010 ولم يصدر في حقه أي حكم قضائي بعد، في حق النزيل «م.ق» إلى خلاف بين الاثنين حول المخدرات. وقد استغل الجاني فترة خروج النزلاء للاستراحة وهاجم الضحية، الذي كان ممددا في غرفته، بواسطة سلاح أبيض. وقد حاول قطع رجلي الضحية من الكعبين ومثل بوجهه. وبعد سماع صراخ الضحية، توجه الموظفون والحراس إلى غرفته حيث وجدوه غارقا في دمائه. وحاولت الإدارة نقله بعد ذلك إلى المستشفى غير أنه فارق الحياة قبل وصوله إليه. وتفيد الروايات التي تسربت ساعتها من سجن سلا، التي صارت مسرحا لعدد من الجرائم، بأن الدافع الأساسي وراء الجريمة كان هو تصفية الحسابات والانتقام، حيث كان الضحية أبلغ موظفي السجن في وقت سابق بتوفر الجاني على كمية من المخدرات. هذا في الوقت الذي برر فيه الجاني فعلته ب«اعتداءات الضحية المتواصلة عليه وعلى عدد من السجناء الآخرين»، حيث كان يعمد إلى فرض «زعامته بالقوة»، حسب ما ورد في إفادات الجاني لدى الشرطة. وقد رجحت روايات أخرى قيام سجناء آخرين بالاشتراك في هذه الجريمة. وبعد أن حلت بالسجن فرقة أمنية وقامت بالمعاينة والتفتيش، عثر على العديد من الأسلحة عبارة عن قطع حديدية تم شحذها وربط طرفها بقطعة من الثوب لتصبح عبارة عن سيوف وخناجر، إضافة إلى مسامير، بمعدل قطعة سلاح لكل سجين داخل العنبر. ولاتزال التحقيقات جارية، إلى حد الآن، للكشف عن باقي المتورطين في جريمة تبقى دليلا على حالة الفوضى التي تشهدها السجون المغربية بعد أن تحولت إلى مناطق نفوذ موزعة بين تجار المخدرات والسلسيون وورق النيبرو وبطائق التعبئة. رفض مده بالمخدرات فنحره من الوريد إلى الوريد لم يكن يخطر على بال أحد من حراس السجن المحلي بالناظور أن يقوم أحد المحكومين بالسجن لمدة 5سنوات بنحر زميله من الوريد إلى الوريد لأنه رفض مده بالمخدرات. وتعود تفاصيل الحادثة إلى أن الجاني اعتاد أن يستفيد من كمية من المخدرات من زميله الذي كانت عائلته تدفع رشاوى كبيرة لتسريب المخدرات إلى داخل زنزانته علما منها بإدمانه، وفي كل مرة كان يرفض فيها الجاني مد صديقه بالمخدرات كان الأخير يلجأ إلى تهديده بإخبار المسؤولين عن السجن عن الرشاوى التي تقدم لبعض الحراس من أجل مده بالمخدرات. ونظرا لإدمان الجاني على المخدرات فإنه توسل إلى صديقه أن يمنحه القليل منها لكن الضحية رفض طلبه بدعوى أنه لا يتوفر إلا على كميات قليلة والحراسة باتت مشددة كثيرا ولا تتساهل مع دخول المخدرات إلى السجن، الأمر الذي حذا بالجاني إلى الاستعانة بسكين حاد ليذبح بطريقة بشعة صديقه من الوريد إلى الوريد. الصراعات «القبلية» بدورها تتسبب في جرائم القتل الظاهر أن سجن سلا أصبح مشتلا خصبا لانتشار جرائم القتل في صفوف المساجين، إذ أصبحت الشجارات المتكررة بينهم مسألة عادية داخل سجن الأحداث، فالعصابات الثلاث القوية، عصابة الرباطيين، والسلاويين، والقنيطيريين، هي عصابات قوية تتوفر على سيوف وسكاكين ومديات وشوايات حديدية تستعملها عند الضرورة. وحسب بعض المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، فإن بعض العناصر داخل الإصلاحية زكت نزعة القبلية بين النزلاء، وعملت على تجذيرها من دون أن تتدخل إلى نزع فتيلها الذي. ويتوحد المساجين في شكل عصابات تتكون على أساس الانتماء إلى منطقة معينة. وتضيف المصادر أن الصراع بين هذه العصابات يبلغ درجات قصوى قد تصل إلى القتل كما وقع في إحدى المرات. وتقول بعض الروايات من داخل سجن الأحداث بسلا أن جريمة قتل بشعة شهدتها الإصلاحية تدخل في إطار الصراع الدائم بين عصابة الرباطيين التي ينتمي إليها الضحية، وعصابة السلاويين التي ينتمي إليها القاتل. صراع حول فتاة ينتهي بجريمة قتل قصص النزاع حول الفتيات ليست فقط من اختصاص «الأحرار» بل انتقلت لتشمل بعض السجون المغربية الأخرى، ففي السجن المركزي بالقنيطرة قتل سجين صديقه الحميم بعد الصراع الذي اشتعل بينهما حول من له الأحقية في الظفر بفتاة بعد الخروج من السجن، مع العلم أن السبب الرئيس الذي أدى بهما إلى دخوله هو نفس المشكل إثر شجار نشب بينهما حول الفتاة نفسها، وقد حكم عليهما بسنتين حبسا. وحسب الروايات التي حصلت عليها «المساء» فإن الجاني وفي إحدى فترات الاستراحة دخل في حوار ودي مع صديقه لتلطيف الأجواء بينهما رغبة منه في إقناعه بالابتعاد عن الفتاة التي ينوي أن يتزوجها بمجرد أن يخرج من السجن، لكن الأخير تشبث برأيه، وتحول هذا الحوار إلى سب وقذف ولم تفلح تدخلات السجناء في ثني الجاني عن الإقدام على جريمة القتل بعدما أحكم قبضته على عنق ضحيته وخنقه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. «سبسي» يتسبب في جريمة قتل في إحدى الليالي الشتوية بالسجن المحلي بسيدي موسى بالجديدة أقدم أحد المحكومين بسنة حبسا، إثر سرقته أحد المحلات التجارية بالمدينة للحصول على المال لشراء «الكيف» الذي أدمنه منذ صغره، على قتل زميله في السجن الذي سرق منه «السبسي». فخلال فترة تواجده بالسجن كان الجاني يستفيد من بعض الكميات القليلة من الكيف التي كان يجود بها عليه أحد أفراد أسرته، وحدث في إحدى المرات أن قام أحد زملائه بسرقة «السبسي» منه، ولما أخبره أحد المحبوسين أن صديقا له هو الذي أقدم على سرقتها غضب كثيرا، وكان يتحين أي فرصة للالتقاء بصديقه الذي من المفترض أنه سرق منه «السبسي»، الأمر الذي تحقق بعد أيام قليلة من «حادثة السرقة»، ودخل في عراك حاد مع صديقه واعترف له الأخير بذلك لحاجته إليه ثم انهار عليه ب«هراوة» صغيرة على رأسه وظل يكرر ذلك مرات عديدة. وتأخر وصول الخبر إلى المسؤولين عن السجن إلا بعد أن لفظ الضحية أنفاسه الأخيرة متأثرا بالضربات القوية التي تلقاها على رأسه. عقدة نفسية تؤدي إلى جريمة قتل لم يكن يعلم أحد أن (ي.أ) ذا الثلاثين ربيعا مصاب بمرض نفسي خطير يجعل منه سجينا يشكل خطورة بالغة على زملائه في الزنزانة، تصرفاته كانت تبدو عادية جدا، قسمات وجهه استنادا إلى شهادات من عاشروه في السجن كانت توحي ببراءته مما نسب إليه، لكن مع مرور الأيام، استفحلت «عقده النفسية» الناجمة عن «اعتداءات جنسية تعرض لها في صغره». لاحظ السجناء بعض التصرفات الغريبة التي كانت تصدر منه لكنهم لم ينتبهوا إلى الأمر حتى حدث ما لم يكن منتظرا، فقد خنق الجاني أحد السجناء باستعمال غطاء النوم في حدود الساعة الثالثة صباحا. غير أن بعض المصادر أكدت أن الجاني أقدم على فعلته بعدما بات يتعرض للتحرشات الجنسية من لدن الهالك، الشيء الذي حرك فيه بعض النوازع العدائية بفعل الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها في صغره.