في خضمّ التحقيقات حول من يقف وراء هذه المجموعة، التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتفجيرات مقهى «أركانة»، حسب ما تؤكده المحاضر القضائية، انصبّت التحقيقات التي قادتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدارالبيضاء، في جزء كبير منها حول تمويل العملية التي اتهم عادل العثماني بتنفيذها. التحقيق حول مصدر 665 أورو ركزت التحقيقات على توصل عادل العثماني بمبالغ مالية من جهات أجنبية. وحسب محاضر الاستماع إلى المشتبَه فيه الرئيسي، فقد توصل الأخير، بتاريخ 5 ماي 2007، بمبلغ 665 أورو، كما توصل، يومين قبل تنفيذ العملية، أي بتاريخ 26 أبريل الماضي، بمبلغ 800 أورو، عن طريق وكالة «وفا كاش» في منطقة «الكورس» في آسفي. وتركز عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدارالبيضاء أبحاثها حول الممولين المفترَضين للمشتبه فيهم، الذين توصلت عناصر الأمن بمعلومات وصفت ب»المهمة» تخص علاقاتهم والأماكن التي كانوا يرتادونها، وحتى المواقع الإلكترونية، التي كان يبحث فيها المشتبه فيه الرئيسي، الذي استطاع صنع عبوة ناسفة متصلة بهاتف محمول، جرى تفجيرها عن بعد. ظهور «أبو الخطاب الدليمي» وفق محاضر الأبحاث التي باشرتها المصالح الأمنية المتخصصة، أشار العثماني إلى أنه ربط اتصالات عبر أحد المواقع الالكترونية الجهادية مع شخص يدعى «أبو الخطاب الدليمي»، وهو شخص لا يعرفه مباشرة وإنما تعرَّف عليه عبر الأنترنت منذ يناير 2011، ومكّنَه من معرفة معلومات حول طريقة إعداد المتفجرات والمواد المستعمَلة فيها وكيفية تهيئة العبوات الناسفة وكيفية نقلها، بعد أن أشعره أنه يريد تفجير مقهى يرتادها السياح، ف»بارك» له «أبو الخطاب» العملية ومده بكل المعلومات المتعلقة بالمتفجرات. وقد لفتت الأنظارَ أثناء التحقيقات التي قادها فريق من الخبراء والمحققين المغاربة والفرنسيين والإسبان الطريقة التي سيصل بها هؤلاء إلى الفاعل /الفاعلين، بعد تناسل العديد من الروايات، بين وقوف تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وراء التفجيرات وبين تسبب قنينات غاز في حصد أرواح 17 شخصا وغيرها من الروايات التي اختلقتها مخيلة الشارع المراكشي. وبين هذه وتلك، أضحى الجميع يتطلعون إلى معرفة الجهة الحقيقية التي هزّت مدينة مراكش وشدت أنظار العالم إليها. لكن الجميع يتطلعون كذلك لمعرفة الطريقة التي ستصل بها أو التي وصلت بها المصالح الأمنية إلى عادل العثماني ورفاقه. انطلقت التحقيقات بأخذ الشعر الاصطناعي الطويل (باروكة) كدليل أولي للوصول إلى الفاعل، وبمجرد ما أطلقت المصالح الأمنية التحقيقات حول مصدر «الباروكة» التي ألقى بها عادل العثماني في إحدى ممرات مراكش بعد تنفيذه العملية، كما أوضحت ذلك عملية إعادة تمثيل الجريمة، حتى اهتدت السلطات إلى تحدد المكان الذي اقتنى منه المتهم باروكة الشعر الأسود الكستنائي، الذي أثار انتباه السائحين الهولنديين الناجين من التفجيرات. كيف وصل المحققون إلى العثماني؟ انطلقت التحقيقات الميدانية في المسار الصحيح، رغم تسرب معلومات غير دقيقة من بعض المحققين الأجانب تفيد أن «عبد الفتاح ز.» الذي ارتبط اسمه بالأحداث التي عرفها مقهى «الحافة» في طنجة، قد يكون طرفاً في تفجير مراكش، إلا أن المحققين المغاربة، الذين أطلقوا على عمليتهم اسم «سبعة رجال»، واصلوا البحث والتحقيق لمدة أربعة أيام، بأيامها ولياليها في مدينة آسفي، في كل من منطقة «سيدي عبد الكريم» وأحياء «دار بوعودة». كما لجأ المحققون والخبراء الفرنسيون، الذين أشرفوا على التحقيقات في الأحداث الإرهابية، بعد تهافت الروايات على «الكشف» عن المنفذ الرئيسي، إلى خدمات القمر الاصطناعي (الساتيليت) بتنسيق مع الوكالة الدولية لتقنين المواصلات. وقد تم فك لغز العملية الإرهابية التي استهدفت مقهى «أركانة»، بعدما تم جمع بيانات حول المكالمات الهاتفية التي أجريت في محيط «جامع الفنا» في يوم الحادث، وتم تصفيتها إلى مكالمات مستقبَلة، أي التي تم الرد عليها، وإلى مكالمات سلبية، أي التي لم تكتمل في عملية الرد «bip»، حيث قام المحققون بفرزها وتصنيفها إلى مكالمات سلبية، أي التي تم الرد عليها، وحصرها في حيز زمني ما بين الساعة ال11 والساعة ال11 و45 دقيقة، وتم البحث والتحقيق في هوية هؤلاء أصحاب المكالمات، ليتم الاهتداء إلى المكالمة التي أجراها المتهم الرئيسي عادل العثماني مع الهاتف المحمول الذي كان مثبتا بالحقيبة التي تركها داخل المقهى، والتي تحتوي على العبوة الناسفة، حيث تم تنقيطها لدى المسؤولين وخبراء الاتصال الفرنسيين، باعتبار أن الجاني لديه اشتراك في شبكة الهاتف، وهي الطريقة التي اهتدت إلى فك لغز تفجيرات مقهى ومطعم «أركانة» في مراكش. مباشرة بعد ذلك، تم اعتقال الفاعل، الذي لم يكن سوى شاب يتحدر من مدينة آسفي، يبلغ من العمر 28 سنة ولا يتجاوز مستواه الدراسي الإعدادي. وبعد التحقيقات التي أجريت معه، اعترف عادل العثماني بالمنسوب إليه وكشف عن بعض الأسماء التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بالحادث الأليم، الذي حزنت له القلوب، بما فيها قلوب أسرة المعتقلين على خلفية التفجيرات. وهكذا بلغ عدد المعتقلين على خلفية الأحداث الإرهابية التي كانت مقهى «أركانة» سبعة معتقلين وآخر في حالة سراح.