على طول رقعة هذا الوطن العربي، وعلى امتداد المخاضات التي مر منها إنسانه من أجل التحرر والبقاء والكينونة، نواكب هذا الحراك الذي لم يفتر يوما منذ اشتعل مع أحلام النهضة العربية المؤجلة، من خلال زاوية خاصة: زاوية الكاريكاتور ومبدعيه. في هذه السلسلة ننفتح على تجارب رسامي كاريكاتور عرب سخروا ريشاتهم وفنهم للانخراط في نهضة أمتهم، غير أن حبهم لهذا الوطن لم يكن دائما ليشفع لهم ويكف عنهم الأيدي. فكثير من فناني الكاريكاتور قدموا أرواحهم فداء لريشاتهم وأفكارهم وأحلامهم، لكن الكثير منهم أيضا ألهم القراء والمتابعين وطبع ذاكرة وتاريخ الوطن العربي. في هذه السلسلة نسترجع محطات من حياة هؤلاء وفاء لهم ولفنهم النبيل.. يعد أحمد طوغان أحد أهم وأشهر رسامي الكاريكاتير العرب. ولد عام 1926 بمحافظة المنيا بمصر، وعمل في الصحافة منذ شبابه المبكر، وتنقل في العمل بين أكثر من جريدة مصرية، كما تنقل بين بلدان عربية وأجنبية خلال مشواره الفني المليء بالتجارب. التقى أحمد طوغان في حياته بالكثير من الزعماء والشخصيات الهامة، منهم تشي غيفارا، والرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي اشتهر بأنه كان يجلس معه على إحدى المقاهي في القاهرة قبل الثورة. وقد عرف طوغان برسومه السياسية المناهضة بشكل خاص للكيان الصهيوني، حتى أنه وضع على رأس قائمة رسامي الكاريكاتير المعادين للسامية. يقول أحمد طوغان في أحد حواراته عن فن الكاريكاتير: «علاقتي بالكاريكاتير تبدأ من علاقتي بالرسم عموما، وهي علاقة قديمة بدأت معي منذ الطفولة حين كنت طالبا في مدرسة الأقباط الابتدائية في مدينة ديروط المصرية. في ذلك الوقت كنت مميزا في فن الرسم، وكان مدرس الرسم يشجعني ويرى أن مستقبلي متعلق بتلك الموهبة، وكان يأتي لي بكتب عن الرسم معظمها متعلق بالكاريكاتير، فبدأت علاقتي بفن الكاريكاتير منذ هذا الوقت المبكر ولم تنته إلى اليوم». ويضيف طوغان عن عمله بالصحافة: «أول عمل لي كان في مجلة اسمها «الساعة 12»، وهي مجلة كانت تحت الطبع ولكنها لم تصدر، وكانت تجربتي فيها سيئة للغاية، وكان من الممكن أن تدفعني إلى الاعتزال قبل أن أبدأ. غير أن أحد أصدقائي شجعني على المواصلة ونصحني بعرض أعمالي على عبد المنعم رخا الذي أعجب بأعمالي، وقال لي إني سأصبح فنانا عظيما». اشتهر احمد طوغان بحسه الثوري، وشارك فى ثورتي الجزائر واليمن وزار الأرض المحتلة وعاد بمعرض عن نضال شعب فلسطين، كما حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وله العديد من المؤلفات، نذكر منها: «أيام «المجد في وهران»، و«قضايا الشعوب»، و«كاريكاتير سياسي»، و«أيام من العمر»، و«الريح الصفراء»، و«كاريكاتير طوغان».