كثيرة هي الحكايات والقصص التي رويت عن عوالم استخراج الكنوز من باطن الأرض والتي تختلط فيها الحقيقة بالخرافة برائحة «البخور» وطلاسم «الفقها» الذين روجوا لعجائب وغرائب لا يتقبلها العقل البشري ويرفضها المنطق الإنساني، ومن بينها فكرة «الزوهري»، هذه الفكرة التي يقول رجال الدين أنها من اختراع المشعوذين والسحرة الذين روجوا لها للنصب على ضعاف العقول من البشر لحثهم على استخراج كنوزهم بالحيلة، وكما يقول المثل «الحيلة حسن من العار»، لكن المشكل ليس في التحايل بقدر ما أن المشكل مرتبط بعدد الضحايا الأبرياء الذين تسفك دماؤهم وتستباح لاستخراج «الخزاين»... حالات كثيرة عرفها مجتمعنا المغربي خصوصا في القرى والمناطق النائية عن أشخاص قد يكونون صغارا أو كبارا لم ترحمهم الأيادي الباحثة عن الكنوز والتي أصبحت تندرج ضمن خانة «العصابات» بالنظر إلى المواصفات التي تطلق عليها والتي تتشابه في الغالب: سيارة سوداء يركبها أشخاص غلاظ شداد يهمون باختطاف الأطفال من أمام المدارس أو من أمام منازلهم لا لشيء إلا لأنهم يتصفون بصفة زوهري- إما في يده أو في عينيه أو لسانه وقد وصل بهم الأمر إلى الدم كذلك. حكايات يروج لها انطلاقا من موروث شعبي تناقلته الأجيال ويتداخل فيه الواقع بالخرافة والخيال، فهذه الحكايات التي حكيت لنا ونحن نقوم بإعداد هذا الملف، لا يصدقها العقل ولا المنطق وينفيها الشرع والدين، ولكن مع ذلك يصدقها الناس ويؤكدونها، فمن وراء استخراج هذه الكنوز يؤكد البعض إنه قد اغتنت العديد من الأسر، التي سخرت كل الوسائل لهذا الغرض. لطالما سمعنا عن قصص أغرب من الخيال، لا يصدقها العقل البشري، تحكي عن عصابات تقوم بسرقة الأطفال الذين تتوفر فيهم علامات خاصة من أجل استغلالهم في أعمال السحر والشعوذة التي لها علاقة بالتنقيب عن الكنوز، وكثيرة هي الحكايات التي سمعناها والتي كان القاسم المشترك بينها هو تلهف هؤلاء الأشخاص لاستخراج الكنوز كيفما كانت الطريقة وكيفما كان الثمن، حتى ولو كان طفلا بريئا ذنبه أنه ولد وجاء إلى هذا الوجود بمواصفات خاصة تميزه عن غيره من الأطفال وهي المواصفات التي تنطبق على الطفل «الزوهري»، هذا الأخير الذي قد يكون ذكرا أو أنثى قصير النظر، لا يستطيع رؤية الأشياء البعيدة، ويتميز عن باقي البشر بوجود خط متصل يقطع راحة يده بشكل عرضي، ولسانه يقطعه خط بشكل طولي، وعيناه لهما بريق خاص وبهما تمزق غير واضح على مستوى الجفن. هذا الأخير الذي يتمتع بمميزات خاصة، يتخذه بعض «الفقها» الذين يمارسون أنواعا من الدجل والشعوذة مطية لاستخراج الكنوز، وحسب بعض المقربين من هذا المجال، قد يكون الشخص حسب هؤلاء زهريا كذلك ولكن هذه المرة من خلال دمه، وهي الصفة التي لا يعرفها إلا الدجالون وبطرق خاصة جدا تعتمد في الغالب على طقوس تساعدهم في العثور على هذا النوع من الأشخاص، و في الغالب تتم الاستعانة بخدمات أطفال قاصرين دون سن العاشرة، أي قبل أن يبلغوا الحلم أو سن البلوغ، بحكم طهارتهم من ارتكاب الذنوب والخطايا، شريطة أن يكون هؤلاء «زوهريين»، حاملين لعلامة مميزة في أكف أيديهم. ولأجل ذلك يوظف هؤلاء «الفقها» جميع الوسائل والتقنيات للوصول إلى أماكن هؤلاء الأطفال، مما يجعلهم يضطرون في كثير من الأحيان إلى استعمال القوة والعنف لاختطافهم ومن تم قتلهم إن اقتضى الحال بعد أن يكونوا قد استغلوهم في العثور على «الكنز المفقود». ويعتقد كثير من السحرة والمشعوذين في المغرب أن الطفل «الزوهري» ينتسب إلى ذرية الجن، لكنه استبدل حين ولادته بمولود من بني البشر، لهذا يكون هذا الطفل مميزا ومقربا إلى الجن ولا يخشى منه، ويستطيع بحدسه العالي أن يرى أشياء لا يدركها الإنسان العادي، ومن تم دوره الرئيسي في استكشاف أماكن وجود الكنوز المدفونة في باطن الأرض و ببعض المناطق المهجورة ، ويظن الدجالون والمشعوذون كذلك أن الأطفال الزهريين يستطيعون بتلك القدرات التي لديهم أن يقتربوا من الكنوز المرصودة والمحروسة من طرف الجن ويحملونها بأيديهم دون أن يتعرضوا لأي مكروه. إنها حكايات تحكى انطلاقا من موروث شعبي تناقلته الأجيال ويتداخل فيه الواقع بالخرافة والخيال، فهذه الحكايات التي حكيت لنا ونحن نقوم بإعداد هذا الملف، لا يصدقها العقل ولا المنطق وينفيها الشرع والدين، ولكن مع ذلك يصدقها الناس ويؤكدونها فمن وراء استخراج هذه الكنوز يؤكد البعض، اغتنت العديد من الأسر التي سخرت كل الوسائل لهذا الغرض، خاصة في الأقاليم والجهات الجنوبية، التي تتمتع بأرض معروف عنها أن من عمروها كانوا أقوام يعمدون إلى كنز أموالهم في باطن الأرض ومن هذه المناطق نجد منطقة «سوس» ومنها اشتهر لفظ «سواسة» الذين يقال إنهم على دراية كبيرة بطرق استخراج الكنوز . إلا أنه في الغالب يحاط البحث عن الكنوز التي تتواجد في باطن الأرض بهالة من السرية والكتمان، فالأمر يتعلق بممارسات تستدعي قدرا عاليا من التكتم فمحترفوها قليلون ونادرا ما يعلنون عن هوياتهم وما قد يكتشفونه من كنوز لا ينبغي التصريح به بالمرة، فالجميع يعلم أن الأجداد في السابق كانوا في الغالب يعملون على ادخار أموالهم عبر دفنها في مكان ما ويضعون لذلك خارطة طريق ملغزة للوصول إليها، وكانوا يقومون بذلك بعد شعورهم بقرب الأجل المحتوم، ففي الماضي لم تكن هناك أبناك أو أرصدة مالية يكنز فيها هؤلاء أموالهم ومدخراتهم التي هي عبارة عن حلي وجواهر من المعادن النفيسة، لهذا فقد كان جوف الأرض هو المكان الآمن لتخزين هذه المدخرات. ولكن بعد مرور الأعوام يؤكد بعض الفقهاء، على أن تلك الأماكن أصبحت محروسة ولاستخراج تلك الكنوز يجب أن يتم تحضير مجموعة من الطقوس لإنجاح عملية التنقيب ولتتويجها بالعثور على مكان الكنز واستخراجه، بدءا من المكونات التي يتم جلبها في الغالب من الدول الأسيوية، والتي ترتكز أساسا على البخور وماء الورد والزعفران...أما الأطفال الزوهريون فإنهم الوسيلة التي تعد بحسب الفقهاء، جد أساسية بالنسبة لهؤلاء لإكمال المهمة ولهذا يعمدون في الغالب إلى اختطافهم وتقديمهم كقربان حتى يتمكنوا من العودة سالمين بعد أن يحصلوا على مبتغاهم من الكنز. وفي هذا الصدد نجد أن عددا من الحقوقيين المغاربة نددوا بظاهرة اختطاف الأطفال الزوهريين، وبتوظيفهم في عمليات الدجل والشعوذة التي ترافق عمليات استخراج الكنوز، التي تتم في الغالب بطرق عنيفة وقاسية قد تعرض هؤلاء الأطفال للقتل في غالب الأحيان، فتوظيف هؤلاء الأطفال في أعمال الشعوذة بدعوى استخراج الكنوز هو توظيف وانتهاك سيء لبراءة هؤلاء الأطفال ومس خطير بحريتهم وبحقوقهم سواء من الناحية الشرعية أو من الناحية القانونية، خاصة وأن الأطفال الزوهريين أضحوا عملة صعبة في عالم البحث عن الكنوز، مما يشكل خطرا على الأشخاص الذين يحملون هذه الصفات، كما أن هؤلاء الأطفال قد يتم بيعهم إلى عصابات تمارس السحر وتنتمي لبلدان إفريقية بأثمان خيالية.