من خلال عدة وقائع وأحداث، وقعت بعدة مدن وقرى، بشأن الاختفاءات المسجلة في صفوف الأطفال، تأكد أن الأطفال «الزوهريين» أكثر عرضة للاختطاف من طرف فقهاء مشعوذين ودجالين ومحتالين، يستخدمونهم في استخراج الكنوز الوهمية التي يدعون القدرة على استخراجها، بعد محاورة الجن والصراع معه، كما يزعمون، فيذهب العديد من الأطفال «الزوهريين» ضحية لهذه الاعتقادات الخاطئة، التي لايمكن تصنيفها إلا ضمن أعمال الشيطان، والجرائم الشنيعة التي ينبغي أن تشدد فيها العقوبة إلى أقصى حد... المشعوذ يدعي، انطلاقا من اعتقاده الخاطئ، أن استخراج الكنز والتكلم مع الجن/الحارس لهذا الكنز، لايمكن أن يتم إلا عبر طفل زوهري، يكتب على جبهته أو يده اليمنى طلاسم وتعاويذ وكلام غير مفهوم، أو يحمل المدواة التي يدعي المشعوذ أنه يكلم الجن من خلالها، وقد يضحي بهذا الطفل في أية لحظة، بذبحه ودفنه لإخفاء الجريمة في جنح الظلام، وفي الأمكنة الخالية والمنازل الخربة والدور المهجورة التي يدعي المشعوذون أن بها كنوزا. البحث عن الأطفال «الزوهريين» حسب تصريحات أحد أئمة المساجد بأكادير، ممن يحارب هذا الاعتقاد ويستنكر عملية اختطاف الأطفال «الزوهريين»، فإن الفقهاء المشعوذين الباحثين عن الكنوز، يبحثون عن وجود خط مستقيم ومتواصل وسط اليد اليمنى للطفل، لتبدأ عملية ترصده في الشارع وأثناء خروجه من المنزل أو عودته من الكتاب القرآني أو الروض أو المدرسة، حيث يتقرب المشعوذ منه بشتى الوسائل لاستدراجه إلى مكان خال للانفراد به ثم اختطافه إلى وجهة مجهولة، للقيام بعمله الشيطاني الذي يقوده في أحيان كثيرة إلى قتل الطفل ودفنه في مكان مجهول. وقد راجت أخبار، عن أشخاص مجهولين، يمتطون سيارة، يتربصون ب «الزوهريين» أمام المدارس الابتدائية وفي الأحياء الشعبية، وهم يقومون بفحص أيدي الأطفال، بعد التقرب منهم وإيهامهم بأنهم غرباء يسألون فقط عن عنوان سكنى أحد أقاربهم، لكن في الواقع، هذه العملية كان القصد منها هو الاقتراب من الطفل للتأكد من وجود«العلامة» التي يبحثون عنها. اختفاء الطفل «عماد كبير» في ظروف غامضة لقد اكتوت العديد من الأسر المغربية، جراء اختفاء أبنائها الصغار في ظروف غامضة، كما حدث للطفل «عماد كبير» الذي توارى عن الأنظار في الساعة الحادية عشرة صباحا، منذ أن غادر منزله بحي بنسركَاو، بأكَادير يوم 26 أكتوبر 2008، وعمره آنذاك خمسة أشهر ونصف، حيث بحثت عنه أسرته الفقيرة بالمستشفيات والخيريات بكل من أكَادير وإنزكَان ومراكش وبني ملال والفقيه بنصالح وسيدي إيفني والدار البيضاء، حيث اضطرت من أجل ذلك لبيع ما تملك من فراش وأمتعة من أجل العثور على فلدة كبدها المختفي، لكن لا أثر للطفل. قامت العائلة بإخبار السلطات الأمنية والقضائية والعمومية بأكَادير، باختفاء ابنها، بعد أن فارق شقيقه الأكبر منه، في أحد أزقة الحي «دوار البنان». ظل عماد مختفيا حوالي 5 أشهر. لتظل العديد من الأسئلة المحيرة تساور أسرته، هل اختطف من قبل المتسولين أم من طرف الفقهاء المتخصصين في البحث عن الكنوز أم من طرف الرحل المتنقلين الذين غالبا ما يسرقون الأطفال لاستخدامهم في رعي الإبل والمواشي بالصحراء؟ أمّ عماد، وكما عبرت في تصريح مقتضب للجريدة، لم تذق طعم السعادة يوما منذ اختفاء ابنها الصغير الذي يدرس بمدرسة الوحدة ببنسركَاو، بل تحولت الحياة لديها إلى شقاء، خاصة بعد أن بحثت عنه رفقة زوجها في المستشفيات والخيريات بالمدن المذكورة، ووزعت صوره لدى الدوائر الأمنية، ولدى الجمعيات المهتمة بالطفولة، بل أكثر من ذلك، أذاعت نداء عبر برنامج مختفون بالقناة الثانية، لعلها تتوصل بخبر عنه، لكن بدون جدوى. ولازالت الأسرة تنتظر عودة ابنها، ولها رجاء في ذوي الضمائر الحية، في إرجاع الفرحة والسعادة إلى الأسرة برجوع الطفل الذي لا تعرف هل هو ميت أم حي؟ لكن ما تخشاه هو أن يكون الاختفاء عملا مدبرا من طرف فقهاء مشعوذين ودجالين، خاصة أن حكايات البحث عن الكنوز، وعن الأطفال «الزوهريين» انتشرت بسوس في اللآونة الأخيرة، بعد أن ساد الاعتقاد لدى العوام وخاصة النساء، بكون فقهاء يدعون التحكم في الجن قادرون على استخراج الكنوز من باطن الأرض. لكن، تبين من خلال شكايات العديد من المواطنين ممن تعرضوا للنصب والاحتيال في هذا المجال، أن الأمر لايعدو كونه جريمة محبوكة يراد من ورائها وضع فخاخ للضحايا للتحايل على أموالهم. حكاية إمام مع فقهاء مشعوذين قصدنا أحد أئمة مساجد مدينة أكَادير، لنأخذ رأيه ورأي الشرع في الموضوع، فإذا به يحكي عن قصة واقعية حدثت له في صغره، وهو يدرس بالكتاب القرآني بمسقط رأسه بإحدى بوادي سوس، إذ سبق أن تعرض للاختطاف عدة مرات من قبل فقهاء مشعوذين، بعد أن عرفوا أنه طفل «زوهري»، غير أن والده الفقيه، فطن للعملية لما أخبره ابنه بمافعله فقيه الكتاب القرآني، عندما قام بفحص أيدي الأطفال الواحد تلو الآخر، وخاصة اليد اليمنى، ليفاجأ بالطفل/الإمام حاليا، بكونه «زوهريا» لوجود خط مستقيم متواصل وسط يده اليمنى، فبدأ الفقيه يستدرجه ليغادر البلدة، لأن له مستقبلا زاهرا خارج مسقط رأسه، وذلك في محاولة لتهيئته لفقهاء مشعوذين يتعاملون هذا الفقيه، كانوا يستعدون لاختطاف الطفل/الإمام أكثر من مرة. ويضيف الإمام، أن فقيه الكتاب القرآني ظل يأتي للدوار، حتى بعد أن تم إعفاؤه من طرف السكان حين انشكفت أفعاله الشيطانية، في محاولة لاختطاف الطفل «الزوهري»، واستعماله في استخراج الكنوز. والد الطفل وهو فقيه كذلك، أدرك نوايا فقيه الكتاب القرآني، فخيّره بين مغادرة المنطقة بدون رجعة وبين فضح أمره بين الناس، ففضل الاختفاء عن الأنظار. اعتقاد خاطئ أمام ما يُتداول من أخبار من هنا وهناك عن حكايات «الزوهريين»،لابد من تدخل العلماء والمفكرين، لتنويرالعديد من العوام الذين يؤمنون بذلك باعتباره جالبا للخير والسعادة والكنز والإنجاب والبركة، وهو اعتقاد خاطئ مائة في المائة، إذ ليس هناك أي ربط منطقي وعقلي، بين الخط المستقيم المتواصل وسط اليد اليمنى وبين الصفات المذكورة. فأغلبية النساء الأميات خاصة، يؤمن ويعتقدن أن «الزوهري»/الطفل أو الرجل، يده اليمنى جالبة للخير والزواج والإنجاب والشفاء والولادة بدون عسر، والنجاح في المشروع والامتحان وغيرها من الاعتقادات الراسخة الخاطئة لدى بعض النساء، بسبب ما ينشره الفقهاء الدجالون والمشعوذون والمحتالون من أكاذيب وحكايات مغلوطة عن ذلك تمهيدا للنصب والاحتيال. وفي هذا الصدد، صرح لنا فقيه وإمام مسجد آخر، «زوهري» أيضا، أنه أُحرج عدة مرات في مواقف غريبة بالرباط وأكَادير، خاصة عندما لمح الناس وجود خط مستقيم ومتواصل وسط يده اليمنى أثناء الاغتسال للأكل، حيث طلب منه أحد الآباء بالرباط مرة، أن يقوم بعملية غسل وتمرير يده اليمنى على جسد ابنته البكر/وهي عارية داخل الحمام، حتى يذهب عنها النحس/الثقاف، ويجلب إليها السعد/الزواج. لكن الإمام، ومن شدة ورعه وتقواه، رفض هذا العمل واستنكر مثل هذه السلوكات والاعتقادات الفاسدة، حيث وبخ الأب على اعتقاده وما سيقبل عليه، على اعتبار أن ذلك لا يعدو كونه ضرب من الزنا والفساد، وإلا كيف يعقل لشخص يختلي بأنثى في الحمام وهو يغسل جسدها العاري دون أن تتحرك فيه غريزة الشهوة؟! البلادة أحيانا، والاعتقاد الفاسد، والأمية والجهل، كلها عوامل ساهمت في انتشار ظاهرة الاعتقاد ب «الزوهري» سواء بالنسبة للرجل الجالب للسعادة والخير، أوبالنسبة للطفل الذي يستخدم كقربان للجن والذي قيل إنه غالبا ما يتعرض للذبح أو الدفن حيا. تشديد العقوبة هو الحل لحماية أطفالنا لابد من تشديد العقوبة الزجرية والحبسية في حق من ثبت تورطه في هذه الممارسة أو اختطاف طفل «زوهري» من أجل استخراج الكنز، حماية لطفولتنا البريئة من هذه الأفعال الإجرامية الخطيرة. ولكي نتصدى لهذه الظاهرة المهددة لأرواح الأطفال «الزوهريين»، على الدولة أن تنزل بأقصى العقوبات الزجرية في حق من يتعاطى لهذه السلوكات الشيطانية المرفوضة شرعا وعرفا، وأن تكثف من آليات حماية الأطفال الذين يتعرضون للاختطاف من طرف متربصين بهم في أية لحظة لتسخيرهم إما في التسول أو الرعي أو استخراج الكنوز.