ينطلق موسم التنقيب عن الكنوز في مناطق سوس مع بداية حلول موسم الشتاء والبرد. ويشرع فقهاء وتجار الكنوز في البحث عن الوثائق والمخطوطات القديمة، بالتنسيق مع سماسرة مختصين، لهم دراية بعالم استخراج الكنوز. يتحينون الفرص للفوز بكل مخطوط قديم يدل على مكان كنز مدفون، بعد فترة الصيف الطويلة التي يعرف فيها هذا النشاط ركودا ملحوظا. يقول فقيه متخصص في جلب الكنوز في ضواحي أولاد تايمة في إفادته ل«المساء»، إن موسم الشتاء يعرف انتعاشة لدى تجار وسماسرة الكنوز على السواء، وذلك اعتبارا للمدة الزمنية الطويلة خلال الليل مقارنة مع فترة النهار، حيث تبدأ أشغال الحفر مباشرة مع بداية الساعات الأولى من الليل، وتمتد إلى غاية الساعة الرابعة صباحا قبل أذان الفجر، حيث تتم مغادرة المكان. ويضيف مصدرنا قائلا: «إن الحفارة لا يعودون إلى نفس المكان في اليوم الموالي كيفما كانت نتيجة الحفر، وذلك حتى لا يتم الترصد لهم من طرف الساكنة والإيقاع بهم، وبالتالي دخولهم في متاهات هم في غنى عنها وقد تقودهم إلى الاعتقال، كما حصل في بعض الحالات». وقال سائق سابق يعمل لفائدة أحد «تجار» الكنوز في إقليمتارودانت ل«المساء» إن المجموعة التي تذهب لاستخراج كنز معين، تتكون عادة من خمسة إلى سبعة أفراد من ضمنهم حفارون، وتاجر كنز، وسمسار، وصاحب الملك الذي يتواجد فيه الكنز، وتتوفر الكنوز بكثرة في مناطق أيت عبد الله وإغرم وتيزنتاس في ضواحي تارودانت، ومنطقة مجاط في إمنتانوت، وإيموزار في ضواحي أكادير وبعض المناطق المعينة في أيت باها وكذا في ضواحي الصويرة. ويضيف المصدر السابق أنه يتم ربط الاتصال المباشر بين تجار الكنوز والسمسارة في أماكن معينة داخل فنادق أو مقاه عمومية، ويتجنب هؤلاء عادة الحديث في الأمر باستعمال الهاتف النقال، درءا لأي عواقب محتملة. بعض هؤلاء التجار أضحى من أثرياء المنطقة، حيث إن منهم من تحولوا وبفضل عائدات الكنوز، إلى مستثمرين في الميدان الفلاحي وملاك لضيعات فلاحية شاسعة، ومنهم من فضل الإسثتمار في مجال شراء العقارات وبناء العمارات في المدن الكبرى كأكادير، مثلا، إلى جانب إقامة بعض محطات الوقود. بل الأدهى هو انضمام بعض السياسيين المعروفين وأساتذة مثقفين إلى جوقة الباحثين عن الكنوز. الخليجيون صيد ثمين تركت واقعة جوهرة الماس التي بيعت بمبلغ 500 مليون سنتيم، لفائدة أحد أمراء الخليج المقيم في مدينة أكادير، حديث الشارع الهواري في الآونة الأخيرة، خصوصا بعدما تم تداول هذه الواقعة على نطاق واسع وأصبحت جوهرة الماس المزورة حديث العامة. مصدرنا السابق قال ل«المساء» في هذا الصدد إن حالات كبيرة مماثلة يتم من خلالها النصب على هؤلاء الخليجيين، خصوصا السعوديين منهم والإماراتيين الذين يتم اصطيادهم من فنادق أكادير المصنفة، حيث يعمل سماسرة محترفون على إيهام هؤلاء بمعرفتهم بأماكن تواجد معادن نفسية، كالماس والذهب وغيره في مكان معين. وبعد إقناعهم بمكان العثور على هذا الكنز الثمين، يعمل هؤلاء السماسرة على إشعار صاحب معصرة قديمة أو منزل مهجور بالواقعة والتنسيق المسبق معه، حينها يتم ردم جوهرة ماس مزورة وخلطها بالتراب حتى تبدو في شكل قديم، ثم بعد ذلك يتم خزن مخطوط قديم مكتوب بخط اليد يحتوي على خارطة تواجد الكنز المزعوم في جدار حائط. وعند قدوم «الضحية» رفقة هؤلاء إلى عين المكان في وقت معين في الليل، يتم استخراج المخطوط. القديم، قبل أن يتم التوجه إلى الموقع المقصود كما هو مبين في المخطوط، وبعدها يتم الشروع في أشغال الحفر، وإطلاق البخور، وقراءة التعازيم قبل أن يتم العثور على «الكنز» المزعوم. عندها يعمل الضحية بعد رؤيته للكنز المدفون على تسليم المبلغ المتفق عليه لهؤلاء السماسرة النصابين. مباشرة بعد ذلك، يعمد بعض الأشخاص المتفق معهم في الدوار على خلق جو من الضجيج والقدوم إلى عين المكان. وقبل وصول هؤلاء بأمتار قليلة، يخبر تاجر الكنز بأن رجال الدرك قادمون وأنهم علموا بالأمر عن طريق بعض الوشاة، ليعمل بعدها الضحية على مغادرة المكان على التو خوفا من الاعتقال والفضيحة، دون أن يدري أن أصل الحكاية كلها كانت عبارة عن عملية نصب واحتيال بطريقة محكمة، اشترى من خلالها الضحية الخليجي جوهرة مزيفة لا تزيد عن 10 دراهم بمبلغ 500 مليون سنتيم. و«صدق من قال إن الطماع لا يقضي عليه سوى الكذاب» يقول متحدثنا ضاحكا. التنقيب عن الكنوز أكد مصدرنا السابق أن بعض التجار المتخصصين في التنقيب عن الكنوز تجاوزا الطرق التقليدية في البحث عن الكنوز ووفروا على أنفسهم عناء ضياع الوقت، إذ إن هؤلاء أضحوا يستعملون آلات جد متطورة يجلبونها أثناء سفرياتهم من أمريكا وكندا وبعض الدول الأوربية بمبالغ خيالية قد تصل إلى أزيد من 100 ألف درهم. آلات هي في الأصل مخصصة للكشف عن الألغام في مناطق النزاعات العسكرية السابقة وأخرى خاصة بالكشف عن المعادن، معدات جد متطورة وباهظة الثمن تعلن إطلاق أضواء كاشفة كلما تم العثور على شيء ما في باطن الأرض. غير أنها لا تتوفر إلا لفئة قليلة من التجار الأثرياء. وتعمل هذه الآليات على الكشف عن أماكن تواجد الكنوز بدقة متناهية، قبل الشروع في أعمال الحفر وقراءة التعازيم وإطلاق البخور. يقول الفقيه السابق إن هذه الآلات الحديثة وفرت علينا تضييع وقت في أعمال الحفر التي تنتهي بدون جدوى أحيانا، غير أنها لا تتوفر لدى الكثيرين بالنظر إلى تكلفتها المرتفعة، إذ إن أغلب الفقهاء ما يزالون يستعينون بالفؤوس والمعدات التقليدية الأخرى. في رحلة البحث عن الكنوز، تعمل مجموعة مكونة من خمسة إلى سبعة أشخاص على تقسيم الأدوار بينهم، حيث يوجد حراس مهمتهم حراسة جنبات المكان وإشعارهم في حالة قدوم أي شخص غريب قصد التواري عن الأنظار. ثم الحفارة الذين تكمن مهمتهم في أشغال الحفر التي تنتهي بالوصول إلى الكنز. ثم «الفقيه» الذي تكمن مهمته في قراءة التعاويذ والتعازيم أو ما يسمى ب«الموانع» في ثقافة الفقهاء، أي طرد «أصحاب المكان» من «الجان» الذين يحرسون الكنز المراد استخراجه.. يقول فقيه من ضواحي مدينة أكادير إنه تتم في هذا الإطار تلاوة العزيمة الدرهوتية والبرهاتية، وإطلاق بخور اللوبان الذكر والمقال الأزرق، وعود الصليب، قبل إخلاء المكان من حراس «الجان»، أو ما يسمى بعملية «التلبيس». والقليل من الفقهاء «المتمرسين» فقط من يتقنون أساليب التلبيس. الأطفال «الزوهريين» تتم الاستعانة بالأطفال «الزوهريين» أيضا في عملية استخراج كنز مدفون. وهم في الغالب أطفال قاصرون دون سن العاشرة، أي قبل أن يبلغوا الحلم أو سن البلوغ، بحكم طهارتهم من ارتكاب الذنوب والخطايا، شريطة أن يكون هؤلاء «زوهريين»، أي حاملين لعلامة مميزة في كف أيديهم. والإنسان «الزوهري» إنسان ذكر أو أنثى قصير النظر، لا يستطيع رؤية الأشياء البعيدة، ويتميز عن باقي البشر بوجود خط متصل يقطع راحة يده بشكل عرضي، ولسانه يقطعه خط بشكل طولي، وعيناه لهما بريق خاص بهما تمزق غير واضح على مستوى الجفن. ونادرا ما تجد علامات أخرى يحملها «الزوهري». وحسب «الفقيه» السابق، يتم وضع «حرز» يحمل طلاسم معينة في كف «الزوهري»، ثم يأمره الفقيه بالمشي إلى أن يبلغ مكان تواجد الكنز حيث يسقط الطفل ويرمي الحرز من كفه. حينها، يعلم الفقيه أن مكان «سقطة» الطفل هو المكان المعني بتواجد الكنز. ويؤكد مصدرنا أنه لا يتم قتل الأطفال «الزوهريين» كما يظن العامة من الناس، بقدر ما تتم الاستعانة بهم فقط لمدة يوم أو يومين ليتم إطلاق سراحهم لاحقا، فيما يتكلف بعملية إحضار الطفل أو الطفلة «الزوهرية» صاحب «الكنز» وليس «الفقيه»، مضيفا أن هؤلاء الأطفال عادة ما يتم التعرف عليهم من خلال فقهاء يعرفون عناوين سكناهم، سواء كانوا في البوادي أو في المدن. اقتسام الغنائم تقتسم «غنائم» الكنوز المستخرجة حسب اتفاق مبدئي بين أفراد المجموعة التي قامت بعملية استخراجه، كل حسب دوره المناط به، حيث تعود حصة الأسد إلى تاجر الكنوز الذي يقتسم الغنيمة المستخرجة مناصفة مع صاحبه الأصلي، أي الذي يتواجد الكنز داخل ملكه الخاص، فيما يعمل التاجر على منح مبالغ مالية للسماسرة الذين تكمن مهمتهم في التوسط بين التاجر وصاحب الكنز. وقد تصل أجرة هؤلاء الوسطاء أحيانا إلى 5 ملايين سنتيم، فيما الفقهاء الذين تكلفوا بمهمة القراءة يأخذون هم أيضا نصيهم من الكنز وعادة ما يتم الاعتماد على نفس الأشخاص من طرف التاجر. ثم سائق المجموعة الذي يتولى السياقة بأفراد المجموعة بواسطة سيارة رباعية الدفع لها قدرة على اختراق الأماكن الوعرة التي قد تكون وسط قمم الجبال، وحارسان يعهد إليهما بمراقبة محيط مكان أشغال الحفر. ثم الحفارة الذين لا يتجاوز عددهم في الغالب شخصين. غير أن بعض هؤلاء الحفارة قد يتم التحايل عليهم أحيانا وعدم أداء مستحقاتهم من العملية، خصوصا إذا كانوا من الذين يسهل التحايل عليهم، ويؤكد أحد سكان دوار «أموسلك» في جماعة تيدسي في ضواحي أولاد تايمة، في هذا الإطار، أن أحد الرعاة تم أخذه من طرف عصابة تتعاطى التنقيب عن الكنوز، حيث اتفقوا معه على تأدية واجباته المادية مباشرة بعد استخراج كنز من أحد الأضرحة في دوار آيت قاسم في ضواحي أولاد تايمة. غير أنه وبعد انتهاء المهمة بنجاح رفض هؤلاء تأدية مستحقاته بل عملوا على تهديده، وهو ما حذا به إلى تسجيل شكاية بهؤلاء لدى درك سبت الكردان. وقد تم الاستماع إلى المشتكى بهم بأمر من النيابة العامة، غير أن الشكاية أدرجت في الحفظ، بعد أن تم اتهام الراعي بالجنون والخرف. وتستطرد مصادرنا أنه يتم بيع المجوهرات التي يتم استخراجها للخليجين وكذا لبعض الأجانب القادمين من أمريكا وأوربا، بوساطة من سماسرة محترفين في بيع الجواهر الثمينة، فيما يكتفي آخرون ببيع نصيبهم من الحلي لتجار مختصين في صياغة الذهب في مدن الدارالبيضاء وطنجة والصويرة. تساهل السلطات المحلية يقول (م. ف.) الذي كان يشتغل سائقا لدى أجد تجار الكنوز المشهورين في أولاد تايمة، إن السلطات المحلية لا تبالي بتجار الكنوز، بل إنه في بعض الأحيان يتم إشراك مقدم الدوار في عملية نصب يكون ضحيتها أحد الخليجيين أو أحد الأثرياء، حيت عادة ما يتم إشراك بعض أعوان السلطة المحلية، حتى يضمنوا سكوتهم وعدم إخبارهم السلطات، بحكم درايتهم الواسعة بكل التحركات المشبوهة في منطقة نفوذهم، إذ إن أمر البحث عن الكنز في منطقة معينة قد تسبقه أنباء سابقة ولا تحاط بالسرية المطلوبة. ومن هنا يعمل تجار الكنوز، ولمزيد من الحيطة والحذر، على إشراك مقدم الدوار، تفاديا لوقوع أخطاء قد تعصف بخطتهم المحبوكة بإتقان. ويضيف مصدرنا قائلا إن هذا الأمر تطور إلى درجة أن بعض المقدمين أضحت عيونهم مفتوحة عن آخرها على كل الأماكن المهجورة، والتي يشاع خبر توفرها على كنوز محتملة. رجل سلطة برتبة رئيس دائرة في إقليمتارودانت، قال ل«المساء» إن هذه الظاهرة تفاقمت في الإقليم عموما، خاصة في مناطق أغرم وتزينتاست. ومؤخرا، استيقظ ساكنة جماعة نحيت على ثلاثة قبور مكشوفة تم حفرها من طرف عصابة من الباحثين عن الكنوز. أهالي الدوار تطوعوا لإعادة الأمور إلى نصابها، ونحن كرجال سلطة قمنا بواجبنا، وقد وضعنا خطة للإيقاع بأحد فقهاء المنطقة الذي تحوم حوله الشكوك قصد الإيقاع به في حالة تلبس وإحالته على العدالة. رجل السلطة الذي حل بالمنطقة حديثا، قال ل«المساء» إنه فوجئ بأحد الأشخاص يستأذنه للدخول عندما كان يباشر مهامه في مكان اشتغاله السابق، ليخبره بأنه «سيصبح غنيا وأن رزقه بات وشيكا منه». وعندما أخبره القائد عن مكان تواجد هذا الرزق قال له الشيخ إنه تحت الكرسي الذي يجلس عليه.. وقد أكد الشيخ بثقة كبيرة أن هذا المكان بالضبط يحتوي على كنز مدفون. غير أنني تجاهلت إدعاءه -يقول القائد- وأمرته بالانصراف بعد أن أخبرته بأن الله هو القادر على إغناء عباده متى شاء. تاريخ الكنوز وتحايل الفقهاء يرى ادريس نور الدين، الإطار التربوي في مدينة إنزكان، أنه ومنذ بداية انهيار الدولة المرابطية وبداية عهد الموحدين في القرن الرابع الهجري، ومع حالة اللاأمن التي كان يعيش على وقعها الناس، فقد شرعوا في خزن ممتلكاتهم وكل الأشياء النفيسة لديهم خوفا من نهبها. وهكذا اشتهرت مثلا في منطقة تيزنتاست الواقعة بين مراكشوتارودانت بانتشار الكنوز، حيث تعد هذه المنطقة من الأماكن المفضلة لدى الباحثين عن الكنوز، حتى أصبح كل غريب يفد على دواوير هذه المناطق إلا ويساء الظن ويعتقد بأنه أحد حفارة الكنوز. ويقول إدريس إن الناس كانوا في تلك الفترة يعملون على خزن ممتلكاتهم في أماكن معلومة لديهم، كالمقابر أو بجوار شجرة مميزة، أو في داخل بعض الأضرحة أو بجانب معصرة للزيتون ومطاحن الدقيق. ونفس الأمر تكرر مع مجيء الاستعمار الفرنسي وحالة «السيبة» التي كانت تعيش فيها القبائل المغربية، أو ما يسمى ب«الحْرْكات» في العرف الأمازيغي، حيت كانت القبيلة القوية تهاجم الضعيفة وتسلب ممتلكاتها العيينة وتسبي نساءها وعبيدها، وهو ما جعل هؤلاء يعمدون إلى خزن كل ما هو ثمين لديهم في باطن الأرض، خوفا من الاستيلاء عليه ونهبه من طرف المهاجمين. ويضيف المتحدث أن هذه الممتلكات كانت تحفظ بعناية فائقة، إذ يتم رسم تصميم لها عبارة عن مخطوطات مكتوبة على الورق أو اللوح أو الجلد تبين مكان تواجد الكنز المدفون. ويعمل رب الأسرة في الغالب عند دنو أجله على إفشاء سر الكنز المخبأ، عبر منح هذه المخطوطات التي تدل على الكنز لأبنائه وأحفاده. ويعمل بعض هؤلاء على الاحتفاظ بهذه المخطوطات في بعض المدارس العتيقة المنتشرة آنذاك. غير أنه سرعان ما يتم التحايل على هؤلاء الورثة، فيتم تحريف هذه الوثائق الأصلية والاستيلاء عليها بطرق غير شرعية، من طرف فقهاء متحايلين يعملون على قراءة وفك رموز هذه المخطوطات والتنقيب عن أماكن تواجد الكنوز، في غفلة من أصحابها الأصليين، وهو ما يعتبر خيانة للأمانة وأكل أموال الورثة بالباطل، يقول المصدر السابق. عصابة الكنوز لم تفلح تحريات مصالح الدرك الملكي، التابعة للقيادة الجهوية في أكادير، من ضبط عصابة عملت على اقتحام ضريح سيدي عياد في جماعة الكفيفات في ضواحي أولاد تايمة، في شهر رمضان من سنة 2008، والذي يعد أحد أشهر الأضرحة في جهة سوس، حيت يفد عليه المرضى المصابون بالبرص و«التوكال».. من مجموعة من المناطق المغربية وحتى من بعض الدول العربية، كالجزائر وتونس وليبيا وسوريا.. مقتحمو الضريح كانوا يهدفون من وراء العملية إلى استخراج كنز مدفون، حيث شرعوا في حفر ثقب كبير بجوار الجدار الذي يرقد فيه سيدي عياد. وفي هذا الصدد يقول أرموك مولاي علي لمرابط، محافظ الضريح، إن الأشخاص الذين اقتحموا الضريح كانوا قد حضروا إلى عين المكان قبل ثلاثة أيام، بذريعة تقديم مساعدة عينية للضريح، غير أن هدفهم الأصلي كان هو هندسة مداخل ومخارج الموقع قبل تنفيذ عملية الاقتحام. المهاجمون حضروا ليلا على الساعة ال2 صباحا، غير أنه وبعد مباشرتهم أشغال الحفر تمت مداهمتهم من طرف أحد أبناء الدوار، قبل أن يتمكنوا من الفرار على متن سيارة ميرسيدس كانت بحوزتهم، فيما تركوا آلة للكشف عن الكنوز التي تم حجزها من طرف مصالح الدرك. المتهمون ورغم معرفتنا لأوصافهم التي أدلينا بها لدى مصالح الدرك في أكادير، فإنه لم يتم القبض عليهم رغم مرور أزيد من سنة. ويضيف محافظ الضريح أن الجهات المشرفة على شؤون الأضرحة، كالأوقاف والمجلس الجماعي، لم تول أي اهتمام لضريح سيدي عياد، رغم صيته الذائع، وهو ما يجعله سهل الاقتحام من طرف المشردين والباحثين عن الكنوز. ورغم نداءاتنا المتكررة بهذا الخصوص إلى الجهات المعنية للاعتناء بالضريح فقد بقيت دار لقمان على حالها.
الكنوز من الناحية الفقهية والقانونية الكنز هو ما دفنه القدماء في الأرض من أموال على اختلاف أنواعها، ويسمى ركازا لأنه مركوز في الأرض. حكمه: ما يجده الإنسان في أرض موات أو أرض لا يعلم لها مالك، ففيه الخمس بنص الحديث الذي رواه البخاري في «الركاز الخمس». ومما روي عن الشعبي أن رجلا وجد ألف دينار مدفونة خارج المدينة فأتى به عمر بن الخطاب، حاكم المسلمين آنذاك، فأخذ منها عمر الخمس ودفع إلى الرجل الباقي. وقيل يزكى الكنز خمسا، لأنه مال بلا جهد ولا مؤونة. أما ما يجده الإنسان في ملك مسلم أو غيره فهو لصاحب الملك. فصول المتابعة في القانون الجنائي الفصل 527: من عثر مصادفة على منقول، وتملكه بدون أن يخطر به مالكه ولا الشرطة المحلية يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة. ويعاقب بنفس العقوبة من تملك بسوء نية منقولا وصل إلى حيازته صدفة أو خطأ. الفصل 528: من عثر على كنز، ولو في ملك له، ولم يخطر به السلطة العامة في ظرف 15 يوما من يوم اكتشافه، يعاقب بغرامة من 200 إلى 250 درهما. أما إذا عثر على كنز وتملكه كله أو بعضه، دون أن يصدر له إذن بذلك من الجهة القضائية المختصة، حتى ولو كان قد أخطر به السلطة العامة، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر وغرامة من 200 إلى 250 درهما.