بعد الخادمة نافيساتو ديالو، جاء دور الكاتبة والصحافية تريستان بانون لرفع دعوى قضائية ضد دومينيك ستروس كانْ، رئيس صندوق النقد الدولي السابق، وذلك على خلفية محاولة اغتصاب تعود إلى ثماني سنوات خلت. وعلى إثر هذه الدعوى، فتحت النيابة العامة، يوم الجمعة الماضي، تحقيقا أوليا للتأكد من صحة الاتهامات. وفي يوم الاثنين, استمعت شرطة التحقيقات إلى المدعية. وقد سبق لتريستان بانون أن أثارت محاولة الاغتصاب في برنامج تلفزيوني أذيع عام 2007 تحت عنوان «89 شارع فوبورغ سان هونوري»، ينشطه الصحافي تييريه آرديسون، كما طرح على الأنترنيت فيديو في نفس الموضوع، بمعنى أن «الضحية» لم تختلق الموضوع بل قررت البوح عنه في ما يشبه عملية تطهير. أما عن السبب أو الأسباب التي أثنتها عن رفع دعوى قضائية آنذاك، فتلخصها في تدخل والدتها التي كانت تسعى إلى الحصول على منصب مستشارة عامة باسم الحزب الاشتراكي عن منطقة لور. وفي البرنامج المذكور، المطروح على الأنترنيت، تحكي تريستان بانون أنها كانت تعد لكتاب عن الأخطاء التي ارتكبها بعض من أعلام السياسة الفرنسيين. وكان ستروس كانْ إحدى الشخصيات التي رغبت في محاورتها. وهكذا وبعد موافقته على الفكرة، ضرب لها موعدا.. تقدمت إلى الشقة لتجدها فارغة من الأثاث، إذ لم يكن فيها سوى سرير وكنبة يتوسطان الصالون. ما إن دخلت إلى الشقة حتى أقفل الباب بالمفتاح وتوجه ليجلس إلى جنبها على الكنبة. بدل أن يجيب عن أسئلتها، شرع في مداعبتها قبل أن يطرحها على الأرض محاولا اغتصابها. عن هذه الجلسة الساخنة، قدمت تريستان بانون شهادات متناقضة، مما قد يشكل ثغرة في ملفها. كما أماطت الصحافة اللثام عن كون المدعية تعمل لصالح بلدية بولون التي تسيرها أغلبية «التجمع من أجل حركة شعبية»، التابعة للرئيس ساركوزي، مما يغذي ويدعم أطروحة المؤامرة التي رفعها بعض المقربين من ستروس كانْ. كما أن الصحافية تسير مدونة على موقع «أتلانتيكو»، وهو الموقع الذي كان أول من كشف عن إيقاف دومينيك ستروس كانْ في مطار نيويورك. لم تبتكر تريستان بانون القضية من وحي خيالها، لكن الفتاة متلهفة على الشهرة، إذ لها كصحافية ميل واضح إلى مخالطة عالم «البيبول». ومن المعروف أن دخول هذا العالم ليس مثل خروجه! وقد استغرب كثيرون سذاجة المدعية التي تعرف جيدا ما يشير إليه الفرنسيون بعبارة «ترقية الكنبة»، فقد عرفت ب«سمعة» ستروس وكونه زير نساء. عاشت تريستان بانون، وهي صحافية متدربة بأسبوعية «باري ماتش» ثم بجريدة «لوفيغارو»، هذه الأجواء. ويقال إنها من الطامحات إلى كسب الشهرة وبأي ثمن! على أي وبمعزل عن التفاصيل التي ستجمعها شرطة التحقيقات، فإن هذه القضية تطرح مرة أخرى المستقبل السياسي لدومينيك ستروس كانْ داخل الحزب الاشتراكي بل وفي فرنسا. قد يعود دي-إس-كا إلى رشده، لكن ما هو مؤكد أنه لن يعود إلى السياسة. والدعوى التي رفعتها تريستان بانون ضده من المحتمل أن تلوث المناخ من حوله وتسد أبواب الانتخابات التأهيلية للحزب الاشتراكي في وجهه، بما معناه عدم ترشحه لرئاسية 2012، اللهم إذا تقدم كمرشح مستقل من خارج الحزب الاشتراكي، وذلك من المستحيلات، حتى وإن لا زالت شعبيته مرتفعة لدى الفرنسيين، إذ أعرب ما يقرب من 46 في المائة من الفرنسيين عن رغبتهم في عودته إلى السياسة. من الأفضل أن يبتعد ستروس كانْ عن السياسة ويترك الاشتراكيين يجربون حظهم في ظرفية تتميز بالتناحر بينهم في الانتخابات التأهيلية وبالإشاعات التي أطلقها اليمين بزعامة «التجمع من أجل حركة شعبية» ضد جان-لوي بروشين، زوج المرشحة مارتين أوبريه، والماثلة في كونه دافع بصفته محاميا عن محجبات وكونه «مسلما متطرفا». كما سربت إشاعات أخرى مفادها أن مارتين مدمنة على الكحول. هكذا بدأت، حتى في غمرة الصيف، الضربات من تحت الحزام.