كانت بداية اللاعب رضوان العلالي في أحد أحياء سيدي عثمان بالدار البيضاء. وحين أحس بنضج مواهبه، وهو بعد صغير، التحق بفريق الوداد البيضاوي لكرة القدم الذي تدرج فيه عبر الأقسام كلها قبل أن يشكل في فريق الكبار إحدى الركائز الأساسية. كان اللاعب يبدع باستمرار، يحقق التميز وحده، وعبَر اسمه سريعا كل ملاعبنا الوطنية. لعب ضمن صفوف الوداد البيضاوي على مختلف الواجهات، وطنيا وقاريا وعربيا.. راوغ، سجل، وخلد اسمه في سجل الفريق. وحين كبرت طموحاته، التحق بفريق «اتحاد جدة» السعودي في تجربة احترافية أغنت رصيده الرياضي. هناك، جاور كبار النجوم من أمثال دونادوني، والتحق بعد ذلك بنادي «الغرافة» القطري ثم «السويق» العماني، كان اللاعب يحمل خبرته إلى كل الميادين الرياضية، وبالمقابل حققت له تجربة الاحتراف أهم أحلامه، ولكن الوداد البيضاوي يبقى الفريق الذي حمله يوما إلى واجهة الأحداث الرياضية. وفي المجمل، كان مسار اللاعب جيدا قبل أن ترغمه الإصابة على الابتعاد المؤقت عن الكرة. يتذكر العلالي مساره داخل الوداد بفخر كبير، إذ يقول: «لا بد أن أعترف بأن اللعب للوداد هو حلم يتقاسمه العديد من الرياضيين، فقد كان الفريق دائما قبلة للنجوم. أتذكر أنني قضيت أفضل فترات مساري الرياضي داخل الوداد، كنت فخورا بانضمامي إلى فريق كبير يحفظ الكل تاريخه العريق، فريق كان الجو داخله مناسبا لتكوين لاعبين في المستوى وكنت أحس داخل مدرسته بأنني ملزم بتعلم مبادئ رياضية أخرى. وحين وجدت نفسي في فئة الكبار، كنت مستعدا لأن أبلل القميص ألف مرة وبكل الحب، فالوداد يستحق منا جميعا عبارات الشكر والوفاء». ولكن اللعب للمنتخب المغربي شكل قفزة أخرى نوعية في حياة اللاعب العلالي، وفي هذا الشأن يقول: «بفضل الوداد تعرف علي الجمهور المغربي. وحين اقتنع الناخب الوطني آنذاك بمؤهلاتي الرياضية، التحقت بالمنتخب المغربي الذي اعتبرت اللعب داخله غايتي الكبرى.. فقد أحسست بأنني، بانضمامي إلى صفوف الفريق الوطني، قد أكملت الحلم كله، ولازلت أعتبر اللعب للمنتخب المغربي شرفا كبيرا لكل اللاعبين، ووسام استحقاق أكبر من كل إهداء ممكن». يعرف الجمهور الرياضي العلالي كلاعب ظل دائما وفيا لعادة التألق فيه، لاعب حمل الأفراح يوما للوداد، كان يملك خاصية التسجيل الفريدة.. الآن توقف اللاعب مؤقتا عن مداعبة الكرة، ولكنه مازال مسكونا بحب الوداد، بعشقه الأحمر الذي لم تغيره السنوات، ولكن الرجل لديه إلى جانب الهاجس الكروي اهتمامات أخرى، فهو يهوى ركوب الخيل وممارسة التبوريدة، وهوسه هذا بركوب الخيل لم يأت من فراغ، فقد كان جده واحدا من الخيالة في منطقة كيسر أولاد سيدي بنداود. ولازال العلالي يهوى الخيل ويستهويه امتطاؤها حتى شارك إلى جانب فرسان التبوريدة في بعض المواسم، وحرص بعدها على حضور كل الملتقيات الخاصة بالخيول. وحين كبر اهتمامه الرياضي، أشرف على تنظيم مهرجان خاص بالتبوريدة بمشاركة 25 «سربة» في منطقة كيسر، بمساهمة من الجماعة المحلية، تشجيعا لكل الفلاحين ودعما للمنطقة في إطار العمل الجمعوي. ومن شدة اهتمامه بهذا المجال، أصبح العلالي يعرف كل نوعيات الخيول وأصولها، وقد يعطيك شروحات مستفيضة حول الفرس العربي الأصيل والبربري والإنجليزي، وغيرها. ويذكر أن العلالي انتقل من جانب الهواية والممارسة إلى الجانب التجاري، إذ أصبح «كسابا» بصفته «مقدم سربة كيسر أولاد بنداود» وهي التجارة التي يعتبرها العلالي مربحة... والآن يطالب العلالي بتنظيم إقصائيات مؤهلة للمشاركة في المهرجان الدولي للتبوريدة في مدينة الجديدة، معتبرا أن فن التبوريدة تراث مغربي يجب الحفاظ عليه.. ولم تتوقف اهتمامات اللاعب عند الخيول وفن التبوريدة فقط، بل نجدها قد مالت في اتجاه يخاطب الوجدان ويعزف على أوتار القلب، ساميا بالذوق والإحساس، إنه مجال الفن والطرب، ويعترف العلالي هنا بأن لديه العديد من الأصدقاء الفنانين، وأنه شارك مع مجموعة مسناوة في عمل فني، ومستعد لدخول مجال التمثيل إذا وجد سيناريوها جيدا يهتم بتاريخ البلد، فالتاريخ مجال آخر يشد إليه العلالي، وقد أفادنا في هذا الإطار بأنه يكتب عن قضية الوحدة الوطنية في مذكرات شخصية، لكن ليست لديه بالمقابل اهتمامات سياسية، ويردد دوما أنه معجب جدا بالملك محمد السادس، يتتبع جميع مشاريعه ويعتبره مثله الأعلى. «لقد حاولت دائما أن أوسع دائرة اهتمامي، فكان أن تنوعت هواياتي، وإن كنت أعتبر أن التبوريدة عشقي الكبير الذي أمارسه بشغف كبير، وقد ظل الفن بالنسبة إلي مساحة للاسترخاء، فإنك وأنت تشاهد فيلما معينا أو تستمع إلى أغنية معينة، تكسر روتين العمل وتغذي الروح قبل الجسد، وداخل المجال الفني الواسع أملك صداقات طيبة، فأنا أفخر بصداقة الداسوكين ومصطفى بوركون وعاطر وفهيد وجواد السايح.. وجماع القول أن الفن والرياضة كانا دائما وجهان لعملة واحدة». قضى العلالي سنوات المجد الرياضي داخل أندية مختلفة، حقق المتعة كلها، وتحفظ ذاكرته العديد من الذكريات الجميلة، لكن الرجل يحتفظ داخله بذكرى عزيزة جدا لن تسقط أبدا من الذاكرة: «ذكرياتي في الملاعب كثيرة جدا، لكن أجمل الذكريات كانت يوم تقدمت بإهداء حصان إلى الملك محمد السادس بمناسبة احتفالات الشعب المغربي بعيد العرش المجيد قبل سنتين من الآن.. لا أستطيع أن أنقل إليكم حجم الفرح الذي غمرني لحظتها.. لقد كان يوما تاريخيا سيظل راسخا في ذاكرتي ما حييت».