انطلقت فعاليات الدورة ال33 للموسم الثقافي الدولي، بمشاركة شخصيات من عالم الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد والإعلام وفعاليات المجتمع المدني. وقد تميزت الجلسة الافتتاحية بالرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين وتلاها الأمين العام ل»مؤسسة منتدى أصيلة ، محمد بنعيسى. وقد اختارت جامعة المعتمد بن عباد، الصيفية، التي تنعقد هذه السنة في إطار الموسم دورتها السادسة والعشرين، موضوع «الهجرة: بين الهوية الوطنية والهوية الكونية» لافتتاح سلسلة ندواتها وملتقياتها. وأبرز الرئيس السابق لجمهورية غانا، جون أجيكيم كوفور، أهمية الهجرة والحركات الإنسانية كظاهرة واكبت التاريخ الإنساني على مر العصور وساهمت، بشكل كبير، في تطور الدول. كما دعا إلى حل المشاكل المرتبطة بالهجرة عبر الاعتماد على مبادئ التنمية المشترَكة والتعاون بين بلدان الشمال والجنوب مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح دول الاستقبال ودول المصدر. من جهته، أشار الوزير المكلف بالجالية المقيمة بالخارج، محمد عامر، إلى وجاهة اختيار هذا الموضوع، وهو ما يجسد الاهتمام العالمي بقضية الهجرة، مذكرا بالدور الهام الذي اضطلعت به هذه الظاهرة الاجتماعية في بناء الحضارات والتبادل الثقافي والتقارب بين الشعوب. كما أبرز المكانة المهمة التي تحتلها الثقافة كعامل مساعد على الاستقرار وميسر لاندماج المجموعات الإنسانية المهاجرة، مضيفا أن بلدان المصدر والاستقبال يتعين أن تنسق جهودها من أجل الاستفادة من التبادل الثقافي الذي يحدثه المهاجرون. ومن جانبه، قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق، فؤاد السنيورة، إن ظاهرة الهجرة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة في الفضاء المتوسطي وأعادت طرح مجموعة من الأسئلة الشائكة، من قبيل الهوية والخصوصية الثقافية لدول الاستقبال واندماج المهاجرين. وأشار السنيورة، في كلمة تلاها نيابة عنه وزير الإعلام اللبناني السابق طارق متري، إلى أنه عوض الإجابة عن بعض هذه الأسئلة، تم تسجيل بعض الممارسات العنصرية والأفكار الإقصائية، بلغت أحيانا حد استعمال العنف. وشدد وزير الخارجية الأرجنتيني السابق، خورخي تايانا، على أن الهجرة تشكل موضوعا يحظى باهتمام عالمي ويثير انتباه مجموعة المتدخلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين، نظرا إلى تأثيراته المتبادلة بين دول المصدر والاستقبال. وتطرق، في هذا الشأن، إلى أن الأرجنتين بلد تأسس على الهجرة ويحمل سكانه نظرة إيجابية عن هذه الظاهرة، باعتبارها عاملا للتنمية والتبادل الثقافي وإنتاج الثروات. وركز رئيس ديوان المدير العام للمنظمة العالمية للهجرة، بيتر شاتزير، على الدوافع الكامنة وراء تحريك تدفقات المهاجرين بين الدول، موضحا أن «الدافع الاقتصادي يشكل المحرك الأساسي لهذه الظاهرة العالمية، حسب حاجة المجتمعات والاقتصادات في بلدان المصدر والاستقبال». وأكد شاتزير أن «الهجرة في حاجة إلى وجود حاجة لدى بلدان الاستقبال حتى تكون مربحة للمهاجرين ودول الاستقبال والمصدر ومصدرا للرفاهية للجميع»، مشددا على ضرورة الحد من الهجرة غير المشروعة لجعل الظاهرة إيجابية. وتطرق رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج، إدريس اليزمي، إلى المنظور الشامل للهجرة عبر العالم، مذكرا بأن تقريرا للأمم المتحدة سنة 2009 أحصى حوالي 214 مليون مهاجر، يتوزعون بشكل شبه متساو بين الهجرات. واعتبر اليزمي أن العالم يعيش حاليا المرحلة الثالثة من عولمة الحركات الإنسانية الكبرى في العصر الحديث، بعد انتقال الأفارقة نحو الولاياتالمتحدة وهجرة اليد العاملة مع عصر النهضة الصناعية، مبرزا أن هذه المرحلة تتميز بتنوع واتساع كبير لظاهرة الهجرة ،لتشمل جميع مناطق العالم. وبدوره، تحدث وزير السياحة والصناعة التقليدية، ياسر الزناكي، عن مساهمة السياحة في التعارف والتقارب بين الشعوب، مبرزا أن الاتجاه العالمي للعروض السياحية ينحو نحو تثمين الخصوصيات الثقافية والمؤهلات الفريدة للبلدان من أجل استقبال السياح الباحثين عن التعرف على حضارات وثقافات مغايرة. وستتميز الدورة ال33 من الموسم الثقافي الدولي لأصيلة باستضافة دولة الكويت، التي تحتفل بذكرى استقلالها الخمسين، كضيف شرف خصصت له فعاليات مهمة للتعريف بتراثه الفني والاجتماعي والفكري وإسهامات هذه الدولة الشقيقة في بناء الثقافة العربية.