انطلقت عشية امس السبت فعاليات الدورة ال` 33 للموسم الثقافي الدولي لأصيلة المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبمشاركة ثلة من الشخصيات المرموقة من عالم الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد والإعلام وفعاليات المجتمع المدني. وتميزت الجلسة الافتتاحية بالرسالة الملكية السامية، التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين، وتلاها الأمين العام ل` "مؤسسة منتدى أصيلة" السيد محمد بن عيسى. وقد اختارت جامعة المعتمد بن عباد الصيفية، التي تعقد هذه السنة في إطار الموسم دورتها السادسة والعشرين، موضوع "الهجرة : بين الهوية الوطنية والهوية الكونية" لافتتاح سلسلة ندواتها وملتقياتها. وأبرز الرئيس السابق لجمهورية غانا السيد جون أجيكيم كوفور، في كلمة بالمناسبة، أهمية الهجرة والحركات الانسانية كظاهرة واكبت التاريخ الإنساني على مر العصور وساهمت بشكل كبير في تطور الدول. كما دعا إلى حل المشاكل المرتبطة بالهجرة عبر الاعتماد على مبادئ التنمية المشتركة والتعاون بين بلدان الشمال والجنوب مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح دول الاستقبال ودول المصدر. من جهته، أشار الوزير المكلف بالجالية المقيمة بالخارج السيد محمد عامر إلى وجاهة اختيار هذا الموضوع، وهو ما يجسد الاهتمام العالمي بقضية الهجرة، مذكرا بالدور الهام الذي اضطلعت به هذه الظاهرة الاجتماعية في بناء الحضارات والتبادل الثقافي والتقارب بين الشعوب. كما أبرز المكانة المهمة التي تحتلها الثقافة كعامل مساعد على الاستقرار وميسر لاندماج المجموعات الانسانية المهاجرة، مضيفا أن بلدان المصدر والاستقبال يتعين ان تنسق جهودها من أجل الاستفادة من التبادل الثقافي الذي يحدثه المهاجرون. في هذا الصدد، ذكر السيد عامر بتجربة المغرب في مجال إحداث مراكز ثقافية بالخارج تمكن مغاربة المهجر من البقاء متمسكين بهويتهم وقيمهم الحضارية وتراثهم الثقافي، كما تتيح أيضا لمجتمعات بلدان المهجر فرصة التعرف أكثر على مغرب الانفتاح والتسامح والتعددية الثقافية. من جانبه، أكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة على أن الظاهرة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بالفضاء المتوسطي وأعادت طرح مجموعة من الأسئلة الشائكة من قبيل الهوية والخصوصية الثقافية لدول الاستقبال واندماج المهاجرين. وأشار السنيورة، في كلمة تلاها نيابة عنه وزير الإعلام اللبناني السابق طارق متري، إلى أنه عوض الإجابة على بعض هذه الاسئلة، تم تسجيل بعض الممارسات العنصرية والأفكار الإقصائية بلغت أحيانا إلى حد استعمال العنف. واعتبر أن موسم أصيلة في دورته الثالثة والثلاثين يشكل فرصة لفتح حوار من أجل استعادة الجوانب الإيجابية للهجرة، وهي الظاهرة التي عرفها اللبنانيون منذ أزيد من قرن حينما تدفقت حركات هجرة كبرى من هذا البلد المتوسطي نحو العالم. وشدد وزير الخارجية الأرجنتيني السابق خورخي تايانا على أن الهجرة تشكل موضوعا يحظى باهتمام عالمي ويثير انتباه مجموعة المتدخلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين نظرا لتأثيراته المتبادلة بين دول المصدر والاستقبال. وتطرق في هذا الشأن إلى أن الأرجنتين بلد تأسس على الهجرة ويحمل سكانه نظرة إيجابية عن هذه الظاهرة باعتبارها عاملا للتنمية والتبادل الثقافي وإنتاج الثروات. بدوره تحدث وزير السياحة والصناعة التقليدية السيد ياسر الزناكي على مساهمة السياحة في التعارف والتقارب بين الشعوب، مبرزا أن الاتجاه العالمي للعروض السياحية ينحو إلى تثمين الخصوصات الثقافية والمؤهلات الفريدة للبلدان من أجل استقبال السياح الباحثين عن التعرف على حضارات وثقافات مغايرة. واعتبر في هذا الصدد أن استراتيجية 2020 التي وضعها المغرب للنهوض بالقطاع تعتمد على التنمية المستدامة والمؤهلات البيئية وتثمين الموروث المادي وغير المادي من أجل تحقيق التنمية المحلية، مؤكدا على ضرورة تعاون البلدان الشقيقة للمغرب عبر الصندوق المغربي للتنمية السياحية بهدف تدعيم هذه الاسترايتيجية. وستتميز الدورة ال` 33 من الموسم الثقافي الدولي لأصيلة باستضافة دولة الكويت، التي تحتفل بذكرى استقلالها الخمسين، كضيف شرف خصصت له فعاليات مهمة للتعريف بتراثه الفني والاجتماعي والفكري وإسهامات هذه الدولة الشقيقة في بناء الثقافة العربية.