المنتخب المغربي يودع دوري الملوك    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    تهنئة السيد حميد أبرشان بمناسبة الذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    مراكش... توقيف مواطن أجنبي مبحوث عنه بموجب أمر دولي بإلقاء القبض    حرائق لوس أنجلوس .. الأكثر تدميرا والأكثر تكلفة في تاريخ أمريكا (فيديو)    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    الملك يصدر عفوه السامي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير الأنشطة الملكية    الصويرة تعزز ربطها الجوي بثلاث وجهات فرنسية جديدة    توقيف شخصين في مراكش بتهمة النصب والاحتيال وتزوير وثائق السيارات    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    "الباطرونا" تتمسك بإخراج قانون إضراب متوازن بين الحقوق والواجبات    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    الملك يعزي أسرة الفنان بنعبد السلام    مؤسسة طنجة الكبرى في زيارة دبلوماسية لسفارة جمهورية هنغاريا بالمغرب    أحوال الطقس يوم السبت.. أجواء باردة وصقيع بمرتفعات الريف    الملك محمد السادس يوجه برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنان الراحل محمد بن عبد السلام    المناورات الجزائرية ضد تركيا.. تبون وشنقريحة يلعبان بالنار من الاستفزاز إلى التآمر ضد أنقرة    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    الملك محمد السادس يهنئ العماد جوزيف عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية    توقف مؤقت لخدمة طرامواي الرباط – سلا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إيداع 10 علامات تجارية جديدة لحماية التراث المغربي التقليدي وتعزيز الجودة في الصناعة الحرفية    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    ميناء الحسيمة يسجل أزيد من 46 ألف من المسافرين خلال سنة 2024    فيلود: "المواجهة ضد الرجاء في غاية الأهمية.. وسنلعب بأسلوبنا من أجل الفوز"    "الأحرار" يشيد بالدبلوماسية الملكية ويؤكد انخراطه في التواصل حول مدونة الأسرة    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة نضالية بارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية وتحقيق السيادة الوطنية    من هو جوزيف عون الرئيس الجديد للبنان؟    جماعة طنجة تعلن نسبة تقدم أشغال تأهيل معلمة حلبة ساحة الثيران    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    ملفات ساخنة لعام 2025    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    تحذير رسمي من "الإعلانات المضللة" المتعلقة بمطارات المغرب    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    السعودية تستعد لموسم حج 2025 في ظل تحديات الحر الشديد    اتحاد طنجة يعلن فسخ عقد الحارس بدر الدين بنعاشور بالتراضي    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    فضيحة تُلطخ إرث مانديلا... حفيده "الرمز" في الجزائر متهم بالسرقة والجريمة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. إيفرتون يفك الارتباط بمدربه شون دايش    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    وفاة الفنان محمد بن عبد السلام    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بندورو: الحكومة أصبحت في الدستور الجديد هي المصدر الأساسي للتشريع عوض البرلمان
أستاذ العلوم السياسية للمساء : الدستور القادم لا يختلف عن دساتير الحسن الثاني وتجب مراجعته
نشر في المساء يوم 30 - 06 - 2011

اعتبر عمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن دستور المملكة القادم، كما دستور 1962، ساهم في ترسيخ الملكية الحاكمة،
وجعل الملك محورا للمؤسسات السياسية، بل روحها، واصفا في حوار مع «المساء» المنتوج الدستوري الجديد بأنه «ليس منتوجا جيدا، لتضمنه عددا من التناقضات». وسجل بندورو بأنه ليس هناك فصل حقيقي للسلط في الدستور القادم، وأن الفصلين 41 و42 اللذين عوضا الفصل 19 أدخلا مقتضيات غامضة لم تكن في السابق وستكون مجالا لتأويلات مختلفة.
- لو طلبنا منك، بوصفك أكاديميا، إجراء مقارنة بين الدستور الجديد ودساتر الراحل الحسن الثاني. ما هي أهم الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذا الصدد؟
أخال أنه ليس هناك أي اختلاف بين دستور الملك الحسن الثاني في سنة 1962 ومشروع دستور الملك محمد السادس. إذ أن القاسم المشترك بينهما هو أنهما أقرا بما يسمى بالملكية الحاكمة أو الملكية التنفيذية في المفهوم الملكي. وإن كان لا أحد يمكنه أن ينكر أن دستور 2011 أقر عددا كبيرا من الحقوق والحريات، بيد أنه في نفس الوقت قلص جزءا كبيرا منها، فالدستور القادم للمملكة، كسابقه، لم يتبع مفاهيم الدستور المكتوب بمفهومه الحقوقي والقانوني. وعلى كل حال، يمكن من باب المقارنة بين الدستورين، القول بأنهما ساهما في ترسيخ الملكية الحاكمة (الملك يسود ويحكم) وجعل الملك محورا للمؤسسات السياسية، بل روحها، فالمؤسسة الملكية في كلا الدستورين مهيمنة على الحياة السياسية والمؤسسات، بل أكثر من ذلك، تقوّت سلطات الملك بناء على الفصلين 41 و 42 بالمقارنة مع الفصل 19 في الدساتير السابقة.
- هل معنى هذا أنه لم يتغير أي شيء مع الدستور الجديد؟
مع كامل الأسف إننا نعيش نفس الوضعية.
- ما تقييمك للعمل الذي أنجزته لجنة مراجعة الدستور برئاسة عبد اللطيف المنوني، التي أبدى أعضاء فيها انزعاجهم من التعديلات التي أدخلت على مسودة الدستور قبل ثلاث ساعات من الخطاب الملكي؟
حينما نتحدث عن لجنة مراجعة الدستور، يتعين إبداء ملاحظات أولية بخصوصها، تفيدنا في الحكم على عملها، ولعل من أهم هذه الملاحظات أن طريقة تشكيلها لم تقم على أسس ديمقراطية، فهي تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية، إذ لم يتم انتخاب أعضائها. كما تفتقر إلى التمثيلية، حيث لم تمثل فيها الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني. دون أن نغفل معطى أساسيا يتعلق بأن أغلبية أعضائها من المحافظين. وتبعا لذلك، لم يكن ينتظر من تلك اللجنة الشيء الكثير. وبالإضافة إلى الملاحظات السابقة، يمكن أن نشير إلى أن لجنة مراجعة الدستور مجرد لجنة استشارية تخضع لأوامر فوقية، ولا تقوم إلا بتقرير ما يجب تقريره بناء على الأوامر والتعليمات. ومن هنا يمكن القول بأن الحديث عن انزعاج أعضاء فيها مجرد زوبعة في فنجان. وفضلا عن افتقارها إلى الشرعية الديمقراطية والتمثيلية، وكونها مجرد لجنة استشارية، كان عملها سريا وغابت عنها الشفافية، إذ أن المواطن المغربي لم يعرف منهجية عملها ولا الكيفية التي تعاملت بها مع المقترحات التي تقدمت بها الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني. وأعتقد أن كل العناصر، التي أوردتها سابقا، تجعل لجنة مراجعة الدستور فاقدة للمصداقية.
- لكن مع ذلك كادت اللجنة، خاصة من خلال أعضاء يمثلون الحداثيين، أن تحدث تقدما من خلال تضمين مقتضيات تخص مدنية الدولة وحرية المعتقد.
ما أبغي التأكيد عليه هو أن لجنة مراجعة الدستور لم تكن مستقلة وغير قادرة على اتخاذ أي مبادرة، وكانت لا تعمل إلا باستشارة جهات عليا وبناء على أوامرفوقية. الأساسي بالنسبة إلي في الحكم على هذه اللجنة هو طبيعتها المتسمة بالتبعية وعدم الاستقلالية، واختيار أعضائها بناء على اقترابهم من السلطة. أما كون اللجنة أتت بمبادرات تم تعديلها فيبقى أمرا ثانويا.
- هل يحقق دستور المملكة القادم، في نظرك، الانتقال الديمقراطي الذي ينتظره المغاربة؟
مع كامل الأسف، لا نجد في مشروع الدستور الجديد ما يوحي بأننا بصدد تحول ديمقراطي، فدستور2011 يكرس الملكية الحاكمة، التي في ظلها لا يمكن أن نتحدث عن انتقال ديمقراطي أو ديمقراطية. فالانتقال الديمقراطي مفهوم يخضع لمجموعة من الشروط التي يجب توفرها قبل إقرار الدستور، الذي يتعين أن يكون مرآة للانتقال الديمقراطي ومكرسا له، وهو مع كامل الأسف، ما لن يتحقق مع الدستور المغربي القادم، إذ بالرغم من أن الحقوق والحريات منصوص عليها بشكل كبير، فإن هناك قيودا عدة ستعرقل ممارستها.
إن المرحلة التي سنعيشها بعد الاستفتاء على الدستور لن تختلف عن المراحل التي عشناها منذ تربع الملك محمد السادس على العرش. فاستناد الملك على الفصل 19 من الدستور الحالي من أجل إنشاء مؤسسات من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط، بعد خطاب 9 مارس، أمر لا يوحي بأن هناك إرادة سياسية حقيقية للدفع إلى الأمام بالمسار الديمقراطي. وباختصار، لسنا بصدد مرحلة جديدة، وإنما في مرحلة هي امتداد للمرحلة السابقة.
- ينص الدستور على أن نظام الحكم بالمغرب هو نظام ملكية دستورية، ديمقراطية، برلمانية واجتماعية. كيف تنظر إلى هذه التركيبة الرباعية المنصوص عليها في ديباجة الدستور؟
هذه العبارات متضمنة في الدستور القادم، إلى جانب عبارات أخرى، لكن دون أن تكون لها أهمية. فإذا حللنا مثلا ماهية الملكية الدستورية بالمفهوم الدستوري، سنجد أنها هي الملكية التي يسود فيها الملك ولا يحكم، لكن الدستور لا يقر بذلك. والأمر كذلك بالنسبة للملكية البرلمانية، التي تعني أن الملك يسود ولا يحكم، مما يجعل أن الملكية الدستورية والملكية البرلمانية تخضعان لنفس المفاهيم والمبادئ.
أما فيما يخص الملكية الديمقراطية، فإن أسئلة عدة تطرح بشأنها من قبيل:هل توجد في المغرب ديمقراطية سياسية حقيقية؟ بمعنى هل تمر الانتخابات بطريقة شفافة ونزيهة؟ وهل تمارس الأحزاب السياسية أنشطتها دون تدخل السلطة؟ وهل حرية الصحافة مضمونة ومحمية؟ هذه الأسئلة وغيرها تجد ردا يذهب إلى أن الديمقراطية السياسية تعرف مشاكل عديدة في المغرب، فهناك تدخل الإدارة واستعمال المال في الانتخابات والتضييق على الأحزاب السياسية وعلى الصحافة. وإذا انتقلنا إلى الديمقراطية الاجتماعية، فإن السؤال الذي يطرح هو: هل هناك ديمقراطية اجتماعية في المغرب مع ما تعنيه من اهتمام بجميع الفئات، خاصة الهشة؟ وإن كان الملاحظ أن ذلك غير متحقق شأنه شأن الديمقراطية الاقتصادية، التي تعني التوزيع العادل للثروات. على كل حال، هذه المفاهيم المتضمنة تبقى نظرية ولا تخضع للمفاهيم الدستورية المعروفة في الفقه الدستوري، ولا توجد في الدستور القادم الذي يقر بالملكية الحاكمة.
- هل يمكن أن نتحدث عن فصل حقيقي للسلط على ضوء المقتضيات الدستورية الواردة في الدستور الجديد؟
- ليس هناك فصل حقيقي للسلط، فحينما نتحدث عن هذا الفصل، فإن أول شيء يجب الانتباه إليه هو وضعية الحكومة هل هي مستقلة عن الملك أم لا؟ هل يمكنها أن تقدم بكل حرية برنامجها الحكومي؟ هل يمكنها أن تتخذ قراراتها في جميع الميادين بكل استقلالية؟ كإجابة عن هذه الأسئلة أرى أن شرط الاستقلال غير متوفر، وأن الحكومة المنبثقة عن الأغلبية البرلمانية لا يمكنها أن تطبق ما نادت به خلال الحملة الانتخابية، فالدستور القادم يجعل الحكومة تابعة للملك، سواء في تحديد برنامجها الحكومي وتطبيقه أو في التعيينات. باختصار، السلطة التنفيذية بقيت بين يدي الملك.
أما بالنسبية للسلطة التشريعية، فبالرغم من أن الدستور الجديد قوّى صلاحيات البرلمان في مجال التشريع، والسماح بتكوين لجان تقصي الحقائق بناء على طلب ثلث الأعضاء، وسهّل مسطرة ملتمس الرقابة، إلا أنه لا يتعين في الوقت ذاته نسيان أن السلطة التشريعية الأصلية ما زالت بين يدي الحكومة، فكل المواد التي لا تدخل في اختصاص البرلمان هي من اختصاص الحكومة. إذ بقيت هذه الأخيرة المصدر الأساسي للتشريع، وكان من الأجدى أن يتم التنصيص على أن الحكومة لا تقوم إلا باتخاذ مراسيم تنظيمية من أجل تطبيق القوانين الصادرة عن البرلمان، وهو ما يعمل به في الدول الديمقراطية.
- رفعت أحزاب سياسية وفعاليات مدنية، من بينها حركة 20 فبراير، مطلب الملكية البرلمانية. كيف تنظر إلى وضع الملكية في ظل الدستور القادم؟
وضعية المؤسسة الملكية وضعية قوية، فهي مهيمنة على مختلف السلط، إذ تمت تقويتها بشكل أكبر مما كانت عليه في دستور 1996، فأصبحنا أمام رئيس الدولة والملك وأمير المؤمنين والحكم الأعلى... فالملكية أسمى من جميع المؤسسات.
- كان الفصل 19 من الدستور الحالي، الذي كان يوصف بأنه دستور داخل الدستور، يثير على امتداد سنوات جدلا في المشهد السياسي. كيف ترى، على ضوء مضامين الدستور القادم، تعامل لجنة مراجعة الدستور مع هذا الفصل؟ وهل هناك قطع مع هذا الفصل والإشكالات التي يطرحها؟
لا أعتقد بأن هناك تغييرا، فالملك كان يعود في الماضي إلى الفصل 19 بصفته أميرا للمؤمنين أحيانا، وبصفته حامي الحقوق والحريات في أحايين أخرى، والآن مع الدستور الجديد في فصله 42 تضاف إلى الملك مهام أخرى، بصفته رئيس الدولة والحكم الأعلى وحامي الاختيار الديمقراطي.... غير أن اللافت هو أن هناك غموضا أكثر مما كان عليه الأمر في دستور 1996، فالفصلان 41 و42 من مشروع الدستور القادم أدخلا مقتضيات غامضة لم تكن في السابق، ستكون مجالا لتأويلات مختلفة ستظهر عند التطبيق.
- هناك من يتحدث عن غموض في صياغة بعض بنود الدستور، مما يفتح باب التأويل ويدخلنا في مرحلة الالتباسات. ألا يؤثر ذلك على قيمة المنتوج الدستوري الذي خرجت به لجنة المنوني؟
بقيت يمكن أن أقول، في هذا الصدد، إن المنتوج الدستوري الجديد ليس منتوجا جيدا، فهو يتضمن عددا من التناقضات. وعلى كل حال، لم يكن منتظرا أن يكون جيدا، بيد أنه سيفتح المجال أمام تناقضات عدة، من بينها ما جاء في تصدير الدستور القادم: «جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقةّ». فالعبارات الواردة في هذه الفقرة من تصدير الدستور تشير إلى أن الاتفاقيات الدولية يجب أن تخضع إلى قوانين المملكة والهوية الوطنية، وأنه لا يمكن أن تؤول تلك الاتفاقيات إلا بناء على هذه المعايير. هذا غموض وتناقض إرادي، وأعتقد أنه كان من اللائق الإشارة في الدستور إلى أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية، وأن على المشرّع ملاءمتها مع القوانين الدولية. وأخشى أننا سنكون بصدد تأويلات تسمح بعدم المصادقة على المعاهدات الدولية لكونها تتناقض مع العناصر التي أشرت إليها سابقا. كما أن تفعيل المعاهدات الدولية أصبح خاضعا للنشر، بمعنى أنه في حال المصادقة على المعاهدات الدولية دون نشرها لن تكون لها أهمية ولا تأثير على القانون الداخلي. ومن المقتضيات الأخرى التي يتضمنها مشروع الدستور وستكون مجالا للتأويل ما ورد في الفصل السابع بخصوص الأحزاب السياسية، حين نص على أنه لا يجوز أن تؤسس الأحزاب على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، وبصفة عامة، على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان، وأنه لا يجوز أن يكون هدفها المساس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو المبادئ الدستورية، أو الأسس الديمقراطية، أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة. الملاحظ في هذا الخصوص أن الغموض، الذي كان موجودا في العديد من القوانين المتعلقة بالحريات العامة، وخاصة في قانون الصحافة، والذي تم بالاستناد إليه معاقبة العديد من الصحافيين والزج بهم في السجون، تم إدخاله في الدستور الجديد. أعتقد أن الدستور القادم يفتقد مصداقيته ويتضمن مقتضيات غامضة تقلص من ممارسة الحقوق.
- ماهي الإجراءات التي تراها ضرورية لمواكبة تنزيل الدستور الجديد؟
لا يمكن أن نتحدث عن أي إجراءات حتى نرى كيف ستتم حملة الاستفتاء؟ وهل ستكون حرة؟ وهل سيسمح للمعارضة بالنقاش؟ وهل ستفتح أمامها القنوات التلفزية؟ وهل سيكون هناك تدخل للإدارة خلال التصويت أو تزوير؟
- في حال تحقق ذلك ما الإجراءات الضرورية لتنزيل الدستور؟
أول إجراء هو مراجعة الدستور الجديد. أما ما عدا ذلك من إجراءات فهو مرتبط بتلك المراجعة. إذ أن كل الإجراءات لن تكون لها أي قيمة في غياب دستور ديمقراطي وانعدام فصل السلط. وأعتقد أنه يتعين التفكير في الدخول في مرحلة الانتقال الديمقراطي، وإشراك جميع الأحزاب السياسية في كيفية مراجعة الدستور في مرحلة معينة. بالإضافة إلى إشراك جميع مكونات المجتمع المغربي، بما في ذلك أحزاب المعارضة وفعاليات المجتمع المدني، في حوار من أجل التوصل إلى توافق حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما يتعين الإعداد لمرحلة الانتقال الديمقراطي من خلال إعداد مرحلة يتم فيها التحاور والنقاش حول مختلف الإصلاحات التي ستسمح بالدفع إلى الأمام بالانتقال الديمقراطي وتكريسه في دستور مراجع مستقبلا.
- ما هو تعليقك على حبس رشيد نيني في ظل الحديث عن انخراط المغرب في العديد من الاصلاحات السياسية والدستورية؟
كما قلت سابقا، نحن بصدد مرحلة ما هي إلا امتدادا للمراحل السابقة. لكن هل يعقل أن نتحدث عن انتقال ديمقراطي في ظل استمرار الاعتقال السياسي واعتقال ومحاكمة الصحافيين وفق مقتضيات القانون الجنائي لا قانون الصحافة، واستمرار قمع التظاهرات السلمية؟ هذه الوقائع لا تؤشر على أننا بصدد مرحلة جديدة، تقتضي، فضلا عن إصلاح القوانين، تغييرا في الأشخاص والمسؤولين لأنه لا يمكن أن تكون هناك سياسة ناجعة بدون تغيير أناس عرفوا بانتهاك حقوق الإنسان أو نهب المال العام. كما تقتضي كذلك اختيار مسؤولين نزهاء وأكفاء، قادرين على تطبيق سياسة جديدة، لكن لا يبدو أن من خلال التعيينات التي شهدناها إلى حد الساعة أن هناك بوادر تؤشر على ذلك.
أما بخصوص اعتقال الصحافيين، فأعتقد أنه ليست هناك دولة، خاصة في مراحل ما يسمى بالانتقال السياسي، يمكنها أن تحرمهم من حرية التعبير عن آرائهم، ففي الدول الديمقراطية حينما يبدي صحافي شكوكه بخصوص عمل المؤسسات الأمنية، لا تزج به تلك المؤسسات في السجن، وإنما تقوم بإثبات عدم صحة ما ورد في تحرياته الصحافية وتقديم الحجج على ذلك.
- هل تعتقد أن النخب السياسية الحالية قادرة على التفاعل الإيجابي مع الدستور الجديد؟
سأعكس سؤالك لأقول:«هل الشعب المغربي مؤهل للديمقراطية؟». جوابي عن هذا السؤال هو «نعم». أما النخب السياسية فلا تكون إلا مرآة لتركيبة وطبيعة النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.