في إحدى ليالي نونبر الباردة كان الليل يرخي سدوله على دوار المرازيك التابع للنفوذ الترابي لجماعة سيدي العايدي، إقليمسطات، وبينما كان الكل يودع يوما من أيام الحرث المتعبة، وفي زاوية من الدوار، كان مراد يحمل أدواته وإطارا خشبيا، إذ كان ينوي أن يصلح نوافذ منزل أحد زبائنه، وقبل أن يقصد مكان العمل توجه نحو دكان بالدوار قصد التزود بقنينة غاز صغيرة، وهو الدكان الذي اعتاد أن يتسوق منه الضحية كلما كان في حاجة إلى الغاز، خاصة أن الدكان المذكور هو وحده من ظل يزود ساكنة القبيلة بقنينات الغاز بمختلف أحجامها. بعد التزود بقنينة الغاز، أدى الضحية ثمن القنينة وسلم صاحب الدكان 20 درهما، لكن الأخير أشعره بأنه لا يتوفر على «الصرف» وطلب منه أن يعود مرة أخرى قصد أخذه، لكن وقع سوء تفاهم بين الجاني والضحية حول الباقي، خاصة أن حقدا دفينا بين الاثنين كان قابعا في صدريهما، وعجل بإشعال نار النزاع، لكن الاثنين توقفا عن تبادل السب والشتم، ثم غادر الضحية الدكان متجها نحو منزله وهو يحمل قنينة الغاز المشؤومة. بعدما تأخر مراد عن العائلة التي كانت تنتظر عودته بقنينة الغاز، خاصة وأنه خرج من منزل أهله منذ مدة طويلة، خرج أفراد العائلة للسؤال عن ابنهم فقصدوا محل عبد الهادي المعروف بكونه بائع قنينات الغاز بالدوار، لكنهم لم يجدوا جوابا عند المعني بالأمر، فسألوا عنه كل من يعرفه لكن دون جدوى، لم يهدأ لعائلة الضحية بال، فتيقنوا من أن مكروها حصل لابنهم الذي يحترف النجارة، وبعد ما يزيد على 48 ساعة من بحثها عن المختفي وجدوا جثته في أحد الوديان الجافة، وهي تحمل آثار تعنيف وفوق رأسه حجر كبير. إشعار بالعثور على جثة المختفي اتصل عم الضحية بقائد المركز الترابي للدرك الملكي بسطات، في الثالثة صباحا، لإشعاره بخبر العثور على جثة ابن اخيه بأحد الأودية التابعة لمزارع دوار المرازيك البعيدة عن مركز سيدي العايدي بحوالي 14 كيلمترا، وكان الضحية قد اختفى عن الأنظار ثلاثة أيام، وعلى الفور انتقلت عناصر المركز الترابي إلى الدوار المذكور بعد إشعار النيابة العامة، وبعد اجتياز مسلك وعر وصلت عناصر المركز الترابي إلى الدوار المذكور، ومنه إلى الوادي حيث عثر على جثة شخص في عقده الثاني مرميا على الأرض وبه جروح غائرة في الرأس والظهر. بعد مسح مكان الجريمة واتخاذ الإجراءات اللازمة، فتحت الضابطة القضائية بحثا في الموضوع استهلته بالاستماع إلى مجموعة من ساكنة الدوار، إلى أفراد عائلة الضحية الذين أخبروا رجال الدرك بأن الضحية قصد دكان عبد الهادي للتزود بقنينة الغاز، لكنه لم يعد، فبدأت علامات الاستفهام تحوم حول هذا الأخير والذي زاد تماطله في الخروج من بيته من شكوك عناصر الضابطة القضائية، وهو ما جعل قائد المركز الترابي للدرك الملكي بسطات يتوجه إلى بيت المعني بنفسه وإلحاحه على خروج المعني بالأمر، وباستعمال جميع المحاولات تم استدراج المعني بالأمر، وتمت محاصرته بمجموعة من الأسئلة التي أربكته. وأنكر في البداية المنسوب إليه، لكن وبعد مواجهته بالأدلة المادية اعترف بأنه تشاجر مع الضحية ووقع ما وقع، وتم اقتياد الجاني إلى سرية الدرك الملكي بسطات للتحقيق معه. تربص... وقتل عمد بعد اعترافه باقترافه جريمة القتل، اقتادت عناصر المركز الترابي للدرك الملكي بسطات، مرفوقة بفرقة المركز القضائي، الجاني لإعادة تمثيل الجريمة، حيث اعترف بأن الضحية قصده من أجل التزود بقنينة غاز لكن سوء تفاهم حول «الصرف» جعلهما يتبادلان السب والشتم، ثم غادر الضحية الدكان متوجها نحو منزله، لكن الجاني لم يستسغ ما بدر من الضحية فاقتفى أثره وفي غفلة منه، استل مطرقة من جيب الضحية وهوى بها على جبينه، لم يستطع معها الضحية الوقوف فسقط على الأرض، فحمله الجاني لمسافة تزيد على 600 متر، ثم أوقعه على الأرض واستل سكينا من جيبه وطعنه بها في الظهر، وجره إلى واد جاف بالدوار، وبما أن الضحية لم يفارق الحياة حمل الجاني حجرا كبيرا يفوق وزنه 50 كيلوغراما وهوى به على رأس غريمه، وبعد تنفيذه لجريمته في حق ابن الدوار، سلبه الجاني هاتفه النقال وهو الشيئ الوحيد الذي كان لدى الشيء الضحية، وعاد إلى منزله، وأخفى الهاتف النقال وسط أكوام من التبن التي كانت توجد بالقرب من منزل القاتل، وأخفى في مكان آخر بجنان الصبار المطرقة التي استعملها في إسقاط الضحية مغمى عليه. بعد إكمال المسطرة تمت إحالة المعني بالأمر على الوكيل العام للملك لدى استئنافية سطات، من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وتمت إحالته على قاضي التحقيق من أجل التوصل إلى حقيقة الأمر.