ارتأت السلطات المحلية بمدينة الدارالبيضاء منح الترخيص لمسيرة الزاوية القادرية البودشيشية يوم الأحد المقبل عوض السبت، الذي طلبته الزاوية من أجل تنظيم مسيرة وطنية كبرى حول مشروع الدستور الجديد. ولم تكشف مصادر من داخل الزاوية عن السبب وراء تأخير موعد المسيرة بيوم، لكن المرجح أن يكون لذلك ارتباط بالاستعدادات الأمنية لكي تمر المسيرة في ظروف مناسبة، خاصة هذه المسيرة ينتظر أن تشهد مشاركة مكثفة من طرف أتباع الزاوية في مختلف مدن وأقاليم المملكة. وأعطت الطريقة توجيهات إلى مختلف الزاويا التابعة لها في المغرب من أجل التعبئة في صفوف مريديها وشرح أهداف الطريقة من تنظيم المسيرة، وإتمام الاستعدادات المادية واللوجستية. وقدر لحسن السباعي الإدريسي، عضو اللجنة التنظيمية للمسيرة، في تصريحات ل«المساء»، عدد الذين سيشاركون في المسيرة بنحو 100 ألف من الفقراء والفقيرات الذين سيحجون من مختلف مناطق المغرب، وقال: «أملنا أن يكون الحضور قويا، إلا أننا لا نتوقع مشاركة أكبر كما نتصور بسبب الصعوبات المادية». وأضاف السباعي بأن المسيرة «ليست موجهة ضد أي طرف، بل هي مسيرة للتعبير عن موقف الطريقة ولدعم مشروع الدستور، الذي نعتبر بأنه يمثل تحولا في الممارسة السياسية، خصوصا أنه حافظ على ثوابت البلاد، ولأن كل ما يجمع الناس هو ما يهمنا». أما عبد الصمد غازي، عضو نفس اللجنة، فقد أكد بأن مسيرة الأحد «تعبر عن موقف وطني مبدئي من الإصلاحات الدستورية التي عرفتها بلادنا، وتعلن صراحة عن التعبئة الشاملة والكلية للتصويت بنعم على مشروع الدستور الجديد». وهذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الطريقة القادرية البودشيشية، الأوسع انتشارا، مبادرة لتنظيم مسيرة وطنية مستقلة، من حيث التنظيم والإشراف والإعلان والتقدم لطلب الترخيص، إذ كانت سابقا تكتفي بالمشاركة ضمن مسيرات تعلن عنها أطراف أخرى، مثل المسيرة الوطنية للتنديد بالرسوم المسيئة للنبي والمسيرة الوطنية ضد المجازر الصهيونية في غزة في يناير 2009 والمسيرة الوطنية ضد تصريحات مسؤولين بالحزب الشعبي الإسباني حول قضية الصحراء بالدارالبيضاء في فبراير 2010. وقد دفعت تلك المسيرات الطريقة القادرية البودشيشية إلى واجهة الأحداث كأكبر طريقة صوفية بالمغرب تتخذ مواقف سياسية وتنزل إلى الشارع، في تحرك غير مسبوق وسط النسيج الصوفي المغربي، مما أشر في وقته على حصول تحول نوعي في التعاطي مع الشأن العام من قبلها. ولم تعلن أي زاوية صوفية حتى الآن عما إذا كانت ستلتحق بالمبادرة وتخرج إلى الشارع للتعبير عن موقفها من مشروع الدستور الجديد، غير أن الواضح هو أن موقف الطريقة البودشيشية سوف يدفع زوايا أخرى إلى إعادة النظر في مواقفها.