رئيس كولومبيا يتخبط أمام ترامب    حريق جزئي في بناية 'دار النيابة' التاريخية بطنجة بسبب تماس كهربائي    انفجار نفق بسد المختار السوسي بضواحي تارودانت.. بعد مرور أكثر من 12 ساعة من الحادث لا زال 5 عمال مفقودين    نشرة إنذارية: هبات رياح محليا قوية من 70 إلى 95 كلم/س بعدد من أقاليم الشمال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    تأني الفتح يغلب استعجال الرجاء    نادي الشارقة الإماراتي يعلن تعاقده مع اللاعب المغربي عادل تاعرابت    السنغال تبدأ تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا    العيون تُعلن عاصمة للمجتمع المدني المغربي لسنة 2025    الكاف: أكثر من 90 بلدا سيتابعون قرعة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    جريمة تهز وزان: مقتل سيدة وإصابة شقيقتها في اعتداء دموي بالسلاح الأبيض    الشرقاوي حبوب: تفكيك خلية إرهابية بمنطقة حد السوالم يندرج في إطار الجهود المبذولة للتصدي للخطر الإرهابي    الدورة 35 لماراطون مراكش الدولي: العداء الكيني ألفونس كيغين كيبووت والإثيوبية تيرفي تسيغاي يفوزان باللقب    المغرب يحقق سابقة تاريخية في كأس إفريقيا.. معسكرات تدريبية فاخرة لكل منتخب مشارك    وزارة التربية الوطنية تكشف خلاصات لقاءات العمل المشترك مع النقابات التعليمية    إحباط تهريب 200 كيلوغرام من الحشيش بميناء سبتة المحتلة    الملك محمد السادس يهنئ الحاكمة العامة لكومنولث أستراليا بمناسبة العيد الوطني لبلادها    تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ومرفوضة فلسطينيا وعربيا.. ترامب يقترح ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى الدول العربية المجاورة    تراجع للدرهم أمام الأورو.. و4% نمو سنوي في الاحتياطيات    هذه خطة المغرب لتعزيز شراكته الاقتصادية مع الصين وتقليص العجز التجاري    المفوضية الأوروبية: الاتفاقيات الجوية بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا تشمل الصحراء    تقرير: المغرب يواجه عام 2025 بتطلعات متفائلة مدعومة بالتعاون الاقتصادي مع الخليج وأوروبا    الشرقاوي: تفكيك الخلية الإرهابية بحد السوالم يندرج في إطار التصدي للخطر الإرهابي    غرق بحار ونجاة أربعة آخرين بعد انقلاب قارب صيد بساحل العرائش    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    15 قتيلا بنيران إسرائيل بجنوب لبنان    "كاف": الركراكي مطالب بالتتويج    ريدوان وحاتم عمور وجيمس طاقم تنشيط حفل قرعة كأس أمم إفريقيا    بعد نجاحه مع نشيد ريال مدريد.. ريدوان يستعد لإطلاق أغنية خاصة ب"أسود الأطلس"    تفكيك "شبكة حريڭ" باستخدام عقود عمل مزورة    كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم: الكشف عن الشعار الرسمي للبطولة    تفشي مرض الحصبة في المغرب.. الوضع يتفاقم والسلطات تتحرك لمواجهة اتساع رقعة انتشاره    وزارة التجهيز والماء تطلق ورشات تشاورية لتثمين الملك العمومي البحري    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليم شفشاون    الطماطم المغربية تغزو الأسواق الأوروبية أمام تراجع إسبانيا وهولندا    جمعوية: الكلاب المتخلى عنها الأخطر على المواطنين مقارنة بالضالة    أساتذة "الزنزانة 10" يحتجون بالرباط‬    المغرب حاضر بقوة في المعرض الدولي للسياحة في مدريد    رحلة مؤثر بريطاني شهير اكتشف سحر المغرب وأعلن إسلامه    شبكة صحية تنتقد الفشل في التصدي ل"بوحمرون" وتدعو لإعلان حالة طوارئ صحية    المحكمة الكورية ترفض طلب تمديد اعتقال الرئيس المعزول    الجزائر تتجه نحو "القطيعة" مع الفرنسية.. مشروع قانون لإلغائها من الجريدة الرسمية    الصين: ارتفاع الإيرادات المالية بنسبة 1,3 بالمائة في 2024    أخنوش أصبح يتحرك في المجالات الملكية مستبقا انتخابات 2026.. (صور)    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيد الله: الدستور الجديد جسد منظورنا لوظيفة الملكية وحزبنا لا يعيش عزلة
أمين عام الأصالة والمعاصرة قال للمساء إن استقالة الهمة جزء من النقد الذاتي وحركة 20 فبراير مخترقة
نشر في المساء يوم 24 - 06 - 2011

قال محمد الشيخ بيد الله، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، إن الدستور الجديد مهما كان ثوريا من حيث مضامينه فإنه لا يمكن أن يؤدي مفعوله بدون إصلاحات سياسية مرافقة،
مضيفا في حوار مع «المساء» أن الدستور الحالي استجاب بشكل كبير لمطالب حزبه الدستورية الأساسية بخصوص قضايا الحقوق والحريات وفي جعل مهام التشريع حكرا على السلطة التشريعية وتقوية آليات رقابتها على العمل الحكومي. وبخصوص حركة 20 فبراير، فقد قال بيد الله إن انتقاده لهذه الحركة جاء بعد أن سقطت في ما أسماه «تطرف خرافي أو يساري راديكالي متجاوز، مؤداه إجهاض أحلام هؤلاء الشباب والزج باسمهم في معارك ليست معاركهم الحقيقية».
- كيف تقيمون الدستور الجديد الذي جاء ثمرة ثلاثة أشهر من المشاورات؟
بلور الحزب موقفه من الدستور الجديد خلال اجتماع المكتب الوطني ليوم الجمعة 17 يونيو الجاري، مباشرة بعد الخطاب الملكي السامي، حيث اعتبره محطة تاريخية غير مسبوقة في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة وتعزيز الاختيارات الديمقراطية لبلادنا، وتكريس ثوابت الأمة والطابع التعددي للهوية، وتتويج مسلسل التراكمات والمصالحات في مجال حقوق الإنسان والحكامة الجيدة، وإقرار المساواة وتكافؤ الفرص بين النساء والرجال.
- هل ترون أن الدستور تجاوب مع مذكرة حزبكم بالشكل المطلوب، وما هي ملاحظاتكم حوله بعد النقاشات داخل الحزب؟
مشروع الوثيقة الدستورية المعروضة على الاستفتاء استجاب بشكل كبير وبنسب مرتفعة لمطالبنا الدستورية الأساسية بخصوص قضايا الحقوق والحريات، وإعمال منطق برلماني أكبر في تشكيل الحكومة وفي اشتغالها وفي إنهاء مهامها، وفي جعل مهام التشريع حكرا على السلطة التشريعية وتقوية آليات رقابتها على العمل الحكومي، وتعزيز انفتاح السلطة القضائية وتعزيز استقلاليتها، وتمكين الجهة من وضع دستوري جديد قياسا بباقي الجماعات المحلية، كما أن المشروع ذهب بعيدا في مأسسة منظورنا لوظيفة المؤسسة الملكية، التي أردناها تحكيمية وضامنة لانخراط بلادنا في المشروع الديمقراطي الحداثي، ومع ذلك أبدينا الكثير من الملاحظات بخصوص قضايا أخرى، لكني من أنصار عدم تقنين كل شيء داخل الدستور، وستتاح لنا فرصة وضع القوانين التنظيمية كما القوانين العادية لنكمل المضامين الدستورية الجديدة، كما أن على الممارسة أن تضيف بصمتها وتأويلها لهذه النصوص من خلال الأعراف والعادات الدستورية، لأن إعمال الدستور هو الذي يعطي حياة للنصوص التي تبقى في حد ذاتها جامدة.
- يتوقع البعض أن تكون هناك حملة لمقاطعة الاستفتاء حول الدستور أو الدعوة إلى التصويت بالرفض، ما رأيكم؟
إن الديمقراطية تسمح بكل هذه الإمكانيات، ونحن اليوم أسسنا لمجال عمومي حقيقي في ما يخص المسألة الدستورية ببلادنا، فلقد تابعتم مثلا طبيعة النقاش الذي كان دائرا حول طريقة مقاربة مشروع الدستور والمنهجية المتبعة لإعداده، لكن أعتبر بأن الدعوة إلى موقف سلبي من المسودة المعروضة على الاستفتاء سيصطدم بصعوبة تبرير هذا الموقف على المستويين السياسي والقانوني، على اعتبار أننا بصدد مشروع ساهم الجميع في إعداده وبلورته، وفي مناقشة كل القضايا المرتبطة به بما في ذلك طبيعة النظام الملكي الذي نريده، إلى جانب كون المشروع قد تجاوز حدود «المراجعة» فهو في جوهره «دستور جديد» وليس «دستورا معدلا»، وكذا المحددات السبعة الواردة في خطاب 9 مارس، وأيضا مطالب العديد من الفرقاء الحزبيين والمدنيين، لذا، فإن أكبر تحد لمثل هذا الخطاب، هو محاججة المضامين الثورية للتعديل وهي مهمة لا أعتقد بأنها ستكون سهلة بوجود ارتياح عام وعارم لكل مراحل المسار الذي عرفه هذا المشروع، وإن بتحفظات على بعض حلقاته وهو ما عبرنا عنه في حينه.
- بعض المراقبين يرون بأن الدستور الجديد مهما كان ثوريا من حيث النص لا يمكن أن يؤدي مفعوله بدون إصلاحات سياسية مرافقة، هل أنتم مع هذا الرأي وما هي الإصلاحات التي يراها الحزب مستعجلة؟
صحيح، وهو ما جسدناه في مذكرتنا حول الإصلاحات السياسية وما ضمناه في العديد من تصريحاتنا، فالدستور وإن كان سيرقى بمكانتنا في نادي الديمقراطية، وسيغير من طبيعة بنائنا المؤسساتي وجوهر قواعد اللعبة السياسية، فإن تفعيله الأمثل يبقى مرتبطا بشروط خارج الوثيقة الدستورية، خصوصا أن التعديلات التي أدرجت في المشروع تتجه بنا نحو نظام برلماني قائم على فصل وتوازن مرن بين السلطات وهو ما يقتضي التوفر على بنية استقبال قوية، أي أحزاب سياسية متينة بتقاطبات واضحة، وانتخابات تدار وفق نمط اقتراع يشجع على الاختيار على أساس البرامج ويمكن من ضمان مقروئية واضحة للمشهد السياسي، وانخراط واسع وواع للمواطنين في العملية السياسية.
- برأيكم هل النخبة السياسية والحزبية اليوم مؤهلة لمسايرة مغرب التحولات بعد الدستور الجديد؟
هذا جزء من المشروع السياسي الذي على أساسه تأسست تجربة حزب الأصالة والمعاصرة، ومؤداه أن مسلسل الانتقالات المتسارعة التي عرفها المغرب والتحولات العميقة التي همت كل المجالات، قد استثنت مع كامل الأسف الحقل الحزبي، الذي قاوم كل النفس الإصلاحي القانوني الذي حمله الإنتاج التشريعي للسنوات العشر الماضية، وأخص بالذكر التغيير الذي طال الأدوات القانونية لممارسة الانتخابات والمضامين التي عبر عنها قانون الأحزاب السياسية، لهذا رفعنا شعار التأهيل السياسي والحزبي، وأكدنا على ضرورة إعادة النظر في نموذج التعددية القائم، وعلى ملحاحية الانفتاح على الطاقات الجديدة التي نفرت، لأسباب ذاتية أو موضوعية، من فضاء السياسة وعالم السياسيين، وفي العديد من المناسبات عبرت عن أن تجاوز وضع أزمة السياسة لا يحل فقط عبر التوفر على أحسن الدساتير أو بإعادة النظر وبشكل عميق في قواعد اللعبة السياسية، ما لم يصاحب بتوفير بنيات استقبالية تهم أساسا وجود نخب جديدة ومسؤولة، قادرة على تمثل التغيير والتعبير عنه، ودوران حقيقي للنخب قادر على تجاوز صراعات الأجيال القائمة اليوم، فالتوفر على نخب جهوية تقيم حدودا واضحة بين التمثيل الجهوي والوطني، فلقد عشنا لسنوات على فكرة أن المركز هو مصدر السلطة والخيرات في حين أن هذه الأخيرة توجد في الجهات كما الأطراف.
- كنتم قد انتقدتم حركة 20 فبراير على خلفية الاتهامات باختراقها من طرف جماعة العدل والإحسان والنهج الديمقراطي، ما هي مؤاخذاتكم على هذه الحركة؟
نحن لم ننتقد حركة 20 فبراير باعتبارها حركة شبابية تطمح إلى التغيير وتعبر عن مطالب نعتنا أغلبها بالمشروعة، لكننا انتقدنا اختراقها ومحاولة الركوب على شرعية الشعارات التي رفعتها، ونبهنا إلى أن السقوط في تطرف خرافي أو يساري راديكالي متجاوز، مؤداه إجهاض أحلام هؤلاء الشباب والزج باسمهم في معارك ليست معاركهم الحقيقية، وهذا ما ظهر بشكل واضح في ما تنقله الصحافة عن مناقشاتهم الداخلية بخصوص الأشكال الاحتجاجية التي يقدمون عليها وسقف المطالب التي يعبرون عنها، لدرجة أن البعض ذهب إلى أن اليسار الراديكالي يهيمن على الحركة على مستوى الموقف السياسي المعبر عنه، في حين تحتكر جماعة يمينية متطرفة وظيفة التجييش والتعبئة، قد يقول قائل هذا نتيجة خطأ الأحزاب التي لم تتفاعل بدرجة كبيرة مع هذه الحركة وتركتها رهينة بيد هذه القوى، قد يكون هذا الرأي صائبا في جزء منه، لكنه لا يبرر الإقدام على استخدام الآخر في معارك الأنا.

- ألا ترون أن هناك مفارقة ما بين الحديث عن دستور جديد ومغرب جديد في وقت يتم فيه تهميش أو عدم إشراك هذين الفصيلين، مما يجعل الدستور الجديد بعيدا عن كونه دستور الإجماع؟
بداية، لابد من إبداء ملاحظتين على سؤالك، الأولى، أنه في حقل السياسة لا يتم الإجماع إلا حول الثوابت، لذا، فإن كل دساتير المغرب لم تحظ بالإجماع بما في ذلك دستور 1996، الذي وضع في إطار جو التوافق السياسي وفي سياق التحضير لانتقال الملك، الملاحظة الثانية، أن الفصيلين اللذين تتحدث عنهما يشتغلان على هامش بنية النظام ومؤسساته، ويدعوان إلى نظام بديل قائم إما على الخرافة أو على أفكار طوباوية لفظتها ووأدتها حتى الشعوب التي أفرزتها، وبالتالي، فإن هذه الجماعات أقصت نفسها بنفسها، وكرست هامشية مطالبها، وعدم مشروعيتها، مما جعلها تستمر في التغريد خارج السرب.
- اتهمتم في المجلس الوطني الأخير للحزب جهات لم تسموها بتوظيف حركة 20 فبراير من أجل استهداف الحزب ورفع شعارات مناوئة له، هل تشكون في اليسار أم في الإسلاميين؟
ليس المهم من تكون هذه الجهات، أو على أي صف هي محسوبة، لكن المشكل أنها استغلت براءة الشباب وحماسهم وشرعية جزء كبير من مطالبهم، لترفع شعارات معادية للحزب وجزء من قيادته، وهو عمل مجانب للأخلاق ولمقتضيات القانون، فهل الديمقراطي من يطالب بحل حزب سياسي شرعي وقائم؟، وهل يسمح المنطق الحقوقي بمصادرة حق الإنسان في تأسيس الأحزاب والانضمام إليها؟، أو ليس من العبث أن يستمر هؤلاء في سب ذكاء أكثر من مليون ونصف من المغاربة الذين صوتوا على حزب الأصالة والمعاصرة؟
- عاش حزبكم استقالات عديدة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد ظهور حركة 20 فبراير، كيف تفسرون ذلك؟
إن الاستقالات لم تكن كثيرة أو ذات وقع كبير، لكن الطريقة التي سوقت بها والتهويل الذي قدمت به والمانشيط البارز والمغرض الذي كتبت به، هو الذي أريد منه الوصول إلى مضمون سؤالك.
- هناك مشكلة سياسية يعيشها الحزب كما هو واضح من خلال العديد من المحطات، وهي مشكلة التطبيع مع المشهد السياسي في المغرب، كيف ترون حل مشكل هذه العزلة التي تعيشونها؟
أظن أنك تقصد بسؤالك التطبيع مع باقي الفاعلين الحزبيين، وهو مشكل غير مطروح بالنسبة للحزب، رغم أن البعض حاول استغلال كل المناسبات والملابسات والملاسنات لفرض عزلة وحصار علينا، نحن حزب في المعارضة ولدينا علاقات طيبة مع بعض مكونات الأغلبية الحكومية التي غادرناها لأسباب تعرفونها جيدا، كما أننا بصدد حقل سياسي يعيد تشكيل نفسه وتقاطباته باستمرار، ولم تنقطع في خضم تحولاته علاقاتنا مع باقي الفرقاء السياسيين.
- لكن هناك من طالب علنا بحل الحزب، وبعضهم طالب بإبعاد مؤسسة فؤاد عالي الهمة ؟
حل الحزب ضد 21 في المائة من الهيئة الناخبة التي منحت أصواتها لحزب الأصالة والمعاصرة في انتخابات 2007، هل وضع الحزب شرطيا داخل كل عازل لكي يقنع الناخب بالتصويت عليه؟ وهل 68 في المائة من بين 6032 مرشحا جاؤوا للحزب بالقوة؟ هذه خزعبلات وأنا أخاف أن يتولى أمثال هؤلاء الحكم غدا في البلاد وأن يعودوا بنا إلى الفكر الشمولي والاقصائي والديكتاتوري، هذا خطير جدا، ويخيفني على أبنائي وحفدتي، لأن هذا الخطاب نبت في حاضنات كانت في أصلها شمولية.
- لماذا طلب فؤاد عالي الهمة إعفاءه من المسؤوليات داخل الحزب؟
لا أعتقد بأن هناك خلفيات وراء طلب الاستقالة من لجنتين دائمتين فقط، بل هناك أسباب واضحة عبر عنها الأخ فؤاد عالي الهمة بكل جرأة ومسؤولية في نص رسالة الإعفاء المرفوعة إلى الأمانة العامة للحزب، وهي جزء من ممارسة «النقد الذاتي» لمسار تجربتنا التي نخضعها للتقييم والتقويم المستمرين.
- هناك مشكل بدأ يطرح داخل مختلف الأحزاب السياسية منذ اليوم، وهو مشكل التزكيات الانتخابية، كيف ستدبرون هذا الأمر داخل حزبكم وهل سيتم تفويضه إلى الأمناء الجهويين أم أنه سيبقى على الصعيد المركزي؟
موضوع التزكيات، وإن كان هذا الملف سابقا لأوانه بحكم أن اهتمامنا منصب اليوم والآن على إنجاح مسلسل التعبئة حول المضامين الثورية لمشروع مراجعة الدستور، فإنه يندرج في صميم عمل اللجنة الوطنية للانتخابات المخول لها منح التزكيات، التي يبقى النظر والبت فيها من صميم اللجن الانتخابية الجهوية انسجاما مع جهوية التنظيم التي نتبناها، حيث لا تتدخل اللجنة الوطنية إلا كحكم أو كجهاز للفصل النهائي إذا تعذر حل الإشكال على المستوى الجهوي.
- يتداول البعض سيناريوهات متعددة للانتخابات المقبلة، هل حزبكم مع إشراف الحكومة الحالية عليها أم مع تشكيل حكومة وطنية للإشراف على الانتخابات؟
هذا الموضوع لم يعرض للتداول داخل المكتب الوطني للحزب، لذا ما أبديه بخصوصه لا يعدو أن يكون سوى وجهة نظر شخصية لكنها مؤسسة بخلفية أدبيات الحزب، فمبدئيا نحن ناصرنا قيمة «التطبيع» في العمل المؤسساتي والسياسي، ورفضنا أن نرجع تجربتنا للحلول التوافقية الانتقالية في كل مرة، كما أن بلادنا عرفت خلال العشر سنوات الأخيرة إشراف حكومتين على الانتخابات التشريعية في عهد الوزيرين الأولين الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي وكذا السيد ادريس جطو، فما الذي يمنع اليوم حكومة شكلت وفق «المنهجية الديمقراطية» أن تشرف على الانتخابات؟
- دافعتم بقوة عن بقاء تمثيلية كل من النقابات والغرف المهنية بمجلس المستشارين في صيغته الجديدة تحت اسم مجلس الجماعات الترابية، هل دفاعكم مرده إلى ترؤسكم لمجلس المستشارين أم هو قناعة خاصة بحزبكم؟
الموقف الذي عبرت عنه ليس موقفا شخصيا، أو ناتجا عن صفتي كرئيس لمجلس المستشارين، ولكنه موقف تبلور في أجهزة الحزب ومن خلال دفتر مطالبه، وفي البداية لم يكن هذا هو موقفنا، حيث دافعنا مثلا في مذكرة حزب الأصالة والمعاصرة بخصوص الجهوية وأيضا في مذكرتنا الدستورية الأولية عن فكرة جعل مجلس المستشارين فضاء للتمثيل الترابي والمجالي للدولة عبر قصر التمثيل فيه على الجهات إسوة بتجارب مقارنة تجعل الغرف البرلمانية الأولى تمثل ساكنة الدول في حين أن الغرف الثانية تمثل مجالها الجغرافي أو الترابي، لكن عندما كنا بصدد مناقشة مذكرتنا الأولية مع المستشارين البرلمانيين تبلور موقف آخر يحمل أيضا قوة إقناعية وترافعية هامة، وهو أن ديمقراطيتنا كما ملكيتنا تحمل أيضا طابعا وملمحا اجتماعيا، مما يقتضي تمثيل الغرف المهنية بشكل يسمح لها بالمشاركة في صناعة التشريع ومراقبة العمل الحكومي وهو الدور غير المتأتى بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، أما في ما يتعلق بالنقابات، فقد أثبتت تجربة الحضور النقابي في التجارب البرلمانية السابقة والحالية، أن هذا المكون يتوفر على نضالية عالية وحضور متميز وهو ما يضفي على العمل التشريعي دينامية وحيوية، وهي المبررات التي قدمها للدفاع عن مطلب بقاء تمثيل النقابات بمجلس المستشارين، لا سيما أن خطاب 9 مارس ترك باب الاجتهاد مفتوحا، وأن النقابات أصبحت فاعلا أساسيا في الحوارات الاجتماعية واستتباب السلم الاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.