اتهم عبد السلام بلفحيل، عضو المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، إدارة التعاضدية التي يرأسها عبد المولى المومني، بخرق مدونة الصفقات العمومية، مطالبا وزير التشغيل والتكوين المهني ووزير المالية والاقتصاد بفتح تحقيق في «الاختلالات» التي يعرفها تدبير الصفقات داخل التعاضدية. وحسب عضو المجلس الإداري للتعاضدية، فإن من الصفقات التي تثير علامات استفهام صفقة تهيئة عيادة طب الأسنان بسلا – المدينة، حيث يشير محضر فتح الأظرفة اختيار مقاولة لإنجاز أشغال تهيئة العيادة إلى عدم احترام المرسوم رقم 2.06.388 الصادر في فبراير 2007 والذي يحدد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا القواعد المتعلقة بتدبيرها و مراقبتها، وهو «ما يعتبر خرقا واضحا لمدونة الصفقات العمومية». ويؤكد محضر فتح الأظرفة، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، بأنه تمت استشارة ثلاث مقاولات عبر الهاتف، وهو ما يعتبر خرقا واضحا للمادة 75 من نفس المرسوم، التي تحدد طريقة إبرام سندات الطلب، يقول بلفحيل، مشيرا إلى أن تلك المادة تلزم صاحب المشروع باستشارة كتابية لثلاثة متنافسين على الأقل وتقديم ثلاثة بيانات مختلفة للأثمنة. وأوضح بلفحيل أن هذه الاستشارة الكتابية شرط فرضه المشرع لضمان الشفافية والمنافسة، التي هي أحد المبادئ التي يؤسس عليها نظام الصفقات النظيف. إلى ذلك، استغرب بلفحيل أن يكون مبلغ ميزانية الصفقة (180554.40 درهم) الذي حددته إدارة التعاضدية، هو المبلغ ذاته الذي قدمته المقاولة التي فوتت لها الصفقة، مشيرا إلى أن القانون يلزم صاحب المشروع بتقدير قيمة الأشغال وتحديد الميزانية المرصودة لهذه العملية وتقديمها لرئيس لجنة فتح الأظرفة، في وثيقة سرية، قبل أن يباشر بفتح الأظرفة. وتساءل بلفحيل «كيف يمكن أن يصل هذا المبلغ المقدر سريا، والذي يمنع تسريبه إلى المقاولات المتنافسة، ضمانا للشفافية والتنافسية المنصوص عليها في مدونة الصفقات العمومية؟»، معتبرا أن الاحتمال الوحيد هو أن هذا الرقم تم تسريبه إلى المقاولة ل»تفوز» بهذه الصفقة. والمثير، حسب عضو المجلس الإداري، أن المقاولتين المتبقيتين قدمتا عرضا بقيمة تتجاوز 200 ألف درهم (20 مليون سنتيم)، وهو مبلغ حددته المادة 75 من مدونة الصفقات العمومية، بالنسبة لسندات الطلب. وفيما سجل بلفحيل أن عبد المولى ومن معه من أعضاء المجلس الإداري لم يراسلوا السلطات الوصية، ممثلة في وزارتي التشغيل والمالية، لطلب موافقتها على إنجاز الأشغال، استنادا إلى المادة 16 من ظهير 1-57-187 الصادر ب 24 جمادى الثانية 1383 (12 نونبر 1963 ) المنظم للتعاضد، اعتبر المصدر ذاته أن صفقة تهيئة العيادة «دبرت بطريقة غير مشروعة وبنية مبيتة لتفويتها للمقاولة المعنية، معتبرا أن هذه الصفقة نموذج مصغر لما يقع حاليا داخل هذه التعاضدية. واتهم بلفحيل وزير التشغيل والتكوين المهني، الاشتراكي جمال أغماني، ب»التستر» على الاختلالات، التي يعرفها تدبير التعاضدية، لأسباب سياسية تعود إلى انتماء رئيس المجلس لإداري لنفس الهيئة الحزبية، مشيرا إلى أنه «آن الأوان لمحاربة الفساد ولقطع السلطات الوصية مع سياسة الصمت المريب من خلال إيفاد رجال المفتشية العامة للمالية للقيام بافتحاص في التعاضدية». من جهته، اعتبر عبد المولى المومني، رئيس المجلس الإداري، أن بلفحيل تابع موضوع العيادة كعضو في المكتب المسير والمجلس الإداري منذ البداية، لكنه يأتي اليوم ليدعي ما يدعيه، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، مشيرا في اتصال مع «المساء» إلى أن تهيئة العيادة تأتي في إطار الإصلاح الشمولي الذي تعرفه التعاضدية وترشيد النفقات. سعيد بوزكراوي، رئيس قسم الموارد البشرية واللوجستيك بالتعاضدية، أوضح أن الأمر لا يتعلق بصفقة تهيئة وإنما بخدمة تمت بناء على سند طلب تم في جو من الشفافية والتنافسية، واحترمت فيه جميع الشروط المنصوص عليها في نظام الصفقات العمومية بالتعاضدية، وكل الشروط التي لم تكن متوفرة في العهد السابق تحت إشراف لجنة مكونة من أربعة إداريين معينين من طرف المجلس الإداري. وأوضح بوزكراوي أن المقاولة التي فازت بسند طلب لم يسبق لها التعامل مع التعاضدية، على خلاف ما كان عليه الحال في عهد الفراع، حيث كانت ثلاث مقاولات تحتكر الصفقات، مشيرا إلى أن سند طلب كان موضوعه «القيام بتزليج العيادة» وليس تهيئتها التي تحتاج إلى ترخيص من وزارة التشغيل والمالية. المسؤول الإداري اتهم بلفحيل ب«الجهل بالقانون بسبب عدم تمييزه بين صفقة عمومية وبند طلب»،و«محاولة تخريب التجربة الحالية بالتعاضدية لأسباب سياسوية ضيقة». وأضاف أن«الخدمة التي قدمت كلفت 18 مليونا، في حين أن نفس الخدمة كانت تكلف في العهد السابق ما بين 70 و80 مليونا».