وجهت محكمة بلندن، الاثنين الماضي، إلى خمسة أشخاص تهمة قتل المغربي سفيان بلمودن في مارس 2010 بمحطة القطار فيكتوريا (وسط لندن). وكانت مجموعة تتكون من 20 شابا قد قامت بمطاردة الفتى المغربي، الذي وجهت إليه تسع طعنات قاتلة في ساعة الذروة بمحطة السكك الحديدية. وكان المدعي العام لدى محكمة أولد بيلي قد ذكر أنه تم التخطيط لعملية قتل الفتى المغربي على الموقع الاجتماعي «فيسبوك».وسيتم الإعلان قريبا عن حكم المحكمة بخصوص هذه القضية. وكان المغربي سفيان بلمودن، البالغ 15 سنة آنذاك، تعرض لطعنات قاتلة من طرف مجموعة من الشباب يرتدون زيا مدرسيا، في محطة فيكتوريا، إحدى أكثر المحطات ارتيادا بالعاصمة البريطانية. وطارد المعتدون المواطن المغربي قبل أن يوجهوا إليه طعنات حادة بواسطة سكين، حيث تركوه غارقا في بركة من الدماء أمام عدد كبير من الشهود العيان. ونقلت وسائل الإعلام عن بعض أفراد أسرة الفتى المغربي قولهم إن الاعتداء على سفيان تم تحضيره من طرف المعتدين على الموقع الاجتماعي «فيسبوك»، وأنه قد يكون مرتبطا بتصفية حسابات. وكان سفيان بلمودن، المنخرط بناد لكرة القدم ببلدة أكتون غاردن (غرب لندن)، محط مواكبة من طرف نادي تشيلسي لكرة القدم، الذي اختاره في إطار برنامج لتكوين الشباب الموهوبين الذي يطلق عليه «تشيلسي كيكس». وأثار مقتل سفيان ضجة كبيرة لأسباب كثيرة، إذ إن الفتى اشتهر بكونه مهذباً جداً ورياضياً من الدرجة الأولى لفت انتباه الكثيرين، بما في ذلك إدارة فريق نادي تشيلسي لكرة القدم، الذي يحتل المرتبة الثانية في قائمة الفرق المشاركة في الدوري الممتاز لكرة القدم في بريطانيا، وكان على وشك الانضمام إلى فريق الشباب التابع للنادي، وقد أدى مقتله إلى إثارة شعور بالخسارة بين محبي كرة القدم الأكثر شعبية في المملكة المتحدة ولد سفيان في لندن، وهو ينتمي إلى عائلة متوسطة الحال، حيث تملك والدته دكانين لبيع الملابس، الأول في حي كنزنغتون الراقي، والثاني في حي شيبردز بوش الشعبي. وقالت والدة سفيان نعيمة غيلان (43 عاماً) إن ابنها كان فتى شديد التهذيب ومتدينا، موضحة أنها لا تفهم سر مطاردته على يد عصابة من المراهقين لأنه لم ينتم إلى أي عصابة، مضيفة أنه في صبيحة اليوم الذي قتل فيه شعر بوعكة صحية وفكر بالبقاء في الفراش، لكنه قرر فيما بعد ألا يضيع يوماً دراسياً، فتحامل على نفسه وذهب إلى المدرسة، وفي الرابعة بعد الظهر اتصل سفيان بوالدته وطمأنها على صحته، وأبلغها أنه في طريقه إلى البيت، لكنه قتل بعد هذه المكالمة بوقت قصير.أما محمد (16 عاماً) شقيق سفيان، فقال إن أخاه كان مولعاً بكرة القدم وحلم بأن يصبح في يوم من الأيام طيارا. وقال إنه تحدث إلى سفيان قبل مقتله بعشرين دقيقة، وكانت محادثة وصفها بالعادية، قال له فيها إنه في طريقه إلى البيت. وأصدر نادي فريق تشيلسي بياناً إلى وسائل الإعلام نعى فيه سفيان، وقال إنه «كان لاعب كرة شاباً وموهوباً حظي بمقعد في مشروع شبابي للنادي وكان عضواً يحظى بتقدير كبير». وكان سفيان بدأ بممارسة لعبة كرة القدم مع فريق «أكتون غاردن فيليج»، الذي يلعب في دوري خاص للشباب في غرب لندن. وحسب التقرير الطبي، فإن سبب وفاة سفيان يعود إلى أنه أصيب بعدد كبير من الطعنات في جميع أنحاء جسمه، مضيفا أن طعنة في القلب كانت هي القاتلة. وقالت الشرطة إنها تقوم حالياً باستجواب عدد كبير من الطلاب في المدرسة، التي انتمى إليها سفيان، بالإضافة إلى استجواب المتهمين الذين تم الاحتفاظ ببعضهم رهن التوقيف، فيما أطلق سراح البعض الآخر بكفالات مالية كبيرة. وتقوم الشرطة كذلك بمراجعة أفلام الفيديو في محطة فيكتوريا، حيث حدثت جريمة القتل، وفي وسائل النقل الأخرى من حافلات ركاب وقطارات استخدمها القتلة وهم يطاردون سفيان. ووفقاً للناطق باسم الشرطة، فإن المحققين يملكون شريط فيديو سجل بتفصيل دقيق اللحظات الأخيرة للجريمة وعملية القتل ذاتها، مما لا يدع مجالاً للشك في هوية القتلة. وتحتمل الشرطة أن تكون جريمة القتل وقعت على أساس خلاف بين الفتيان على ربط صداقة مع فتاة في المدرسة ذاتها. وتنظر الشرطة إلى الجريمة بأنها تختلف عن جرائم الشباب الأخرى، رغم انتشار ظاهرة جرائم القتل طعناً بالسكاكين في السنوات الأخيرة، نظراً لأن جريمة قتل سفيان تحمل ملامح جريمة منظمة، تماماً مثل الجرائم التي ترتكبها عصابات الجريمة المنظمة والمافيات، لذلك تقرر أن تجرى محاكمة المتهمين أمام محكمة أولد بيلي المركزية للجرائم الكبيرة.