علمت «المساء» أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، استدعى، مؤخرا، بعض المقربين من وزارته، الذين أعلنوا، قبل قرابة أسبوعين، إنشاء اتحاد يجمع العلماء والخطباء والأئمة، في أول سابقة من نوعها، وأعرب لهم عن قلقه من المبادرة، التي اعتبرها «رسالة خطيرة» في هذا التوقيت، حسب مصادر قريبة من التوفيق. وفي الوقت الذي لقيت تلك المبادرة ترحيبا غيرَ معلن عنه من قِبَل بعض أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، أثارت داخل الوزارة «زوبعة» كبيرة، لكونها تعد ضربة لسياستها في الحقل الديني منذ أن تم إطلاق مبادرة هيكلته قبل سنوات، وتشكيكا في الجهود التي تقوم بها الوزارة، خاصة أن الأخيرة كرّست مبالغ مالية طائلة أنفقتها في إعادة تنظيم المجال الديني في المملكة، يقول المنتقدون إنها ذهبت سدى ولم تنعكس على أرض الواقع. وكان عدد من الخطباء وأعضاء بعض المجالس العلمية المحلية قد أعلنوا، في نهاية شهر أبريل الماضي، عن تأسيس ما أسموه «الاتحاد الوطني لعلماء المغرب» وانتخبوا مكتبا مسيّرا، يتكون من عبد المجيد لوكيلي رئيسا ومحمد عبد الحق حنشي نائبا له، وعبد القدوس أنحاس كاتبا عاما للاتحاد، ومحمد عوام نائبا عنه، وإدريس اكتيب أمينا للمال وعبد المنعم كريكر نائبا عنه، ومستشارين. وجاء إنشاء الاتحاد في وقت تزايدت وتيرة توقيف بعض الخطباء في عدد من المناطق وخروج هؤلاء عن صمتهم وتنظيمهم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، في الأسبوع الماضي، ولجوء بعضهم إلى القضاء للطعن في قرارات التوقيف، التي يعتبرونها غير قانونية وتدخل في باب «تصفية الحسابات». وقد أثار الإعلان عن هذا الاتحاد غضبا داخل وزارة الأوقاف، حيث ظهر كمحاولة لإنشاء ذراع نقابي للخطباء والأئمة في مواجهة وزير الأوقاف ومندوبي الوزارة، الذين يشتكي هؤلاء من تدخلهم في الشؤون التي تهُمُّهم، مما يخلق حالة من تداخل الاختصاصات ما بين المندوبين ورؤساء المجالس العلمية المحلية. وكشفت مصادر مطّلعة أن «قلق» وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية نابع من كون رئيس الاتحاد، الذي لم يتقدم بعدُ بوثائق التأسيس أمام الجهات المسؤولة، سبق له العمل إلى جانبه في ملفات عدة وعمل مسؤولا في بعثة الحج للوزارة ويقدم برامج في قناة «السادسة» حاليا، وهو ما أثار انطباعا بأن المبادرة تدخل في إطار تصفية حساب داخلي مع أحمد التوفيق. وقال عبد المجيد الوكيلي، في تصريحات ل»المساء»، إن التفكير في إنشاء الاتحاد جاء في ضوء الانفراج الذي يعرفه المغرب في الوقت الحالي: «كنا نعتقد أن المبادرة سيتم الترحيب بها من قِبَل الهيآت الرسمية في المجال الديني»، مضيفا أن الاتحاد كان سيشتغل على مستويين: مستوى علمي، بتنظيم الندوات واللقاءات العلمية، ومستوى مطلبي، بالدفاع عن مطالب الأئمة والخطباء وتحسين ظروفهم المادية، وأوضح أنه كانت هناك مبادرة، قبل حوالي أربع سنوات، بإنشاء رابطة لخطباء المغرب عقدت جمعا عاما وانتخبت العربي المودن رئيسا لها، لكنها توقفت، لأسباب متعددة.