تعزَّز الحقل الديني، أول أمس، بثلاث مؤسسات جديدة، في إطار سياسة التوسع التي انخرطت فيها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في السنوات القليلة الماضية، وذلك من خلال تعيين كل من أحمد رمزي، وزير الأوقاف الأسبق وعضو المجلس العلمي الأعلى حاليا، رئيسا للمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، وحميد حماني مديرا لمؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، ومحمد أمين الشعيبي، المندوب الجهوي للوزارة في الرباط سابقا، مديرا لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيِّمين الدينيين.. وكانت هذه التعيينات قد توقفت قبل أشهر، أثناء الإعلان عنها داخل الوزارة، بسبب بعض الانتقادات التي وُجِّهت لطريقة تدبير الأطر الواردة أسماؤهم فيها، مما دفع عددا من الموظفين، وقتها، إلى الاحتجاج، الأمر الذي دفع أحمد التوفيق إلى تجميدها، مؤقتا. ويرى مراقبون أن التوجه الحالي الذي تسير فيه الوزارة، والذي يتمثل في خلق مؤسسات لتدبير عدد من القطاعات، يُنتظَر أن يشمل قطاعات أخرى لا تقل أهمية عن القطاعات الحالية، وأبرزها الشأن الصوفي، إذ من المتوقَّع أن يتمَّ إنشاء مؤسسة جديدة تحمل اسم «مؤسسة سيدي شيكر للمنتسبين إلى التصوف» يكون من مهامها تدبير ملف الزوايا الصوفية والإشراف على تسييرها وتعيين شيوخها، لأن إنشاء مثل هذه المؤسسة سيكون من شأنه أن يعفي أحمد التوفيق من الانتقادات التي تُوجَّه له حاليا من لدن مختلف الزوايا، بعد إطلاق مبادرة «سيدي شيكر» لتجميع الزوايا، قبل ثلاث سنوات. وقد ازدادت هذه الانتقادات بعد تعيين شيخَيْ الزواية التيجانية والزاوية الكتانية في العام الماضي، ما دفع هذه الأخيرة إلى إطلاق النار على التوفيق، من قِبَل الشيخ حمزة الكتاني، الذي ما يزال متشبثا بمشْيَخة الطريقة، رغم تعيين أحد أقاربه شيخا لها. ويقول المراقبون إن الزاوية الصديقية تعاني حاليا فراغا، بعد وفاة شيخها الحسن بن الصديق في يونيو الماضي، ودخول عدة أطراف على خط المنافسة للحصول على مشْيَخة الزاوية. وتندرج هذه التعيينات في سياق الاستراتيجية التي دعا إليها الملك محمد السادس، في وقت سابق، من أجل إعادة هيكلة الحقل الديني، قبل أن يدعو في ما بعد، في رسالة بعث بها إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، بمناسبة انعقاد الدورة العادية الأولى للمجلس، إلى الانطلاق في تنفيذ البرامج التي كان قد تم الإعلان عنها خلال خطاب تطوان في شتنبر 2008 ، والتي تتعلق بتأهيل أئمة المساجد وإرشادهم إلى قواعد جامعة وموحّدة، تتحقق بها الطمأنينة الروحية اللازمة وتعزز صيانة وظائف المسجد وحرمته، مع الارتقاء بمستوى الأئمة، العلمي والعملي، حتى يضطلعوا برسالتهم على أحسن وجه، ويتم انتشارهم كذلك في البوادي والمدن، لتوعية عامة الناس وتوجيههم. وكان أحمد التوفيق، وزير الأوقاف، قد وعد بتحسين الأوضاع المالية للمراقبين والمراقبين المساعدين في المساجد في المستقبل، حسب الإمكانيات المتاحة، إضافة إلى إدماجهم في التغطية الصحية، إذا أمكن ذلك. وذكَّر التوفيق، في معرض رده على سؤال شفوي في مجلس النواب، بالإجراءات التي اتخذتها الوزارة في 2007 للارتقاء بمهام مراقبي المساجد وتسهيل مأموريتهم وضبط مهامهم ومسؤولياتهم والزيادة في عددهم، فضلا عن الرفع من مكافآتهم الشهرية من 450 درهما في سنة 2003 إلى 2000 درهم شهريا لكل مراقب، وإلى 1000 درهم لكل مراقب مساعد. كما حرصت الوزارة، في إطار العناية بهذه الشريحة من المجتمع، على إطلاق برامج صحية تتمثل في ضمان التغطية الصحية الأساسية والتكميلية لفائدة الأئمة، إذ دخلت هذه البرامج التي تشمل جميع أئمة مساجد المملكة، سواء التي تنفق عليها الوزارة أو التي ينفق عليها المحسنون، حيِّزَ التنفيذ ابتداء من فاتح يوليوز 2007. ويشمل برنامج التغطية الصحية، الذي تتحمل الوزارة واجبات الانخراط فيه بالكامل، سلة الخدمات، في إطار التأمين الإجباري عن المرض ومراكز العلاج في المستشفيات العمومية ومصحات الضمان الاجتماعي والعيادات والمصحات الخاصة. وبخصوص الشق المتعلق بتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، تم تكوين أئمة ومرشدات دينيات، بهدف تأهيل هذه الفئة بما يكفل تطوير التوعية الدينية والتوجيه والوعظ وتحسين الإرشاد الديني والتدريب على التطبيق العلمي للمعلومات النظرية وتزويد المكونين بالمهارات المعرفية التي تجعلهم على دراية مستمرة بشؤون الدين ومستجَدّات العصر.