في تطور جديد للصراع الدائر داخل حزب الأصالة والمعاصرة، دعا 10 أعضاء من المكتب الوطني للحزب إلى انعقاد المجلس الوطني عاجلا، وذلك من أجل البت في قرار عقد مؤتمر استثنائي في أقرب أجل، يتولى قراءة وتقييم التجربة السياسية للحزب وتطوير أطروحاته الفكرية والتنظيمية والسياسية، ومعالجة أعطاب الأداء وبلورة الأجوبة بشأن الأسئلة الكبرى التي يطرحها الحراك السياسي والمجتمعي الجاري في بلادنا والاستحقاقات المؤسسة التي تقدم عليها، بما يجعل الحزب في جاهزية تامة لمواجهة التحديات الكبرى في الشهور المقبلة. الدعوة إلى انعقاد برلمان الحزب أملاها، حسب بيان صادر عن قياديين بارزين في حزب «البام» (صلاح الوديع - حكيم بنشماس - فاطمة السعدي - سامر أبو القاسم - عزيز بنعزوز - محمد بودرا - فريد أمغار - وحيد خوجة - المكي الزيزي - بشرى المالكي)، «العجز الذي أصبح يظهره المكتب الوطني للحزب في إدارة المرحلة، بما في ذلك التأخر في عقد الشوط الثالث من دورة المجلس الوطني المفتوحة». وفيما اعتبر موقعو البيان أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي انبثق عن فكرة اندماجية شجاعة لأحزاب متعددة بناء على مشروع تقدمت به حركة لكل الديمقراطيين، قادر اليوم، بكل مكوناته، على مواجهة هذه التحديات بكل ما تتطلبه اللحظة من حكمة وثبات وجرأة على محاسبة الذات واستشراف المستقبل، هاجم طاهر شاكر، عضو المكتب الوطني ل«البام»، الواقفين وراء البيان بشدة، متهما إياهم ب«التآمر»، وقال في اتصال أجرته معه «المساء»: «ما تضمنه البيان هو مؤامرة على الحزب صادرة عن أناس أتوا إلى الحزب من مدرسة المؤامرة، ولم يعتادوا ثقافة الديمقراطية والتدبير الديمقراطي كثقافة وسلوك وممارسة لأنهم أتوا من مشارب غير ديمقراطية»، مضيفا: «هؤلاء، بتصرفهم هذا، يعبرون بشكل جلي عن كونهم غير ديمقراطيين، ويبغون الضغط على الحزب وفرض موقف الأقلية على الأغلبية التي ارتأت أن الظرفية غير مناسبة لعقد المؤتمر الوطني». وتابع شاكر هجومه على موقعي البيان بالقول: «لو كان المؤتمر الأول ديمقراطيا لما بلغ مثل هؤلاء ما بلغوه في هياكل الحزب.. هؤلاء الذين يتكلمون اليوم، لنا الفضل في الدفع بهم إلى المؤسسات، فبنشماس مثلا «درناه كعريس ونصبناه في الهياكل السياسية مع أنه لا يمتلك المكانة والقدرة في دائرة كيعقوب المنصور المعتبرة دائرة موت، لكن بفضل الأحزاب المندمجة ومناضليها فاز برئاسة المقاطعة، وهو الآن لا يقدر على أن يتمشّى في تراب المقاطعة». وفيما قال شاكر، ردا على سؤال ل»المساء» حول ما إن كان الحزب مقبلا على الانشقاق في ظل الصراع القائم بين التيارين: «نحترم السي فؤاد ونقدره، ولكن بعض حاشيته شوهو بنا.. لقد آمنا بالمشروع ونعتبر أنفسنا أصحاب الدار، وأعتقد أن البقاء للأصلح»، اعتبر سامر أبو القاسم، عضو المكتب الوطني، أن التجربة السياسية والتنظيمية للحزب والمداولات داخل المكتب الوطني خلال اجتماعاته أسفرت عن بروز عناصر اختلاف سياسي جوهري على مستوى الرؤية الناظمة للأداء السياسي والتنظيمي للحزب والارتباط بمنطلقات ومرجعيات التأسيس واستيعاب طرق وآليات أجرأة المشروع السياسي للحزب، وهو ما ظهر بشكل قوي على مستوى استشراف العمل في ظل نتائج الإصلاحات السياسية والدستورية الجارية اليوم. كما ظهر على مستوى توقع النتائج المنتظرة للأداء الحزبي في ما يمكن أن نستقبله من استحقاقات وطنية. وحسب أبي القاسم، فإن هذا الاختلاف الجوهري انعكس، بشكل كبير، على قراءة كل عضو لوضع الحزب في ظل التحولات السياسية والاجتماعية. ومن هنا، كان الاختلاف حول توفر شروط عقد المؤتمر، وسيتضح بالملموس أن هناك من يحول دون عقده بدعوى الإقدام على استحقاقات وفق أجندة سياسية متسارعة لا تسمح بذلك. وقال المصدر ذاته، في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة: «حينما نقترح عقد مؤتمر استثنائي وبشكل مستعجل، فإننا نعتبر ذلك يدخل في قلب عملية تتويج المسار والتراكمات السياسية للحزب، وليس محاباة للذات أو نفخا فيها، بقدر ما يتطلب الأمر جرأة زائدة لممارسة النقد الذاتي اللازم في ما يخص الاختلالات أو النواقص أو الأخطاء». وفي رده على الاتهامات التي وجهها شاكر إلى دعاة عقد المؤتمر الاستثنائي قال: «نستنكف عن الرد عن أي هجوم لا يتحلى بأخلاقيات التعامل داخل نفس الحزب.. وعلى أي حال، فإن غير الديمقراطي هو الذي يحول اليوم جون انعقاد المؤتمر ويعطل هياكل الحزب ومؤسساته»، مضيفا: «للأسف، لم نكن نود الدخول في مثل هذا النقاش، لكن أقول إن الديمقراطية هي الحفاظ على حقوق الأقليات».