تواصل المحكمة الابتدائية بفاس غدا الأربعاء جلسات النظر في ملف انهيار أحد مقالع «لوبي» الفخار بمنطقة «بنجليق» بضواحي المدينة والذي خلف مقتل عاملين، بعدما أفضت التحقيقات التي استمرت لما يقرب من شهر بعد الحادث إلى اعتقال حميد مصباح، «مسير» هذا المقلع، الذي تعود ملكيته إلى الاتحادي محمد تحيفة، الرئيس السابق لغرفة الصناعة التقليدية، ورئيس تعاونية بنجليق للفخار والزليج، وأحد كبار الصناعة التقليدية بالعاصمة العلمية. ودعت فعاليات جمعوية في أوساط الحرفيين إلى إعادة فتح ملفات ضحايا انهيارات هذه المقالع والتي خلفت، حسب المصادر ذاتها، حوالي 18 ضحية، وتم ربط وفاة بعضهم بحوادث سير، فيما تنازل عدد من المصابين في هذه الحوادث عن المتابعة مقابل بعض «التعويضات» من قبل أصحاب المقالع، ووجد بعضهم نفسه مضطرا إلى التسول في الشارع بعد أن عجز عن العمل بسبب حدة الإصابة، وتخلي «لوبي» المقالع عن تنفيذ وعوده بالتكفل بهم. ويعود انهيار هذا المقلع غير المرخص على من فيه من العمال غير المؤمنين، الذين يشتغلون في ظروف توصف من قبل عدد من الحرفيين التقليديين بالمأساوية، إلى صباح 7 أبريل الماضي. وجاء في محضر لرجال الدرك حول النازلة أن المحققين وجدوا جثة الضحية سعيد الطايع تحمل جرحا بليغا على مستوى الجبين بعدما تهاوت على الضحية أكوام من الطين الذي يستخرج من هذا المقلع والذي يوجه إلى معامل متخصصة في صناعة الزليج والفخار سواء بمدينة فاس أو خارجها. كما وجدوا جثة الضحية عبد الله العلام والدم يتدفق من فمها وبرجلها اليمنى جرح، ووسط الأحجار وأكوام الطين المنهارة آثار دماء الهالكين اللذين خلفا عائلتين، الأولى تتكون من 7 أبناء والثانية من أربعة أبناء، دون رعاية أو حماية اجتماعية. واستمع المحققون، إلى جانب بعض الشهود وعدد من أفراد العائلتين، إلى «مسير» المقلع، حميد مصباح، ومالكه الأصلي، محمد تحيفة. وقال رئيس غرفة الصناعة التقليدية السابق إن الأرض التي يوجد فيها المقلع تعود ملكيتها إليه رفقة أخيه عز الدين، وأشار إلى أنه هو (أي محمد تحيفة) من يتكفل بشؤونها، في حين أن شقيقه لا يتدخل فيها. وأضاف أنه اكترى هذه الأرض لعائلة «بلقايد» وبأن آخر عقد كراء أنجزه في هذا الصدد يعود إلى السنة الفارطة. وقال للمحققين إنه مسؤول مدنيا وليس جنائيا. وتناقضت بعض أقواله مع تصريحات أدلى بها «مكتري» هذا المقلع. فقد قال للمحققين إنه كان سابقا متفقا مع والد المكتري على أداء سومة الكراء حسب الحمولات المستخرجة من الطين، لكن نظرا لعدم حصول الابن على أي رخصة تؤمن وضعية العمال، فقد أنجز معه عقد كراء لكي يترك له المسؤولية الكاملة. في حين أكد «المكتري» حميد مصباح بأنه يؤدي لأصحاب الأرض، محمد تحيفة، سومة الكراء حسب حمولات الطين المستخرجة. وأشارت عقدة كراء وقعها صاحب الأرض مع المكتري إلى أن الأخير ملزم بأن يدفع سنويا ما قيمته 6000 درهم فقط كسومة للكراء. وقالت مصادر من الحرفيين إن مبالغ الربح الصافية التي تدرها مثل هذه المقالع بضواحي المدينة تقدر ب20 ألف درهم يوميا. وأقر هذا المكتري، في السياق ذاته، بأن العمال الذين يعملون تحت إمرته لا يحظون بأي تأمين. كما أورد بأن كل من وزارة الطاقة والمعادن رفضت الترخيص له باستغلال هذا المقلع بعدما أوفدت الوزارة لجنة لعين المكان في سنة 2006. كما رفضت وزارة التجهيز منحه الترخيص في سنة 2009. وظل المقلع، بالرغم من عدم وجود أي ترخيص، يعمل ويستخرج عشرات الأطنان التي تحمل في شاحنات متخصصة لتغذي جوع أفرنة معامل الصناعة التقليدية في فاس ومكناس ومراكش، وغيرها من مدن المغرب.