يرى بعض الخبراء أن حريق محرك الطائرة ليس سببا كافيا لتفسير الحادث، وقد تكون هناك أسباب أخرى تفسر الكارثة، لأنه كان يفترض بالطائرة في الأحوال العادية أن تنحرف في مثل هذه الحالة إلى اليسار. ارتفع عدد القتلى في تحطم طائرة ركاب هبطت اضطراريا بعد وقت قصير من إقلاعها بعد ظهر الأربعاء من مطار باراخاس في العاصمة الإسبانية إلى 153 قتيلا. وحسب مسؤول بهيئة عمليات الإغاثة لم ينج من هذا الحادث إلا 19 شخصا بينهم طفلان، وهي بذلك تعتبر أسوأ كارثة طيران في أوروبا منذ سنة 1988. وكانت الطائرة التابعة لشركة «سبانير»، متوجهة إلى لاس بالماس في جزر الكناري، وعلى متنها 172 راكبا منهم عشرة من أفراد الطاقم، قد اصطدمت بأرضية المدرج عند الإقلاع. لكن رغم العثور على الصندوقين الأسودين، لم يعرف بعد سبب الحادث الذي أدى إلى شطر الطائرة إلى نصفين وتسبب في اندلاع حريق. وقالت وسائل الإعلام الإسبانية إن من بين الركاب مواطنون من ألمانيا، السويد، شيلي، وكولمبيا. وقد قطع رئيس وزراء إسبانيا خوسي لويس رودريغز ثاباتيرو إجازته وانتقل إلى باراخاس واجتمع مع وزيري الداخلية والأشغال العامة، في خلية أزمة احتضنتها إحدى قاعات المطار الذي ظل مفتوحا أمام حركة الطيران. وظل أقارب الضحايا يتوافدون طوال الليل على موقع مؤقت لحفظ الجثث في مدريد للتعرف عليهم. وفي ظل عدم توصل المحققين إلى حد الساعة إلى السبب الرئيسي وراء الحادث، هناك حديث عن خلل في أحد جناحي الطائرة التي انشطرت نصفين بعد ارتفاعها ب140 مترا ثم انفجرت وقذفت بأشلاء الجثث على مسافة 500 متر، فيما أشارت تقارير أولية إلى أن النيران اندلعت في أحد المحركات مباشرة بعد إقلاعها من المدرج الرابع في المطار قبل أن تتحطم في حقل قريب من المطار. وفي تصريح للصحافة، كشفت وزيرة النقل الإسبانية ماجدالينا الفاريز عن كون الطائرة بدأت بالتحرك على المهبط في وقت سابق، قبل أن تعاد بسبب مشكلة تقنية مما تسبب في تأخير إقلاعها بنحو ساعة. وقالت وسائل الإعلام الإسبانية إن ربان الطائرة أبلغ عن عطل في مقياس الحرارة، لكن اعتقد أنه قد تم إصلاحه، مضيفة أن النيران اشتعلت بالمحرك الأيسر للطائرة التي فقدت التوازن وانحرفت إلى يمين المدرج قبل أن تتفكك من جراء الصدمة وتندلع فيها النيران بسرعة. ويرى بعض الخبراء أن حريق المحرك ليس سببا كافيا لتفسير الحادث، وقد تكون هناك أسباب أخرى تفسر الكارثة، لأنه كان يفترض بالطائرة في الأحوال العادية أن تنحرف في مثل هذه الحالة إلى اليسار. ويعتبر هذا الحادث الأسوأ في إسبانيا منذ تحطم طائرة بوينغ-747 تابعة لشركة الطيران الكولومبية «أفيانكا» في مدريد عام 1983، ما أدى إلى مقتل 180 شخصا. ووقع أسوأ حادث في تاريخ الطيران المدني في إسبانيا حين اصطدمت طائرتا بوينغ 747 في مطار تينيريف في جزر الكناري في 27 مارس 1977 ما أدى إلى مقتل 583 شخصا. وتعرف شركة «سبان إير» المالكة للطائرة المنكوبة، وهي شركة تتبع الشركة الاسكندنافية «ساس»، مشاكل مادية، وضغوطا لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود إلى جانب المنافسة الشرسة بين شركات الطيران في فترة ركود اقتصادي. وأعلنت الشركة تسريح 1062 موظفا وتقليص الخطوط بعد أن بلغت خسائرها 81 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري. ويبلغ عمر الطائرة 15 سنة، وقد اجتازت آخر فحص فني لها نهاية سنة 2007 بنجاح. وتأسست شركة «سبانير» سنة 1986، وهي ثاني أكبر شركة طيران في إسبانيا بعد «إيبيريا»، وقد سجلت حادثا آخر أثناء رحلة بين إقليم الباسك وبرشلونة في يناير 2006 جرح فيه خمسة مسافرين، في عملية إخلاء طارئة. الحادث في الصحف الإسبانية والدولية «تراجيديا باراخاس». هكذا عنونت صحيفة إلباييس الإسبانية افتتاحيتها التي اعتبرت فيها أن الحادث هو مأساة وتراجيديا بالنسبة إلى بلد تمكن من تجنب مثل هذه الكوارث خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة. وأضافت الصحيفة أن «الإحصائيات تبين أن هذا الشكل من أشكال النقل الجماعي هو الأسلم، وتكشف أيضا أنه في حالة وقوع حادث، فإن عدد القتلى يكون أكبر بكثير من عدد الناجين، وهذا يعني أن تدابير المراقبة والأمن يجب أن تتناسب مع ذلك. وبمجرد وقوع الحادث يجب التحقيق في التفاصيل والبحث عن الأسباب: ليس فقط على الفور بواسطة الصندوق الأسود، وإنما يجب التحري أيضا حول الظروف التي ربما تكون قد ساهمت في وقوع الكارثة». وأشادت الصحيفة بكون «كما حدث في 11 مارس، فقد انتشرت خدمات الطوارئ على وجه السرعة، وبدأت تعمل بفعالية، وأوقف أهم الزعماء السياسيين عطلاتهم». أما صحيفة «أي بي سي» (ABC) فترى أن «الأولوية الآن هي للرعاية المادية والنفسية لأسر الضحايا الذين يجب أن ينالوا حقهم من دفء المجتمع الإسباني، ودعم السلطات، واحترام وسائل الإعلام لآلامهم». وأكدت الصحيفة على الأهمية البالغة التي يكتسيها تحديد أسباب الحادث، وذلك لتلافي حدوث أي تسرع في الحكم. وللحفاظ على ثقة المستخدمين، تضيف الصحيفة الإسبانية، يجب أن يعقب كل حادثة طائرة تحقيق شامل لإزالة أي ذرة شك وتوضيح أسباب الحادث للمجتمع. وقد اهتمت الصحافة الدولية في غالبيتها، بالحادث الذي تعرضت له أمس طائرة من شركة spanair في مطار باراخاس. على العموم، فقد وصفت الصحافة الأجنبية الحادث الذي أودى بحياة 153 قتيلا على الأقل وجرح 19 آخرين ب«الكارثة» أو «المأساة.» وتحدثت معظم افتتاحيات الصحف الفرنسية الرئيسية عن الحادث، حيث وصفته لوفيغارو بكونه «أول حادث بهذا الحجم في مدريد»، وبأنها «مأساة». أما جريدة ليبراسيون فعنونت افتتاحياتها ب«رؤية الجحيم»، وهي جملة مقتبسة من قسم المستعجلات في مدريد. وخصصت يومية لوباريزيان صفحة كاملة لتغطية واحدة من «الكوارث الجوية الأكثر سوءا في السنوات الأخيرة في أوروبا.» من جهتها، اهتمت الصحف البريطانية أيضا بالحادث، حيث نقلت صحيفة التايمز عن منسق الرحلات في المطار، خافيير فرنانديز، قوله: «لقد تم إلغاء رحلتين لهذه الطائرة» بسبب بعض المشاكل التقنية. صحيفة الغارديان تناولت الموضوع بمقال «التحقيق في الحادث يركز على إحراق الطائرة»، فيما عنون مقال بصحيفة التلغراف ب«رصيد سيئ لإسبانيا»، وأبرز أيضا إلغاء الرحلات الجوية التي كان مقررا أن تقوم بها الطائرة التي تحطمت. الصحف الأمريكية أيضا اهتمت بالحادث، حيث سلطت صحيفة «النيويورك تايمز» الضوء في تغطيتها على العدد الكبير للقتلى، الذي وصل إلى 150 شخصا، الذي أسفر عنه حادث باراخاس. أما صحيفة «الواشنطن بوسط»، فتحدثت عن «أسوأ كارثة طيران في أوروبا منذ عام 1988». حوادث طائرات تابعة لشركات الطيران العربية كانت أشهر حادثة طيران وقعت لشركات طيران عربية في السنوات الأخيرة هي سقوط طائرة مصر للطيران قبالة سواحل نيويورك في نهاية شهر أكتوبر سنة 1999 أثناء قيامها برحلة من مطار «جيه إف كيه» بنيويورك إلى مطار القاهرة، مما أسفر عن مقتل 217 شخصا. ومازال الغموض يلف هذا الحادث، حيث لم ينجح المحققون في التوصل إلى أسباب سقوط الطائرة من خلال الصندوق الأسود. وقد تبنى الجانب الأمريكي فرضية أن يكون مساعد الطيار، جميل البطوطي، مسؤولا عن الحادث بمحاولته الانتحار، وهي الفرضية التي رفضها الجانب المصري. أما أسوأ حادث طيران من حيث عدد القتلى، فقد حدث في 23 نونبر سنة 1996 عندما اصطدمت طائرة من طراز بوينغ 747 تابعة للخطوط الجوية السعودية بطائرة شحن تابعة لكازاخستان في أجواء الهند، مما أسفر عن مقتل 349 شخصا، يليه حادث الطائرة التابعة لشركة طيران الخليج في غشت سنة 2000، الذي أسفر عن مقتل 143 شخصا هم جميع ركاب وأفراد طاقم الطائرة التي كانت في طريقها إلى مطار البحرين الدولي قادمة من القاهرة. وقيل آنذاك إن الحادث وقع بسبب فشل الطيار مرتين في الهبوط بالطائرة. كما قتل 102 من الركاب كانوا على متن طائرة ركاب جزائرية عندما تحطمت عقب إقلاعها من مطار تامنراست جنوبالجزائر في السادس من مارس 2003. ووقع الحادث بعد دقائق من إقلاع الطائرة في رحلة داخلية إلى الجزائر العاصمة. كما عرفت سنة 2003 مقتل أكثر من مائة لبناني في حادث تحطم طائرة من طراز بوينغ بعد إقلاعها بلحظات من بنين في طريقها إلى بيروت، حيث سقطت في مياه المحيط الأطلسي. وتبقى آخر حادثة طيران لطائرة تابعة لخطوط جوية عربية، تلك التي وقعت في يونيو الماضي، عندما اشتعلت النيران في طائرة تابعة للخطوط الجوية السودانية، القادمة من العاصمة الأردنية عمان، والذي أسفر عن مقتل حوالي 100 شخص ونجاة الآخرين. وعزا الخبراء الحادث إلى الظروف الجوية السيئة. أسوأ حوادث الطائرات في المغرب - 188 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الملكية الأردنية في أكادير سنة 1975. - 106 قتلى في حادث تحطم طائرة تابعة لشركة «صوبيلير» البلجيكية في طنجة سنة 1973. - 77 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية «إير فرانس» في الرباط سنة 1961. - 72 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية التشيكية في الدارالبيضاء سنة 1961. - 65 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة لشركة «صابينا» البلجيكية في الدارالبيضاء سنة 1958. - 61 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية في الدارالبيضاء سنة 1970. - 50 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة لشركة «إيبريال» الإسبانية في طنجة سنة 1965. - 44 قتيلا في حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية في أكادير سنة 1994. ترتيب شركات الطيران المدنية حسب عدد القتلى عبر تاريخ حوادث الطيران تأتي الخطوط الدولية الروسية «أيروفروت» في مقدمة الترتيب ب8148 قتيلا، تليها شركة «بان نام» الأمريكية ب1645 قتيلا، فالخطوط الجوية الفرنسية ب1551 قتيلا، متبوعة بشركة «أمريكان إيرلاينز» الأمريكية ب1442، فشركة «يونايتد إيرالينز» الأمريكية ب1207 قتلى تأتي بعدها شركة أمريكية أخرى هي «ترانس وورلد إيرلاينز» ب1076 قتيلا، فالخطوط الجوية الكولومبية «أفيانكا» ب1014 قتيلا، ثم الخطوط الجوية الهندية ب944 قتيلا، والخطوط الجوية التركية «توركيش إيرلاينز» ب891 قتيلا. الأخطاء البشرية سبب رئيسي لحوادث الطيران حسب مكتب= تسجيل حوادث الطائرات بجنيف، فإن مجموع حوادث الطائرات المسجلة في العالم إلى غاية 25 مارس 2008 بلغ 16.874 حادثا. وحسب دراسات قام بها المكتب، فإن الخطأ البشري يعد سببا رئيسيا لهذه الحوادث بنسبة 68 %، أما الخلل التقني كسبب رئيسي للحادث فتبقى نسبته 20 %، في حين تتسبب أحوال الطقس في حوادث الطائرات بنسبة 60 في المائة. ومن جهة أخرى، تشير الدراسات إلى أن 51.3 % من الحوادث تقع أثناء هبوط الطائرة، في حين تقع 27.5 % من الحوادث أثناء الطيران، أما الحوادث أثناء الإقلاع فنسبتها 20.5 %.