سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
CASA FM في برنامج «فساد تحت المجهر» على أمواج إذاعة «كازا إف. إم» بشراكة مع المساء رشيد نيني: ملفات الفساد في المكتب الوطني للمطارت من أخطر الملفات لأنها تمس صورة المغرب
استضاف برنامج «فساد تحت المجهر»، الذي يعده الصحافي حسن اليوسفي كل إثنين وجمعة ابتداء من الساعة السابعة مساء بإذاعة «كازا إف.إم» لمالكها كمال لحلو، بشراكة مع جريدة «المساء»، في ثاني حلقة له، مدير جريدة «المساء» رشيد نيني، وعبد الله العمراني، مدير أسبوعية «لافيريتي»، ومحمد الغالي بنكيران، مستشار جمركي ومهتم بالاقتصاد الدولي . وقد تحدث ضيوف حسن اليوسفي في هذه الحلقة عن مظاهر الفساد وتجلياته في مختلف المؤسسات العمومية. وحظيت قضية المكتب الوطني للمطارات وما عرفته هذه المؤسسة من صفقات مشبوهة واختلالات مالية بحيز وافر من النقاش، الذي امتد لمدة ساعة ونصف من عمر البرنامج. معد البرنامج: أهلا بكم مستمعينا الكرام، نرحب بكم في الحلقة الثانية من برنامجكم «فساد تحت المجهر». تعج الحياة الاجتماعية, السياسية والاقتصادية المغربية بالعديد من الممارسات المشينة، التي تدخل في إطار ما يصطلح عليه، سياسيا وأخلاقيا، ب»الفساد». وإذا كانت للحراك الاجتماعي والسياسي، الذي يعرفه المغرب الآن من حسنات، سواء تحدثنا عن حركة 20 فبراير أو عن كل الحركات التي تلت هذا التاريخ، فإن الجميع يطرح مسألة التطهير، المتمثلة في محاربة الفساد.. التطهير الفعلي من أجل تحقيق إصلاح تنموي حقيقي. ولعل الطريقة المثلى في ذلك هي الحديث عن ملفات الفساد وفضح المتورطين فيها أمام الملأ وتقديمهم للعدالة النزيهة والمستقلة... كنا قد تطرقنا، في الحلقة الأولى، لدور الصحافة المستقلة في كشف ملفات الفساد وارتأينا، في الحلقة الثانية، مقاربة الفساد من حيث التعريف به وبأنواعه وبالطرق المتبعة فيه، وكما يقول المثل «لمحاربة العدو، يجب معرفته أولا». يحضر معنا في حلقة اليوم محمد الغالي بنكيران، المستشار في الجمرك والاقتصاد الدولي، الزميل رشيد نيني، مدير نشر جريدة «المساء»، وعبد الله العمراني، مدير أسبوعية «لافيريتي»... السيد الغالي: نتحدث عن الفساد والكل يريد إسقاط الفساد، بداية، كيف يمكن أن نعرف الفساد؟ الغالي بنكيران: ما يجب أن يعرفه الشعب في البداية هو أن المشكل الحقيقي في المغرب يكمن في تفعيل وتطبيق القوانين والحرص على العمل بها ومعاقبة الإخلال بها، كيفما كانت نوعية الدستور ومهما بلغ حجم تغييره وكيفما كانت شعارات الإصلاح السياسي للنظام المرتقب والمتفق عليه. ويعد المغرب من الدول الأكثر وضعا للقوانين، والمشكل يبقى، مع الأسف، منحصرا في تطبيقها، وبذلك يمكن تلخيص الخلل في وجود قطيعة تامة بين منبع القرار والقاعدة حول تطبيق فحوى القوانين، إذ نلاحظ فرقا شاسعا، اليوم، بين ما هو نظري وما هو فعلي. معد البرنامج: نعم، هناك ترسانة قانونية كبيرة وعريضة، لكنْ يبقى المشكل في التطبيق، الأستاذ العمراني، من خلال تتبعكم حملة التطهير الأولى وما حدث خلالها من أمور مشينة قانونيا ومن خلال تجربتكم في الصحافة الوطنية، ما مدى تفعيل هذه القوانين على أرض الواقع؟ العمراني: أعود إلى الإطار السياسي الذي يتم فيه تطبيق القوانين أو البرامج الاقتصادية ومختلف المجالات، فالإطار السياسي هو الذي يُمكّن من تفعيل ترسانة القوانين أو عدم تفعيلها، وأعود إلى ما بعد حملة التطهير التي ذكرت، والتي وقعت في إطار سياسي متوتر. جاءت حكومة عبد الرحمان اليوسفي، والتي عندما أرادت أن تفتح ملفات الفساد، كانت التهمة الموجهة لها آنذاك هي أنها بصدد الإعداد لشكل من أشكال «الانتقام السياسي»، واليوم، الحكومة الحالية مسؤولة، أكثر من أي وقت مضى، لأن الظروف تسمح لها، فعلا، بفتح ملفات الفساد ولأنها ليست كالحكومة السابقة... لقد بدأت الروايات المتعلقة بالفساد الإداري والمالي في المغرب منذ الاستقلال، وما زالت مفتوحة، ولنأخذ على سبيل المثال المكتب الوطني للمطارات والقرض العقاري والسياحي، بل هناك مجموعة من الملفات الكبيرة التي ما زالت لم تتقادم ويجب فتحها، وحتى إذا لم يدخل مرتكبو هذا الفساد السجن، بطريقة أو بأخرى، فيجب -على الأقل- أن يعيدوا ما نهبوه من أموال الشعب، وهذا هو الأهم والنقطة الأساسية التي أريد التأكيد عليها. بإمكاننا، اليوم، الحديث عن ملفات الفساد، وهذا لا يمنعنا من أن نسائل السلطة الوصية، لأننا «عمّرْنا ما دْرناها وخاصنا نديروها»... معد البرنامج: السيد رشيد نيني، بصفتك زميلا متخصصا في مجال التقصي وفي تناول مجموعة من ملفات الفساد، ونحن نتكلم دائما عن جانب المتابعة وعن الجانب القانوني، كيف ترى هذا الخلل الموجود الآن بين كمّ القوانين الموجودة وبين عدم تفعيلها وكذلك بين فضح الإعلام ملفات الفساد وبين غياب المحاسبة؟ رشيد نيني: أولا، أعتقد أنه لا يمكن الحديث عن الدينامية الحالية الموجودة الآن في المغرب والمتعلقة بمتابعة ملفات الفساد والمطالبة بالمحاسبة وبإنزال العقوبات بالأفراد الذين أثبت القضاء تورطهم. إذن لا يمكن فصل هذه الدينامية عن الحركية الشاملة التي يعرفها العالم العربي ككل. لقد دخلنا في منظومة «ربيع الديمقراطية في العالم العربي»، وهناك حركة شعبية تطالب بإسقاط الفساد وهناك مطالبة بإسقاط الفساد على المستوى الصحافي والإعلامي، وكانت منذ فترة طويلة جدا، لكنْ محدودة أو دون فائدة. حاليا، نرى أنه بفضل حركة الشباب والقوى الحية للمجتمع، المطالِبة بوقف مسألة اللا عقاب و«النصب» على المال العام، والتي باتت متوازية مع مطالب الإعلام، أصبح إسقاط الفساد مسألة حتمية... وحينما نتحدث عن تراكمات ملفات الفساد في مجموعة من المؤسسات، وأخذنا على، سبيل المثال، المكتب الوطني للمطارات فهناك تراكمات من إدارات سابقة، لم يحاول القضاء ولا المجلس الأعلى للحسابات وربما حتى الصحافة الاقتراب منها، والتي هي الآن، بفضل التقارير الصحافية التي كنا نكتبها قبل أن يصدر المجلس الأعلى للحسابات تقاريره، خاصة ما يتعلق بالصفقات المشبوهة التي كان يبرمها المكتب الوطني للمطارات، والتي كانت تعطى لشركات بعينها، أتت بعدها تقارير المجلس الأعلى للحسابات وأكدت ما سبق ونشرناه، ومرت فترة بعد صدور التقارير سخر خلالها أناس، من الذين يشار إليهم في التقارير على أنهم تسببوا في إهدار المال العام (سخروا) مما جاء فيها، وكانت هناك خرجات «منظَّمة» في الصحافة لتسفيه ما جاء في التقارير. وأضيف أن أقصى ما نطالب به في ملفات الفساد المتعلقة بإهدار المال العام، هو المحاكمة العادلة لهؤلاء، الذين أثبت القضاء تورطهم فيها. معد البرنامج: طيب، السيد الغالي، ما هي الآليات التي تحيط بهذا الفساد؟ الغالي بنكيران: سأوضح، أولا، مفهوم الفساد، ما هو هذا الداء؟ ما معناه؟ وما أشكاله؟ وأين يتجلى ويترعرع؟ في أي ظروف ولصالح من؟ المصطلح، في حد ذاته، واسع، يعني كل ما يفسد مختلف المجالات ويرتبط دائما بالأعمال المخربة والمنحطة ويؤدي ثمنَه -مع الأسف- المواطن الصالح العادي والمكون للمجتمع المدني، ونحصر الفساد، اليوم، في كل ما يتعلق بتدبير شؤون الدولة وهياكلها ومؤسساتها، وكل ما يهم الشأن اليومي للفرد والمجتمع وعلاقتهما بالإدارة والمؤسسات في جميع القطاعات. وغالبا ما تكون حالات الفساد متشابكة ومتداخلة في ما بينها، فيمكن أن تكون عملية بسيطة تبدأ من إعطاء رشوة 10 دراهم في إحدى الإدارات العمومية، لتنتهي إلى صفقة تتم بملايير الدراهم... ولنأخذ، على سبيل المثال، شهادة سكنى لإحدى الشركات التي لن أعمل بها، أي أنها وهمية، آخذ تلك الشهادة زورا حتى أشتغل بتلك الشركة، مثل الشركات الوهمية, التي سبق أن تحدث عنها رشيد نيني، والتي كان المكتب الوطني للمطارات يفوت لها صفقات ضخمة... نيني: أريد أن أعلق على هذه النقطة، الأمر هنا لا يتعلق فقط برشوة 10 أو 20 أو 50 درهما، إنها في حالة المكتب الوطني للمطارات أكبر من ذلك بكثير، حيث إن الصفقات المتعلقة بأبسط التجهيزات تساوي ملايين الدراهم، هذا المكتب يشكل خزانا للصفقات العمومية, بمئات الملايير ونعتقد أن ما يقع في المكتب الوطني للمطارات من بين أخطر ملفات الفساد المالي الذي عرفه المغرب في الفترة الأخيرة، وأظن أن الخطورة لا تكمن في المال فقط وإنما في سمعة البلاد أيضا، فحينما يدخل الأجنبي إلى مطار محمد الخامس، الذي يعد واحدا من أقدم المطارات في إفريقيا وفي العالم العربي، ويكتشف أنه يعاني من تسرب المياه «القْطرة» بعد تدشينه مباشرة، وقد أُنفقت عليه الملايير، فسيخاف أن يدخل المغرب، لأنه سيشك وسيتساءل: كيف أن الغش يبدو جليا ابتداء من المطار؟ أولا، «القْطرة» ثم نظام التكييف، الذي لا يعمل، إلى جانب مجموعة من التجهيزات داخل المطار، وأحيانا يفاجؤون بضياع حاجياتهم أو بأنه يتم فتحها والعبث بمحتوياتها، وربما سرقتها، كل ذلك يحدث بينما المطار هو الوجه الأول للمغرب بالنسبة إلى السائح الأجنبي، الذي يجب أن يحس بالاطمئنان منذ البداية، أي في المطار وليس العكس. وعلى المسؤولين أن يفهموا أهمية وخطورة هذه المسألة، بمعنى أن المؤسسات العمومية يجب ألا يكون فيها تساهل، يجب التعامل بصرامة ويجب محاسبة المسؤولين الذين يشغلون مناصب داخل هذه المؤسسات. أعتقد أنه مع تعيين المدير الجديد، بدأت الأمور تأخذ منحاها الصحيح داخل المكتب، ولكن هذا لا يعني التغاضي عن الفترة السابقة وعن محاسبة المسؤولين، خصوصا أن منهم من كان مسؤولا في الفترة السابقة وما زال مسؤولا في الفترة الحالية، وهذا سيعطي «رسائل» لآخرين بأنه: إذا لم تسر الأمور في منحاها الصحيح، فإن المحاسبة هي ما ينتظرهم. العمراني: في سياق الحديث عن هذه القطاعات المؤهَّلة للفساد، أظن أن الظرف كان مواتيا لإثارة ملف من هذه الملفات «الضخمة»، وهو ملف المكتب الوطني للمطارات، وأعتقد أنه آن الأوان للرجوع إلى بعض الملفات التي يعتقد الكثيرون أنها «تقادمت»، ومن بين هذه القطاعات التي «عشش» فيها الفساد كثيرا قطاع الإشغال العمومية، الذي إذا بحثنا فيه، سنجد أن أناسا كثرا خرجوا من هذا القطاع وقد اغتنوا وأصبحوا من كبار رجال الأعمال. مستمع من مراكش: أحيي الصحافيين الذين كسروا طابوهات الفساد المتفشي في جميع المجالات، وسؤالي المطروح هو من المسؤول عن تفشي هذا الفساد؟ أعتقد أنه القضاء غير النزيه أولا، الذي يسمح بالإفلات من العقاب، وثانيا دعم السلطات المحلية للمفسدين أثناء الحملات الانتخابية، هذه كارثة، وأكبر دليل على ذلك اليوم هو مجلس مدينة مراكش، الذي يستعين بالاقتراض، فأين ذهبت أموال المدينة؟ لماذا يتم التستر على هؤلاء المفسدين؟ لأنه يتم العمل بسياسة «كل ووكل»... مستمع من البروج: سأتطرق لموضوع بالغ الأهمية وهو الجماعات المحلية، التي فضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات الخروقات التي تشوبها، والتي تعرف الفساد ليلا ونهارا وسأعطيك نموذج جماعة «البروج»، حيث يستخدمون السكن العشوائي في أجنداتهم السياسية والانتخابية. الرئيس هنا يشجع السكن العشوائي وليس هناك من يحاسبه، دون الحديث عن باقي الجماعت المحلية ذات الميزانية المرتفعة. مكالمة من البيضاء: مداخلتي هي بخصوص ما يقع في مجلس مدينة الدارالبيضاء، أنا أتساءل كيف يعقل أن يتم تخصيص 11 مليارا من أجل سيارات فارهة لأعضاء مجلس المدينة، هل هذا سيعود على المدينة بالخير؟ وهل هذا يسمى فسادا ماليا أم ماذا يمكن تسميته؟ اليوسفي: السيد الغالي، هناك مجموعة من الأسئلة التي طرحت حول الفساد والقضاء غير النزيه والمساطر القانونية غير المفعلة، كيف تردون عليها؟ الغالي بنكيران: القوانين المؤطرة موجودة لكنها، للأسف، لا تطبق، لماذا؟ لأن المشكل القائم اليوم مرتبط بمسألة تغيير العقليات وليس تغيير الأفراد من منصب إلى آخر كما يتم في قطاعات عدة، لأنه مهما غيّرنا أماكن هؤلاء والمسؤوليات الموكولة إلى الأفراد، فإنه إذا لم تتغير عقلياتهم، فسيبقون على نفس الطريق ولن يحدث أي تغيير، وبالتالي لن تتم محاربة الفساد بالشكل الذي نطمح إليه. وفي ما يخص أنواع الفساد، التي يمكننا تصنيفها اليوم، هناك الرشوة بصفة عامة من درهمين إلى ما فوق، وهناك تضارب المصالح التي تُطعَّم بالتراكم وبالجمع بين الولايات النيابية، وكذلك تعيين موظفين سامين في مؤسسات شبه عمومية أو في قيادات سياسية أو تعيين موظف سامٍ في مناصب قطاع خاص: يكون مثلا واليا ثم يتم تعيينه مدير بنك، وهناك شبكات معينة تخطط لهذا الأمر و«تحرك» هؤلاء الموظفين وتعينهم وفق ما يخدم مخططاتها، لتسهيل عملهم وتُعد بذلك الأرضية للفساد... من بين أنواع الفساد هناك, أيضا, التهرب الضريبي وكذلك كل ما يتعلق بالانتخابات وشراء الأصوات والزبونية والمحسوبية واستغلال النفوذ والتهريب والاقتصاد غير المهيكل والقرصنة والتزوير والمنافسة غير المشروعة وتدبير المؤسسات... هذه الأخيرة التي تدخل في طريقة تدبيرها مسألة شراء السيارات الفخمة وبأسعار خيالية. ثم هناك تدبير الشأن المحلي وتدبير البرلمان، بمجلسيه، وهناك، أيضا، فساد في المجتمع المدني، الذي يضم طبقة تستغل هموم المواطنين لقضاء مصالح شخصية. رشيد نيني: أتفق معك في هذا التصنيف، ولكنني أضيف أن «المحرك» الأساسي لكل أنواع الفساد هو الرشوة، ونحن نتحدث عن الرشوة، أريد أن أعود إلى قطاع المطارات، كانت الأمور واضحة جدا في الصفقات العمومية وتدبيرها من طرف الإدارة، ونحن، منذ سنوات، نكتب في هذا الموضوع، وأعيد طرح تساؤلي: لماذا لم يحرك القضاء المتابعة أو حتى فتح مجرد تحقيق في هذه الصفقات المشبوهة التي كنا نكتب عنها وكانت تستفيد منها شركات خاصة لبرق الليل، الذراع اليمنى للمدير السابق بنعلو؟ وكذلك الشأن بالنسبة إلى ممتلكات هذا الأخير وشركاته في إسبانيا؟... لا أحد من القضاة كانت عنده الجرأة لفتح تحقيق في ذلك. في الدول الأوربية، القضاة هم من يقومون بحملات شرسة ضد الفساد، نحن بحاجة ماسة إلى مثل هؤلاء، إلى هذا النوع من القضاة الذين لا يخافون، لأنهم يمثلون سلطة القانون، والقاضي في المغرب لديه إمكانية لأن يكون مستقلا، إذا كان يملك ضميرا وغيرة على كلمة الحق وعلى بلاده، فالقاضي، في جميع الدول الديمقراطية، لا يخيفه أحد، لأن القانون فوق الجميع. وأعتقد أن القضاء يجب أن يسمو على جميع المقاربات، خصوصا أنه يعد جهازا مهما للإصلاح. إذن، وكما قلت في البداية، فإن أصل كل الفساد هو الرشوة. وأريد أن أشير إلى أمر مهم، يغفل عنه قضاة المجلس الأعلى للحسابات، هو الميزانية المخصصة للإشهار للمؤسسات العمومية، فميزانية الإشهار هذه هي الطريقة التي يرشي بها المسؤولون في هذه المؤسسات وسائل الإعلام، مقابل شراء صمتهم، وأعتقد أنه يجب تسليط الضوء على هذه الميزانية بالذات، والتي باتت أداة للتغطية على فسادهم. أعتقد أنه يجب تشديد العقوبات ضد مرتكبي الرشوة، ففي الصين، مثلا، عقوبة الرشوة هي الإعدام رميا بالرصاص، أكثر من هذا، فإن أسرة المحكوم عليه هي من تتكفل بشراء الرصاصة، بمعنى أن حتى تلك الرصاصة لا يستحق أن يتم دفعها من مال الدولة... التي فهمت هناك أن الراشين والمرتشين هم أعداء البلاد وأعداء الاقتصاد الوطني، لذلك باتت الصين القوة الثانية عالميا.
عبد الله العمراني: لمحاربة الفساد لابد من تحريك آليات المراقبة وعدم الإفلات من العقاب العمراني: هناك مجموعات إعلامية كان تعاملها مع المؤسسات العمومية دائما على هذا المستوى، وهو السكوت عن المؤسسات التي «تدفع لها أكثر».. وأعطي مثالا على ذلك: كنت قد كتبت، يوما، عن رئيس مجموعة بنكية كبيرة. طرحتُ، في سنة 2006، تساؤلات عنه، مثل: لماذا لم يعد عضوا في عدد من المؤسسات ولم تتضمن أي فقرة مما كتبته في مقالي قذفا أو سبا، وفوجئت بعدها بمهاجمة صحف أخرى لي، والتي توعدتني بالسجن, لأنني كتبت عنه, وهو بنجلون, الرئيس المدير العام لمجموعة «بي إم سي أو»، وهي «حالة» تكررت معي. وكخلاصة لهذا الأمر، أود القول إنه يجب تحريك الآليات الموجودة لمراقبة الفساد ومتابعته على وجه الخصوص، حتى تزول قضية الإفلات من العقاب، ويجب، في إطار محاربة الرشوة، إحداث آليات تمكّن المواطنين من أن يُشهّروا بالفساد المرتبط بالرشوة وإيجاد مسطرة وأيضا استعمال التكنولوجيا الحديثة للتصدي لها.