ينزل إلى الأسواق بعد أيام كتاب لأول نزيل في معتقل تمارة سيء الذكر يحكي عن تجربة مناضل فلسطيني من أصل مغربي قضى ثمان (8) سنوات في هذا الجحيم، قبل أن يزيد عليها ست (6) أخرى في سجون الاحتلال الصهيوني. وكتب مقدمة كتاب «تازمارة» أحمد ويحمان، صديق محمد مصدق بنخضراء. ومما جاء في إحدى فقرات الكتاب، بعد وصف عذاب «الطيارة» وقبل الانتقال إلى «الفروج»: «كم تمنيت في تلك اللحظة لو أن الله يأخذ أمانته، ليس خوفا من العذاب، ولكنْ إشفاقا على كرامتي التي انتُهكت على يد الجلاد، ذلك أنه عندما تكون رجلا معتدا بنفسه أمام أقرانه من الرجال، وأبا له هيبته أمام أطفاله، وزوجا يتمتع بكل حب واحترام زوجته، عندئذ تشعر بأن كل هذا يستصرخك حين يعلقونك، كالشاة، ويضربونك، كما تضرب البهائم، إنهم يعتدون على كرامة الإنسان وكبريائه»... «رغم الإرهاق والتعب، لم أستطع النوم هذه الليلة، كان إصبعي، الذي انخلع منه الظفر، يحدث ألما شديدا، أما يداي فقد ثبتتهما، لا أحركهما بتاتا، على أمل ألا يتحرك الألم الكامن فيهما».. «جاء الليل وعم السكون، وهدير قطار يمر غير بعيد... هل يسافر الناس بكل طمأنينة وهدوء في هذا القطار؟!.. هل يجلس الواحد منهم ويقرأ صحيفة بكل راحة وصفاء، وآخر يفتح زوادته ويأكل طعامه بكل شهية، وربما ينام بعضهم، ملء جفونهم، ريثما يصل بهم القطار إلى المحطة المقصودة». كيف بوسع هؤلاء الناس أن يفعلوا كل هذا والقطار يخترق بهدوء أحياء تتناثر فيها «شقق الموت»؟! إذن، لا يحق لأحد من هؤلاء، عندما يرميه القطار في إحدى هذه الشقق، أن يحتج على ما يفعله به الجلاد وسيبقى الجلاد السيد الأوحد في هذه البلاد، ما دام الناس يمرون بالقرب من «شقق الموت» بلا اكتراث...