أكد محمد الطيب الناصري، وزير العدل، أن علاقة وسائل الإعلام بالقضاء لها عدة جوانب، بعضها في غاية التعقيد، موضحا، في كلمة له، أن الجانب الذي يحظى بالاهتمام أكثر هو مدى تأثير كل منهما في استقلال الآخر. واعتبر الناصري أن الندوة التي انعقدت حول «السلطة القضائية والإعلام»، يوم أمس في الرباط، ستساهم في استجلاء نوع العلاقة ما بين القضاء والإعلام، وكل منهما سلطة في مجاله. وأبرز وزير العدل أن حاجة الرأي العام وحقه المشروع في الاطلاع على الأحداث والأخبار القضائية في مرحلة مبكرة ومتابعتها يدفعان مختلف وسائل الإعلام إلى سباق من أجل تغطية الحدث، خاصة الملاحقات القضائية التي ترتبط بمواضيع ذات بعد سياسي أو اجتماعي، غير أن حاجة الجمهور والإعلام، يضيف الوزير، لا تتفق دائما مع فرضية براءة المتهم، التي هي الأصل، ولا تساير، أحيانا، مبدأ استقلالية القضاء. ومن جهته، قال مصطفى فارس، الرئيس الأول للمجلس الأعلى، إن التكتم المطلق على العمل القضائي تدمير لمصداقيته وإخلال بآليات الحكامة الجيدة، موضحا أنه بمجرد صدور الأحكام القضائية بصفة نهائية تصبح ملكا للعموم وأن يتناولها أهل الرأي والخبرة والاختصاص بالدراسة والتمحيص والتدقيق. وأشار فارس إلى أن دور الصحافة لا يقل أهمية عن دور القضاء، لأنها مكلفة برصد التجاوزات التي قد تقترفها إحدى السلط الثلاث وإظهار الوقائع دون تحريف أو إنقاص، إذ إن الإعلام هو المرآة الحقيقية التي تعكس وضعية المجتمع من جميع النواحي ولا أحد ينكر الدور الهام الذي يقوم به الإعلام في تنوير الرأي العام وفي بث الوعي وتدعيم ثقافة حقوق الإنسان. وبخصوص العلاقة ما بين القضاء والإعلام، أكد الرئيس الأول للمجلس الأعلى أنها تعرف الكثير من الممانعة والشد والجذب وسوء الفهم والالتباس، مما ينعكس سلبا على مسار الديمقراطية، موضحا أن التحليل المبسط لطبيعة عمل القضاء والإعلام يوحي بوجود تعارض ظاهري بينهما، على اعتبار أن طبيعة عمل القضاء تفرض على رجاله التكتم والسرية، ضمانا لحسن سير العدالة، في حين أن طبيعة عمل الإعلام هي تزويد الرأي العام بكل ما يحدث في المجتمع. وأضاف فارس قائلا إنه «إذا كان الإعلام يستند إلى فصول القانون لمعاقبة المتجاوزين والمخالفين، فإن الإعلام، من خلال مجال الحرية المتاح أمامه، يقوم بفضح التجاوزات والمتجاوزين أمام الرأي العام، وبذلك يعتبر عين القضاء داخل المجتمع». واقترح فارس على المحاكم تعيين قاض مكلف بالتواصل مع الإعلام، من أجل تنوير الرأي العام، دون المساس بالسرية التي تقتضيها القضايا في بعض مراحلها، على أن يكون القاضي على دراية بالمجال الإعلامي. يذكر أن الندوة من تنظيم الودادية الحسنية للقضاة وشارك فيها وفد هولندي يمثل جمعية القضاة والنواب الهولنديين، كما عرفت الندوة العديد من المداخلات التي تهم علاقة الإعلام بالقضاء.