شدد محمد الطيب الناصري، وزير العدل، على التزام المغرب باحترام حرية الصحافة واستقلالية القضاء، اللذين يشكلان ضمانة حقيقية لكل الحريات في المجتمع الديمقراطي المعاصر. وزير العدل في ندوة حول القضاء والإعلام أمس الثلاثاء بالرباط (كرتوش) وقال وزير العدل، في ندوة حول السلطة القضائية والإعلام، أمس الثلاثاء، بالرباط، نظمتها الودادية الحسنية للقضاة، إن وزارة العدل اتخذت عدة مبادرات في علاقتها بوسائل الإعلام، وعملت على تخصيص جلسات خاصة لقضايا الصحافة، وإيفاد بعثات من القضاة إلى الخارج للاستفادة من التجربة الدولية بخصوص معالجة قضايا الصحافة والإعلام، والاهتمام بالتكوين في ميدان الصحافة على مستوى المعهد العالي للقضاء. معلنا أن موضوع السلطة القضائية والإعلام يحظى بالاهتمام الكبير من طرف وزارة العدل، ويشكل حدثا متفردا، "لأنه يتناول موضوع فاعلين أساسيين، هما القضاء والإعلام". وأشار الناصري إلى أن الودادية الحسنية للقضاة، التي نظمت الندوة، اختارت مناقشة هذا الموضوع، مساهمة منها في استجلاء نوع العلاقة بين القضاء والإعلام، إذ أن لكل منهما سلطة في مجاله، وتطرح علاقة السلطة إشكاليات تتزايد باستمرار، نتيجة اتساع مجال حرية التعبير، وتنامي الاهتمام بالشأن القضائي واعتبار عمل القضاء شأنا عاما. وأوضح الطيب الناصري، في تصريح ل "المغربية"، أن "العلاقة التي تربط وسائل الإعلام بالقضاء يكون بعضها في غاية التعقيد، غير أن الجانب الذي يحظى بالاهتمام أكثر هو مدى تأثير كل منهما في استقلالية الآخر"، مبرزا أن المغرب "يتمتع بإعلام حر كان له الأثر الأكبر في توسيع الحريات وترسيخ الديمقراطية، وتعزيز حق المواطن في الإعلام، وتوطيد مقومات فضاء سمعي بصري منفتح جدا"، وكذلك الشأن بالنسبة للقضاء "إذ أقر الدستور مبدأ استقلاليته، وجرى تأكيد ذلك على صعيد العديد من المقتضيات القانونية"، مؤكدا أن استقلالية القضاء توجت بالخطاب الملكي السامي لتاسع مارس الماضي، الذي أعلن فيه جلالته عن الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة توطيدا لسيادة القانون والمساواة أمامه. وطالب الناصري بتحديد معايير وقواعد أدبية تراعي احترام العلاقة بين الإعلام والتحقيقات الأولية، سواء من جانب وسائل الإعلام أم من جانب القضاء، بما فيه مصلحة للمواطن. من جهته، ذكّر مصطفى فارس، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للقضاء، بمضامين الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 12 أبريل 2004، التي حث فيها جلالته بالتزام القضاء باستقلالية تامة وشاملة، مطالبا الصحافة بأن تلعب دورها كاملا "برصد التجاوزات التي قد تقوم بها إحدى السلط الثلاث، وإظهار الوقائع كاملة دون تحريف أو إنقاص". معترفا بأن العلاقة بين القضاء والإعلام تعرف، في أحيان كثيرة، بعضا من "الممانعة والشد والجذب، وسوء الفهم، والالتباس، مما ينعكس سلبا على مسار الديمقراطية". وعن الهدف من تنظيم الندوة، قال عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، في تصريح ل "المغربية"، إن "استقلالية السلطة القضائية وحرية التعبير يعتبران من الركائز الأساسية للدولة الحديثة والمجتمعات الديمقراطية، غير أن العلاقة بين هاتين الركيزتين، من الناحية العلمية، ليست بتلك البساطة التي يمكن تصورها نظريا، في إطار بعض النصوص القانونية الخاصة بكل دولة، ذلك أن الواقع كثيرا ما أظهر حالات تداخل في الاختصاص أدت إلى أنواع من الاصطدام ما بين القضاء والإعلام، وهذا بالضبط ما أدى إلى تزايد الاهتمام دوليا بهذا الموضوع، خصوصا على مستوى مركز استقلال القضاة والمحامين المحدث من طرف اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف". يشار إلى أن الندوة، التي استمرت فيها مداخلات المهتمين بقطاعي العدل والإعلام طيلة يوم أمس الثلاثاء، وحضرها خبراء متخصصون أجانب في المجال من هولندا وإسبانيا، تدارست مختلف أوجه العلاقة بين سلطة القضاء المستقل وسلطة الصحافة الحرة، وتم فيها البحث عن سبل تعزيز حق مختلف وسائل الإعلام في الوصول إلى المصادر الحقيقية للخبر. كما تهدف الندوة إلى تأسيس قواعد علاقة جديدة بينهما، في خضم التحولات الإيجابية الكبرى، التي يعرفها المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس.