التهراوي: إعادة النظر في عدد من صفقات وزارة الصحة يندرج في إطار الحكامة    هذه هي أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان    المغرب يعزز ريادته الإفريقية بجهود دبلوماسية رائدة    وزارة الداخلية: إجراء 4988 تدخلا ميدانيا لمراقبة الأسواق والتصدي للمضاربات والتلاعب بالأسعار    صادرات قطاع الطيران تجاوزت 4 مليار درهم عند متم فبراير 2025    وهبي يعثر على "توأم روحه" بالتعيين الملكي لبلكوش مندوبا وزاريا لحقوق الإنسان    كأس العرش.. برنامج باقي مباريات دور ال 16 من بينها مواجهة الوداد والفتح    الزرع المباشر في المغرب توسع متسارع نحو مليون هكتار بحلول 2030    افتتاح القاعة المغطاة متعددة الرياضات بالسمارة    الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان تدين طرد نائب القنصل المغربي في وهران    ضبط 240 ألف طن من المواد الفاسدة وإغلاق 531 محلا تجاريا بسبب مخالفات صحية خلال شهر رمضان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    حريق بمطار محمد الخامس ظلت نيرانه مشتعلة ساعة ونصف قبل إخماده    زلزال بقوة 7,7 درجة يضرب وسط بورما    ليفاندوفسكي يتفوق على مبابي بالأرقام    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    السناتور الأمريكي ساندرز يسعى للتصويت في مجلس الشيوخ على قرارات تمنع بيع أسلحة لإسرائيل    الصين: انخفاض الأرباح الصناعية ب0,3 بالمائة خلال الشهرين الأولين من 2025    دوري أبطال إفريقيا: تحكيم ليبي لمباراة الإياب بين الجيش الملكي وبيراميدز المصري    محكمة إسبانية تبطل إدانة نجم برشلونة السابق البرازيلي داني ألفيش بتهمة الاغتصاب    وزيرا دفاع سوريا ولبنان يوقعان في جدة اتفاقا لترسيم الحدود بوساطة سعودية    "ضحايا كثر" جراء زلزال بورما وتايلاند    "حزب الله" ينفي إطلاق صاروخين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    دونالد ترامب يستضيف حفل إفطار بالبيت الأبيض    نائب فرنسي يندد بسجن بوعلام صنصال ويهاجم النظام الجزائري: حكم صادر عن دولة مارقة    "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي تحقق رقم معاملات ناهز 4 مليارات درهم وتعلن عن اكتساف 600 طن من احتياطي الفضة    فليك : أنا فخور بفريقي .. الروح القتالية سر انتصار برشلونة الكبير    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    مصطفى أزرياح من تطوان يتوج بجائزة محمد السادس ل"أهل الحديث"    هل ينتقل نايف أكرد لماشستير يونايتد … بسبب إعجاب المدرب … ؟    السينما المغربية تحتفل بإطلاق "ماي فراند"    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    محمد مزوز من طنجة يتوج بجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية في فرع "جائزة التسيير"    مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بشراكة مع جمعية باقي الخير تفرح النزلاء الأحداث بملابس العيد    أيها المغاربة .. حذار من الوقوع في الفخ الجزائري    الأردن وزواج بغير مأذون    استفزازات متكررة من الجزائر في الأعياد الدينية.. مصادفات متفرقة أم سياسة ممنهجة؟    إيقاف ثلاث قاصرات متورطات في سرقة منزل بتجزئة المغرب الجديد بالعرائش    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    نشاط احتفالي بمركز "أمل الرباط" النفساني إحياء لليلة القدر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    شراكة استراتيجية بين اتصالات المغرب وإنوي لتسريع تعميم الألياف البصرية وشبكات 5G بالمملكة    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    أداء إيجابي ينهي تداولات البورصة    في مقهى «الأندلسية» بالقاهرة وعندك قهوة زيادة وشيشة للبيه الأفندي المغربي    بوطازوت تضطر للانسحاب من تقديم "للا العروسة" بعد إجرائها عملية جراحية    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    عادل أبا تراب ل"رسالة 24″: هذا هو سبب نجاح "الجرح القديم" ومقبل على تقمص جميع الشخصيات    حب الحاجب الذي لا يموت..!    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    تجميد المواد الغذائية .. بين الراحة المنشودة واستحضار الجودة    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنثوية في مشروع الحداثة
هناك ترابط سحري ما بين الحرية والديمقراطية وضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين
نشر في المساء يوم 02 - 04 - 2011

لم يكن غريبا بالنسبة إلى العديد من الفلاسفة وعلماء الاجتماع أن يجدوا ترابطا «سحريا» بين ما تصبو الإنسانية إلى تحقيقه من حرية وديمقراطية وبين ما تقف عليه بالمقابل
من ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين، حيث لا ديمقراطية حقيقية، وبالتالي لا حداثة إلا عندما تصبح للمرأة مكانة اعتبارية، بل وخاصة في مسلسل التحرر من غطرسة الأنظمة الأبوسية (patriarcal) التي تجسد العهود البائدة إلى سلطة الذكورية والإكليروس (السلطة المتدينة بشكل عام) والغيبية بل والمانوية (شخصية ذكية وقوية مقابل شخصية ضعيفة وتافهة).
وإذا كانت الحداثة تعني سياسيا علمنة الحكامة (جيل دولوز)، أي فصل كل ما هو قدسي وغيبي عن تسيير الشؤون العامة اليومية والحيوية للناس، على حد سواء، ومن دون مفاضلات معيارية (جنسية، بالأخص)، وتعني فكريا ذلك التحرر المفيد والضروري من الإطارات المعرفية النهائية والجاهزة وجعل الغلبة للفكر كعمليةِ بناء ونقد مستمر من دون شروط أو قيود، وإذا كانت الحداثة، اقتصاديا، هي إرساء مبدأ تكافؤ فرص الولوج إلى الموارد وفرص الاستثمار من دون ريع أو مفاضلات عائلية أو قبلية أو حزبية أو جنسية... فما مكانة المرأة فيها وكيف تدخل المرأة زمن الحداثة وما هي المحصنات لكي لا تخرج منها؟ هل تعيش الإناث نفس حظوظ الذكور على مستوى الاستفادة من ثمرات الحداثة؟ وهل لهما نفس الأدوار في بنائها؟ ماذا لو حصل تفاوت بين الجنسين على مستوى تحقيق الحداثة؟ فبغض النظر عن الظواهر التابعة والمتفرقة، كعدم المساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هل يعتبر التفاوت في دخول الحداثة بين الجنسين العقبة المفصلية أمام انعتاق شامل للجنس البشري والانتقال نهائيا وسريعا إلى زمن المناصفة الشاملة؟
الأبعاد الجديدة للأنثوية
الأنثوية ليست، ربما -حسب التعريف الرائع والعميق لسيمون دوبوفوار- محصلة أو أمرا واقعا، بل بناء مستمرا للذات، حيث لا نُخلق ونأتي إلى هذا العالم إناثا (أو مكتملات الأنوثة) وإنما نصبح إناثا بالإشارة إلى أهمية مسار الحياة والمجتمع والبيئة في تركيبة الأنثوية وتحديد معالمها، ومن تم لا أنوثة إلا بالفعل الأنثوي، لأنه لا أنوثة قائمة الذات ولا أنوثة مسبقة (féminité préalable).
والأنثوية -حسب التحليل النفسي العميق لسيغموند فرويد- لا تتعلق بالضرورة ببعدها الجنسي (رغم محورية الجنوسة داخل الأنثوية)، لأن الأنثوية أعمق كثيرا، فكل نزوع للإنسانية نحو استشراف السعادة والبناء والسلم والإبداع والتدين والمحافظة على القيم هو نزوع يتوجه بنا إلى «تأنيث» الحضارة...
ولم يتردد ألفرد أدلر في الافتراض المغامر والمجازف حينما طرح مسألة سيطرة العالم الذكوري على البعد الديني واحتلاله، تاريخيا ورمزيا، وهو المجال -والأمر يتعلق هنا بالمسيحية- الذي كان أنثويا منذ البدء (لكن المعالم والرموز الأنثوية تم طمسها وتغييبها)... ولا عجب -حسب أدلر- في أن يرى أن الفتوحات الدينية غذت في التاريخ أكثر دموية بمجرد نزوعها نحو تأكيد سيكولوجيا السيطرة والمفاضلة والمحورية (Ethnocentrisme)، وهي البنيات النفسية مفعمة الذكورية.
وعليه، وحيث إنه لا أنثوية مسبقة وحيث إن الجنوسة أو الجنس لا يشكل إلا بعدا جزئيا في الأنوثة (وخصوصا في بعدها الحضاري والإنساني الإبداعي)، هل يمكن تلخيص بعض السمات الوجودية المشكلة للأنثوية اليوم؟
المركب الجنسي والعذرية (la virginité) هي أول الإشكالات، ليس فقط الجسدية بل والنفسية والاجتماعية والرمزية، التي تلعب دورا حاسما في تمثل الذات الأنثوية. وتطبع النقاش حول العذرية، اليوم، سمات دينية واجتماعية أخلاقية، أكثر مما يطبعه البعد السيكولوجي والفلسفي.
من الناحية العامة، لا يسمح للأنوثة بأن تأخذ شرعيتها إلا بالعذرية. الأصل ديني صرف. فالمسيحية لم تعترف بقداسة مريم -كأنثى ومصدرِ وحي- إلا عن طريق العذرية، وهو حال كل النساء القديسات في ما بعد، اللواتي يدفنّ عذريتهن من أجل الرجوع إلى الذات الإلهية سالمات عفيفات، كما لو أن فقدان العذرية هو رمز لفقدان الأنوثة، في بعدها الإلهي.
تم تداول بُعد العذرية، تقريبا، في كل الديانات التوحيدية والسامية والآسيوية... وحتى طقوس فقدان العذرية عند الفتيات العذراوات (في العديد من الحضارات الإفريقية والأسيوية) يتم مباركتها وتأطيرها دينيا. ويؤكد جون كازونوف -وهو من الأنثروبولوجيين في جامعة السربون- أن عادات ختان الفتيات هي -في الأصل-طقوس تدور حول محور العذرية، وهو المحور الذي بُنيت حوله مركّبات طقوسية ودينية واجتماعية -مختلفة موضوعا- لكن لها نفس البعد الرمزي.
وإذا كانت العذرية في الأصل إشكالية بأبعاد دينية، ماذا عن نقاش العذرية اليوم، في مجتمعنا؟ وهل يمكن اعتبار تأصيله وحل معضلاته الوجودية أحد مداخل الأنثوية نحو الحداثة؟
كانت الدعوة، دائما، إلى المناداة بتفاهة قدسية العذرية واعتبارها موضوعا مزيفا أو عائقا أمام تحرر المرأة دعوة محفوفة بالمخاطرة في مجتمعاتنا العربية التي يغلب عليها التدين (ليس في طقوسيته وإنما التدين على مستوى تمثل الذات والواقع).
وحتى إذا كانت النزعات النسائية التحررية تستلهم مرافعاتها، اليوم، من مواثيق حقوق الإنسان وحقوق التصرف في الجسد، باعتبارها حقوقا مفصلية للدخول في حيّز الحداثة والحرية الحقيقية، وخصوصا أهمية تحرير جسد المرأة من غطرسة النظام الديني والمجتمعي الذكوري والمستبد، فإن كل نقاش لا يستحضر الأهمية الكبيرة للعذرية، كمكون هامّ في الأنوثة، يعد -بدوره- نقاشا متغطرسا ومستبدا على المرأة، لأنه يبدو اليوم كما لو بدأت تخرج دعوات نسوية صريحة لتبخيس العذرية، باعتبارها تشكل اليوم رمزا للاستبداد بجسد المرأة.
وفي المقابل، كم يبدو مضحكا النزوع الذكوري الاجتماعي الأعمى نحو فرض العذرية المطلقة كشرط أو كصكوك غفران للمرأة، وكم هو غبي الميل الاجتماعي الذكوري إلى تصيُّد الجنس العابر «غير الشرعي» والعبث بجسد المرأة خارج «منارة الشرع»، وبالمقابل، اشتراط العفة (chasteté) والعذرية في المرأة في مشروع الزواج الشرعي... ولأن الجنس مسألة حيوية بالنسبة إلى المرأة، فإن تفاهة الأقدار دفعت إلى ابتكار حيل من أجل خداع «جبروت الشرع». أفرز لنا هيلمان العذرية الشذوذ في جنوسة المرأة (حيث حلت الممارسات الدبُرية محل الفرجية، وحيث التسابق نحو عمليات صناعة وتجميل العذرية بأبخس الأثمان).
تستوجب الحكمة الوقوف في منتصف طريق التطرف وقطع الطريق عنه. لا يمكن أن ندفع الإناث نحو تبخيس عذريتهن بدعوى التحرر المطلق، كما لا يمكن التغاضي عن غطرسة الذكورة والعبث بالعذرية (تفضيلها خارج الشرع وفرضها داخله) مما يؤسس للشذوذ والمراوغة، وهو الشذوذ الذي لم يؤسس، إلى حدود اليوم، لتحاور جنسي حقيقي وشفّاف حول العذرية. كما أن الظروف الاقتصادية الدافعة إلى استفحال التوحد والعزوف (ليس عن الجنس وإنما عن شرعنته تقليديا ودينيا) يجعل موضوع العذرية، اليوم، من أكثر المواضيع خفوتا وتسترا. فبالقدْر الذي وقع تحرر في الممارسات الجنسية السليمة والثابتة (مصادقات وتودد بدأ ينضبط لقيم الإخلاص والمودة) تبقى إشكالية العذرية عقبة أمام الشباب التواق إلى تحرر العلاقات الجنسية. يطلب الذكور، اليوم أكثر من الأمس، أن تمنحهن الإناث عذريتهن خارج مؤسسة الزواج، عربونا للثقة والمحبة، ولا تجد الإناث مانعا في ذلك، اليوم أكثر من الأمس، شريطة أن تكون عملية شرعنة العلاقة وديمومتها شرطا ضروريا لهذه «المقايضة»...
إذا كان مركب العذرية مفصليا في ممارسة وتحقيق الهوية الجنسية، مع ما تطرحه من إشكالات وتضاربات بين الرغبة في الشرع والاستكانة إليه وبين إرادة التحرر (وهو ما أسميه التناقض/ العذرية)، هناك مركب مفصلي ثان في كينونة الأنوثة يشكل عقبة ثانية لولوج الحداثة، وهو مركب القتل الرمزي للأبوية (le patricide).
فالقتل هنا لا يعني، طبعا، التخلص الجسدي من الأبوية (كالقتل الفعلي للأب، وأنا لا أحرض هنا على قتل الأشخاص) وإنما الوصول إلى تعويض القيمة القدسية للأبوية بقيمة أخرى أكثر إنسانية، يطبعها الفهم والاستقلال والشراكة، بدل الخوف والخنوع والرهبة. فكما أن الأنثوية فعل بناء وليست لها لا قيمة مسبقة ولا قيمة نهائية، فكذلك الأبوية، لا تأخذ قيمتها إلا بما تتيحه من فرص تحرر ومناصفة وتكافؤ للذوات التي تتحكم في منظومات نشوئها الاجتماعي. كما أن الأبوية لا تعني الأب بالضرورة، حتى ولو كان الأب هو غالبا من يحرص على مأسستها الاجتماعية، لأن الأبوية نزوع إلى السيطرة المنبنية على ذكورية مركزية، وهي سيطرة يمكن للأم أيضا
-غالبا- أن تلعب فيها دور عميل حاسم.
هل الاستقلال عن الأبوية تحريض للثورة؟ نعم، إذا كانت الأبوية تبخيسا للذات الأنثوية وتمطيطا لحيويتها من خلال إدخالها في «ثلاجة الشرع»، لكي لا يتعفن جسدها القابل للتعفن، ومنحها أدوارا اجتماعية لم تساهم الأنثى أبدا في تحديدها أو اختيارها وإعطاء الذكور فرصا أحسن، بل وسلطا أكثر لإرهابها منزليا ثم اجتماعيا ومؤسساتيا.
وكم هو جميل قول الباحث الاقتصادي الإرلاندي هاينز شول عندما أقرّ بأن الاقتصاد وحاجاته إلى اليد العاملة النسائية وإلى الكفاءات المهنية النسوية وتفانيها وانخفاض تكلفتها هو الكفيل بهدم بنيات وعلاقات اجتماعية وتعويضها بأخرى لصالح هذا التحرر الاقتصادي النسوي، الذي نحن في أمَسّ الحاجة إليه. فإذا ولجت المرأة إلى العمل والأجر والادخار والاستثمار، تأتي حاجاتها إلى الاستقلال عن كنف الأسرة الأبوية محصلة منطقية وجدلية. فكما سارعت البورجوازيات الناشئة في التاريخ إلى الاستقلال عن كنف الفيودالية الأبوية وعن كنف سلطة الإيكليروس (مؤسسة الدين)، ها هي المرأة، اليوم، تحقق تاريخيا، تقريبا، نفس النقلة، حيث جاء الاقتصاد ليحررها.
لكن؟ هل هي فعلا الحرية المرجوة للنساء؟ هل يحرر الاقتصاد فعلا؟ فما دمنا نفكر هنا نقديا، وجب الشك في هذه النتيجة أيضا، أولا لأن الاقتصاد واقتصاد الأزمة، بالخصوص، يتلصص اليوم بالنساء فقط لدواع محاسباتية (يد عاملة نسائية متوفرة ومنخفضة التكلفة وغير مؤطرة سياسيا ونقابيا)، وثانيا لا يوفر سوق الشغل اليوم هوامش تأصيل الأنثوية، بل ويقلصها (حيث لا يحترم، إلا بصعوبة وبضغط شديد، حاجة المرأة إلى العمل، مع حاجتها إلى الإنجاب وتربية أطفالها). وهناك، اليوم، عدد هائل من النساء الحوامل اللواتي تم طردهن من سوق الشغل، وبالتالي في الوقت الذي تقتل المرأة الأبوية، تدخل عالما لا أنثويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.