تقترح دراسة حديثة شق طريق ذي اتجاهين بين العلاج الهرموني لمرض سرطان البروستاتا ومرض القلب. إن الأحاديث عن مصطلحي «سرطان البروستاتا» و»مرض القلب» لا تجري في نفس الوقت. لكن، ربما ينبغي أن تجري سوية، وخصوصا لذلك العدد المتزايد من الرجال الذين تتم معالجة سرطان البروستاتا لديهم بعلاج هرموني مخفّض لهرمون «التيستوستيرون». في كل سنة، يكتشف نحو 220 ألف أمريكي أنهم مصابون بسرطان البروستاتا. وقد يكون نمو السرطان بطيئا ويتطلب انتشاره عبر الغدة الشبيهة بالجوزة نحو الأنسجة المجاورة، عادة، سنوات عديدة. ورغم أن هذا المرض يؤدي إلى وفاة 27 ألف سنويا، فإن أكثر المصابين بسرطان البروستاتا يتوفون نتيجة أسباب أخرى، غالبا ما تكون مرضا في القلب. علاج سرطان البروستاتا يتطلب علاج سرطان بطيء النمو ومنغلق ضمن البروستاتا إما إجراء عملية لاستئصال الغدة «prostatectomie» أو القضاء على الخلايا السرطانية بواسطة الإشعاع. أما علاج سرطان البروستاتا، الذي ينمو بسرعة، فإنه غالبا ما يتطلب عملا إضافيا، فما دامت الخلايا السليمة وكذلك الخلايا السرطانية للبروستاتا تحتاج إلى «التيستوستيرون» للنمو والديمومة، فإن وقف إفراز ما يسمى بهرمون الذكورة هذا يشابه إلقاء بطانية مبللة بالماء على نار ما تزال مستعرة. ويمكن القيام بإخماد «التيستوستيرون» باستئصال الخصيتين «orchiectomy» أو بتناول أدوية، مثل «ليوبرولايد»، «ليبرون» أو «زولادكس» و«غوسريلين (اللذين يمنعان إفراز «التيستوستيرون» في الخصيتين). ولدى الرجال الين يعانون من سرطان موضعي، إنما خبيث، في البروستاتا، فإن العلاج المركب من العلاج الهرموني مع الإشعاع يزيد من فرص النجاة بشكل كبير، مقارنة بالعلاج الإشعاعي وحده. إلا أن العلاج بخفض «التيستوستيرون» ليس جيدا كذلك للقلب أو لأجزاء الجسم الأخرى، ف«التيستوستيرون» المنخفض يمكن أن يزيد الكولسترول منخفض الكثافة، سكر الدم، ضغط الدم والوزن. ويمكن «التيستوستيرون» القليل أن يزيد من تصلب الشرايين ويشجع على حدوث الترسبات التي تؤدي إلى انسداد الشرايين، ويسمح للخثرات الدموية بأن تتشكل بسرعة أكثر. كما أنه قد يسبب ضعف العضلات والعظام ويقود إلى الإجهاد وتغير المزاج. الصلة بين القلب والبروستاتا خلال السنتين الأخيرتين، كان الباحثون يحاولون التعرف على تأثيرات العلاج الهرموني لسرطان البروستاتا على القلب والأوعية الدموية. وأظهرت النتائج الأولية أنه (العلاج) يرتبط بظهور حالات أكثر من مرض السكري، أمراض القلب والنوبات القلبية المبكرة. وعلى سبيل المثال، فإن تحليلات قاعدة البيانات الوطنية حول علاج سرطان البروستاتا أظهرت أن 5.5 في المائة من الرجال الذين تم استئصال البروستاتا منهم، والذين خضعوا للعلاج الهرموني توفوا بمرض في القلب، السكتة الدماغية أو أي شكل آخر من أشكال أمراض القلب والأوعية الدموية خلال خمس سنوات من متابعتهم، مقارنة ب2 في المائة من الرجال الذين أجريت لهم عمليات جراحية فقط. كما لوحظت نفس الظاهرة بمقارنة العلاج الهرموني مع الإشعاع. ولعل أكثر نتائج الدراسات إقناعا تلك التي نشرت في 28 يناير عام 2008 في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، إذ اشرف الدكتور أنتوني ف. دي أميكو وزملاؤه في مستشفى بريغهام والنساء ومعهد دانا -فاربر للسرطان في بوسطن على متابعة الحالة الصحية ل206 من الرجال الأكبر سنا، الذين كان لديهم سرطان محدود، إنما سيء، في البروستاتا، عولجوا بالإشعاع أو بالإشعاع ثم بعلاج منع إفراز «التيستوستيرون». وقد ظهر الامر في البداية وكأن العلاج الهرموني قد فاز، إذ ظل 70.6 في المائة من الرجال في مجموعة الذين خضعوا للعلاج المركب على قيد الحياة بعد ثمان سنوات، مقارنة ب57.7 في المائة من أولئك الذين كانوا في مجموعة الذين عولجوا بالإشعاع فقط. إلا أن أمرا مهما ظهر عندما أخذ الباحثون يصنفون بعمق النتائج، وفقا لمشاكل صحية أخرى، مثل حالة ما قبل النوبة القلبية، السكري أو مرض الكلي. ومن بين 157 رجلا من الذين بدوا وكأنهم سليمو الجسم، ظل 90 في المائة من الذين خضعوا للإشعاع وللعلاج الهرموني على قيد الحياة بعد ثمان سنوات، مقارنة ب65 في المائة من الذين خضعوا للإشعاع فقط. إلا أن العكس كان صحيحا بالنسبة إلى 49 رجلا كانت لديهم مشاكل شديدة إلى معتدلة، إضافة إلى سرطان البروستاتا: فنحو 25 في المائة منهم من الذين خضعوا للعلاج المركّب ظلوا على قيد الحياة، مقارنة ب55 في المائة من الذين خضعوا للإشعاع فقط. وحدثت غالبية «الزيادات» في الوفيات في مجموعة العلاج الهرموني، نتيجة النوبات القلبية. فحص القلب أولا ولا تعني هذه النتائج أن العلاج الهرموني لسرطان البروستاتا ينبغي أن يتوقف تماما، بل بالعكس -فإن كبح «التيستوستيرون»، إضافة إلى العلاج بالإشعاع يزيد طول الحياة للرجال الذين لديهم سرطان موضعي متقدم أو سرطان انتشر خارج غدة البروستاتا. «الرسالة الأساسية هي أن العلاج الهرموني يجب أن يستخدم بحذر للرجال الذين عانوا من نوبة قلبية أو لديهم خطر عال، بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية»، يقول الدكتور دي أميكو، رئيس قسم الإشعاع الموجّه على الأعضاء الجنسية في مستشفى بريغهام ، التابع لجامعة هارفارد. والرسالة الأخرى هي أن العلاج الهرموني لا ينبغي أن يستخدم «درءا للأمور» من قِبَل الرجال الذين لديهم سرطان موضعي حديث في البروستاتا.