إنه التعبير الأمثل لوصف غالبية اللاعبين اليوم في المباراة، التي انطلقت أشواطها الأولى يوم 20 فبراير الماضي، والتي لا زالت تدور رحاها بلا روح رياضية ولا خطط واضحة ولا مدربين معلنين وفي غياب تام عن الجمهور، الجمهور الذي لم يخبر بموعد التباري ولا يعرف الشيء الكثير عن هوية المتبارين، فما كان منه إلا أن ركن جانبا، بعيدا، ينتظر ولا يكاد يبين. مباراة تجمع على امتداد الوطن أعدادا كثيرة وتشكيلات متباينة، ضدا على ما تسمح به قوانين التباري وقواعد اللعب. تجمع من يبشر بالجمهورية ومن يدعو إلى ملكية برلمانية ومن يحلم بالخلافة على منهاج النبوة ومن يزايد على الوحدة الترابية ومن كلف نفسه بنفسه مهمة ترسيخ الإصلاح والديمقراطية. مباراة تجمع في صعيد واحد السياسي والحقوقي، الليبرالي واليساري، الإسلامي والأمازيغي، الكبير والصغير، الغني والفقير. المنتمي إلى جماعة والعضو في حزب والمنخرط في حركة ومن شكل في الوقت الضائع تنسيقية وطنية أو من أسس نسيجا مدنيا، يدعي زورا أنه سيترافع باسمه ونيابة عنه، لدى الجهات المعنية، لدعم الإصلاحات الدستورية ومواكبة الديموقراطية. الرهان المشترك لهؤلاء جميعا هو، الانتهازية والوصولية واقتناص الفرص الضائعة. إنها بالفعل مباراة استثنائية تم الإعداد لها، في غرف مظلمة، وأقيمت من أجلها المعسكرات والتربصات وبدأت التمرينات والتسخينات لجس النبض واستطلاع ردود الفعل، فانطلقت الكتابات الاستفزازية والخرجات الإعلامية فالتصريحات النارية، وما تلاها بعد ذلك من تهديد بتجميد عضوية أو التلويح بالاستقالة من مؤسسة دستورية. وفي خضم المنافسة المحتدمة والسباق المتسارع يطلع علينا من يستنكر تقبيل يد الملك ويجعل من ذلك قضية رأي عام ومدخلا أساسيا للإصلاح والتغيير ونسي أو تناسى، عندما يسمح لنفسه بوعي منه أو بدون وعي بتقبيل يد شيخه بل والتبرك ببوله وبقية ماء وضوئه. وفي خضم المنافسة المحتدمة والسباق المتسارع، يطل علينا من إذا رأيته يعجبك جسمه، يدعي زورا وبهتانا حماية الفضيلة والأخلاق، ينصب باسم الحرية والديموقراطية والرغبة في الإصلاح والتغيير، محاكم للتفتيش لإدانة الناس وإصدار الأحكام عليهم، ورفع صورهم والتشهير بهم وبعائلاتهم، من غير السماح لهم في الوقت ذاته بحق الدفاع عن أنفسهم أو انتداب من ينوب عنهم. وفي خضم المنافسة المحتدمة والسباق المتسارع، يرفض بعض المتبارين الاعتراف بكبر سنهم وضعف لياقتهم وتراجع عطائهم فيصرون على مواصلة اللعب ولا يبادرون إلى إجراء التغييرات اللازمة للاستمرار في حلبة التباري، شاردون ولكنهم على أمل في استغلال إحدى الفرص لتسجيل هدف واحتلال مركز الصدارة. ولأن الحق يعلو ولا يعلى عليه والباطل حبله قصير ولا محالة زاهق، ولأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض ومالا ينفع الناس يذهب جفاء وتدروه الرياح، ولأن الحكم والفيصل في النهاية هو ميزان الحق والعدل، وهو الميزان الذي يفرض توخي الحياد والمصداقية وتحري الإنصاف والموضوعية، فإن النتيجة في النهاية لن تخرج عن القاعدة ولن تستوقفنا كثيرا لتحليل أسبابها وفك رموزها. إن من فقد الصلة بالواقع أو لم يستطع التكيف معه أو يعترف بأن هذا الواقع قد تغير وعليه أن يتغير معه، فأصر على اللعب لعبة الماضي بأساليب الماضي ولم يفكر لحظة أن يلعب لعبة الحاضر بأساليب الحاضر، سيهزم في النهاية لا محالة ويولي الدبر، فتتقلص حينها الخيارات أمامه، فإما أن يترك قميصه طواعية وإما تتم تنحيته كرها. فلا هو قاد الإصلاح، ولا فسح المجال لغيره من الشباب للقيام بذلك، تحت قيادة ملكهم، فهو من سنهم، لياقته كلياقتهم، منشغل بأحوالهم، مدرك لآلامهم وآمالهم، على الأقل خططه واضحة وإرادته قوية وإنجازاته بادية.