وضع والي طنجة، محمد حصاد، حدا لكل الجدل القائم حول المحمية الطبيعية في منطقة «السلوقية»، وقرر المنع الشامل والنهائي لكل محاولة للاستيلاء على المنطقة أو البناء فيها، بعد أن كانت المنطقة على وشك التحول إلى غابة من الإسمنت. وجاء قرار والي طنجة عبر بيان أصدره، لتوضيح الخبر الذي نشرته «المساء» قبل بضعة أيام، والمتعلق بموافقته شخصيا على قرار بتدمير محمية السلوقية، رضوخا لرغبة أسماء وازنة من عدد من المدن المغربية، حيث كان الهدف بناء فيلات ومساكن فارهة في هذا المكان، المطل مباشرة على مضيق جبل طارق، والذي يعتبر جنة طبيعية ومفخرة للبيئة في المدينة ومنطقة الشمال عموما. وكانت «المساء» قد حصلت على معلومات أكيدة تفيد أن عددا من الشخصيات من مدن مختلفة، من بينها الرباط وفاس والدار البيضاء ومراكش وطنجة، تقوم بممارسة ضغوط كبيرة على والي طنجة لإرغامه على رفع يد الحماية عن منطقة «السلوقية» من أجل تحويلها إلى شبه مستعمرة تضم فيلات وقصورا ومساكن فارهة، فيما قالت مصادر أخرى ل«المساء» إنه في حال سار هذا المخطط «الجهنمي» حتى نهايته، فإن سكان هذه المنطقة كانوا يريدون أيضا منع المواطنين من ولوج المنطقة، فيما يشبه «الأبارتهايد» الطبقي في أجل صوره. وقال الوالي حصاد، في بيان موقع باسمه، وهو بيان غير مسبوق في المدينة، إن مسطرة مراجعة مخطط التهيئة جد شفافة وليس بإمكان أي شخص، مهما كان مركزه، التأثير على المراحل التي تمر منها عملية تغيير المخطط، في إشارة واضحة إلى أن منطقة «السلوقية» خرجت نهائيا من دائرة الخطر الذي كان محدقا بها. وبهذا القرار يكون الوالي قد وضع حدا لتحرشات «وحوش العقار» بهذه المحمية الطبيعة التي باتت المتنفس الوحيد لسكان المدينة بعدما تم الإجهاز على غابات ومناطق ترفيهية أخرى داخل المدينة. كما أنه بهذا القرار يهذف الوالي إلى دفع تهمة «التآمر» عن نفسه، كما التزم في نفس الوقت بحماية الفضاءات الطبيعية داخل المدينة، التي تعد، كما جاء في بيانه، في صلب انشغالات السلطات المحلية والوطنية. وحسم بيان الوالي موضوع محمية «السلوقية» عندما ذكر أن أي تعديل محتمل لمخطط التهيئة يخضع لمسطرة شفافة وطويلة، من بينها إحالة الموضوع على المجلس الذي لن يسمح بتعديل المخطط. ويتضح من بيان الوالي حصاد أنه لم ينف وجود «تحرشات» بهذه المحمية الطبيعية بقدر ما حاول بسط مسطرة معقدة قال فيها إن أي تغيير لتصميم هذه المنطقة سيخضع وجوبا لعدد من الإجراءات المسطرية، بحيث ظهر أن البيان موجه أيضا لتلك الأسماء الوازنة التي كانت تريد السطو على المنطقة بأي ثمن، وأن الوالي يحاول إبراء ذمته أمام الجميع، ويخلي مسؤوليته من هذه الجريمة التي كانت محدقة بحوالي 200 هكتار من هذا الفضاء الطبيعي الوحيد الذي ظل صامدا لفترة طويلة في وجه «وحوش العقار». وكانت مصادر مطلعة أفادت أن قرار الوالي إغلاق محمية «السلوقية» أمام أطماع وحوش العقار، ستتبعها خطوات أخرى وصفتها ب«لكبيرة والمهمة»، من بينها الإعلان النهائي عن وضع «فيلا هاريس» التاريخية ومحيطها الكامل خارج أطماع وحوش العقار، بالإضافة إلى حماية دائمة ونهائية لكل الفضاءات الخضراء في المدينة، والتي تعتبر هدفا دائما ل«مجانين» الإسمنت، وإعادة فتح كل المدارس التي تم إغلاقها خارج القانون تمهيدا لتسليمها إلى «وحوش الإسمنت».