رأينا كيف أن العلاج الدوائي هو الأساس في علاج الاضطراب الثنائي القطب (أو الاضطراب الهوسي الاكتئابي)، وبدونه فإن معاناة المريض تتضاعف وتشتد وتمتد. لكن يمكن الاستعانة بعلاجات أخرى مكملة أو مساعدة، وفهمها سيكون أمرا مهما بالنسبة للمريض وأسرته. ومن تلك العلاجات: أولا - الوعي بالمرض يساعد الوعي بالمرض صاحبه على فهم تقلباته وتطوره، وعلى التعامل معه بشكل سليم. ويتكون هذا الوعي عن طريق المطالعة والتثقيف النفسي واستشارة الطبيب المعالج وسؤاله عن أي عرض أو حالة غير مفهومة في تمام الصراحة والوضوح. ومن ذلك: - أن يعلم أنه ليس وحده الذي يعاني من المرض، فهناك ملايين عبر العالم يعانون منه أيضا، وفي المغرب حوالي 750 ألف منهم. - أن يعلم أن الاضطراب ثنائي القطب مرض مزمن يحتاج إلى صبر طويل وعلاج منتظم ومستمر، فلا يستعجل نتائج العلاجات. وأن يعلم أنه عند إهماله للعلاج فإن مرضه سينتكس ويعود. - أن يتعلم كيف يتعرف على النوبات في بدايتها، فإن عادت مستقبلا يتبع في الغالب نفس النمط. وعليه عندها الإسراع إلى الطبيب لأن علاج النوبات في بدايتها أسهل، ولأن الحالة قد تتدهور بسرعة لا يتوقعها أحد. ثانيا - العلاج النفسي يحتاج المريض بالاضطراب ثنائي القطب في كثير من الأحيان إلى العلاج النفسي بأنواعه المختلفة، وهو علاج يستعمل أساسا في فترة ما بين النوبات، حين يعود المريض إلى حالته الطبيعية. ولكن لا يستخدم إلا تكملة للعلاج الدوائي المتخصص حسب وصفة الطبيب. ومن أنواعه: العلاج التدعيمي أو الإرشادي الذي يساعد المريض أساسا على إعادة الثقة في نفسه، وعلى تعلم كيفية تنظيم وقته وكيفية إدارته، وعلى تحسين مستوى تواصله الاجتماعي ومهاراته الحياتية. ويدخل في هذا العلاج أيضا مؤازرة أسرة المريض عاطفيا ودعمها على تجاوز صعوبات مراحل النوبات من خلال الاستماع إلى معاناتها ومساعدتها على فهم المرض وأحسن الطرق لتجاوز تلك المعاناة. ويدخل في هذا النوع من العلاج كذلك إعطاء المريض وأسرته معلومات مفصلة عن المرض وأسبابه وتطوره وكيفية علاجه. فمعرفة الداء نصف الدواء. والجهل به سبب مباشر للعديد من المشاكل التي تعرض للمريض مع وسطه وسبب للعديد من حالات فشل العلاج. العلاج النفسي المعرفي السلوكي، وله العديد من الإيجابيات منها مساعدة المريض على التفكير الإيجابي والواقعي بدل التفكير السلبي الذي يميز مرض الاكتئاب. ومن تلك الإيجابيات أيضا أن مرضى ثنائي القطب يمكن أن يعانوا بعد سنوات من اضطرابات في الذاكرة وفي التركيز الذهني. وتهدف تقنيات العلاج المعرفي والسلوكي إلى تجاوز تلك الاضطرابات والصعوبات التي تنتج عنها في علاقاتهم العائلية والمهنية. العلاج العائلي، وهو يهدف إلى معالجة المشاكل العلائقية والتواصلية داخل أسرة المريض الصغيرة أو الممتدة. وتمكن من مساعدة المريض على الالتزام أكثر بتناول الدواء، وعلى أن يتقبل هو وأسرته المرض ويتعايشوا معه. كما يساعد على تحسين العلاقات الأسرية بما يحسن أداء المريض عاطفيا ومهنيا. ثالثا - العلاج بالصدمة الكهربائية وهو علاج يستخدم في الحالات الشديدة حينما يفشل العلاج الدوائي، ولا يعطي أي مستوى مقبول من التحسن. وهو يتم عن طريق إرسال شحنات كهربائية إلى المخ لدى مرضي تحت التخدير الكلي، مسببا تشنجات قصيرة ومتحكما فيها. وعادة ما يحتاج المريض إلى عدة جلسات خلال عدة أسابيع، ثم تواصل المعالجة بالأدوية المناسبة. وعلى الرغم من التمثلات السيئة لدى الكثيرين عن هذا النوع من العلاج، إلا أنه فاعل وغير مؤلم للمريض. وهو كثيرا ما يعطي نتائج إيجابية فورية. سعد الدين العثماني - طبيب مختص في الأمراض النفسية [email protected]