سعت الأبناك المغربية بقوة في السنوات الأخيرة، إلى ولوج السوق الإفريقية، حيث أصبح لها حضور بارز في العديد من البلدان في القارة السمراء، التي يمنح فيها ضعف الاستبناك هامشا كبيرا للأبناك المغربية للتطور، في نفس الوقت الذي تتطلع تلك البنوك إلى أن تصبح سندا للمقاولات المغربية والأجنبية الراغبة في الاستثمار في تلك القارة. وقد بلغت مجمل الاستثمارات المغربية التي أنجزتها الأبناك والمقاولات المحلية في الخارج، في الفترة بين 2003 و2009، ما يفوق 31.11 مليار درهم، من بينها 10.47 ملايير درهم أنجزتها الأبناك و20.63 مليار درهم أنجزتها المقاولات. وقد مثلت الاستثمارات المغربية في إفريقيا في تلك الفترة حوالي 12.25 مليار درهم، أي حوالي 39.39 في المائة من مجمل الاستثمارات المغربية في الخارج. ويتجلى حضور الأبناك المغربية في القارة السمراء عبر فروعها التي تمثل ثلاثة أبناك رئيسية أي التجاري وفا بنك والبنك المغربي للتجارة الخارجية والبنك المركزي الشعبي، التي توجد في 17 بلدا، خاصة السينغال والكامرون وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري ومالي وإفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج وتونس. وتركز هاته البنوك الثلاثة جهودها على فرص النمو التي يتيحها ضعف الاستبناك، خاصة في بلدان الساحل الإفريقي، حيث لا يتعدى في المتوسط 15 في المائة، مما يجعله الأدنى في العالم، بل إن ذلك المعدل في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا لا يتعدى 6 في المائة. وما فتئت الأبناك المغربية توسع حضورها في إفريقيا في السنوات الأخيرة، فبعد حيازتها لبنك الجنوب بتونس، الذي تحول إلى البنك التجاري لتونس، أبدى البنك المغربي اهتماما كبيرا ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حيث اقتنى في 2007 بنكين بالسينغال، قبل أن يشتري في 2008 نسبة 51 في المائة من البنك الدولي لمالي، وفي نفس السنة بذل البنك 2.8 مليار درهم من أجل اقتناء خمسة بنوك تابعة للقرض الفلاحي الفرنسي الشيء الذي خول له تعزيز ريادته في السينغال والدخول إلى أسواق الكامرون والكونغو برازافيل وساحل العاج والغابون. وبدورها عززت مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية تواجدها في القارة السمراء، حيث استقرت في السينغال عبر البنك المغربي للتجارة الخارجية كابيتال بدكار. كما حصلت على موطئ قدم في مالي عبر 27.38 في المائة من رأسمال بنك التنمية لمالي والكونغو برازافيل، حيث تراقب البنك الكونغولي La congolaise de banque. غير أن البنك تمكن من تعزيز حضوره أكثر في القارة السمراء عبر الحصول على نسبة الأغلبية في رأسمال «بنك أوف أفريكا» الذي يوجد في 11 بلدا والذي يتوفر على ثالث شبكة بنكية في فضاء الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا. ويتطلع البنك المغربي للتجارة الخارجية عبر هاته المؤسسة المالية إلى التمركز كبنك مرجعي في منطقة جنوب الصحراء. وحصلت مجموعة البنك الشعبي على موطئ قدم في غينيا كوناكري، غير أن ذلك البنك كان سباقا إلى ولوج السوق الإفريقية، فقد تأتى له منذ أكثر من 15 عاما الحصول على نسبة تخول له مراقبة ثاني بنك في إفريقيا الوسطى.. غير أن البنك الشعبي ما فتئ، إسوة ببنوك مغربية أخرى، يسعى إلى ولوج بلدان في المغرب العربي، حيث تأتى له بمعية التجاري وفا بنك فتح فرع مشترك في موريتانيا، إذ دشنا توجها جديدا في استراتيجية الأبناك المغربية في السوق الإفريقية عبر التنسيق من أجل العمل في تلك السوق مجتمعين وتفادي المنافسة. وقد سمح اتجاه البنوك المغربية نحو ولوج السوق الإفريقية، حسب المركز المغربي للظرفية، إلى الحصول على وضعية مهيمنة في بعض الأسواق، حيث تأتى للتجاري وفا بنك مراقبة 33 في المائة من سوق الودائع في السينغال وتمكن البنك المغربي للتجارة الخارجية من مراقبة حصة 40 في المائة في سوق الودائع بمالي، غير أن حصة البنوك المغربية في سوق الودائع بذلك البلد، ترتفع إلى 50 في المائة عند استحضار حضور التجاري وفا بنك في رأسمال البنك الدولي لمالي. وتتراوح حصة البنك المغربي للتجارة الخارجية عبر بنك أوف أفريكا، بين 31 و43 في المائة في بعض البلدان التي يوجد بها «مدغشقر، بورندي، أو بنين». وتصل حصة فروع البنوك المغربية إلى 29 في المائة من حصيلة النظام البنكي في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا. غير أنه يبدو أن حضور البنوك المغربية في السوق الإفريقية، حسب ما لاحظه المركز، لا ينظر إليه بعين الرضى من قبل البنوك المنافسة، التي تسعى إلى تفادي تجاوزها من قبل الوافدين الجدد من المغرب، الذين عبروا عن تطلع كبير إلى تركيز حضورهم في السوق الإفريقية.. وتجلت الرغبة في إزاحة البنوك المغربية من المنافسة في بعض الأسواق في عملية خوصصة البنك الدولي لبوركينا فاسو، الذي آل إلى البنك النيجري «يونايتد بنك أوف أفريكا» على حساب التجاري وفا بنك.