واصلت أمس الجمعة عائلات المعتقلين السياسيين الخمسة، الذين اعتقلوا على خلفية ملف عبد القادر بليرج، الاعتصام لليوم التالي على التوالي أمام مقر السجن المدني بسلا مع ممثلين للجمعيات الحقوقية، توقعا لإطلاق سراحهم، وفق ما كانت أنباء قد أشارت إلى ذلك في وقت سابق. وكانت عائلات المعتقلين قد سارعت إلى زيارة السجن أول أمس بعد سماع الخبر الذي تسرب إلى بعض أفرادها حول قرب إطلاق سراح المعتقلين، وظلوا معتصمين إلى حدود منتصف ليلية الخميس قبل أن يتفرقوا لكي يعودوا صبيحة أمس الجمعة. وفي الوقت الذي انتشر نبأ قرب الإفراج عن المعتقلين الخمسة، المعروفين ب«المعتقلين السياسيين في ملف بليرج»، وسط السجناء في الداخل، دخل المعتقلون الآخرون في نفس الملف، وعددهم حوالي ثلاثون سخصا، في اعتصام مفتوح، مطالبين بالإفراج عنهم، أسوة بالخمسة الآخرين والتعامل مع الملف بشكل موحد دون تفريق. كما التحقت عائلاتهم بعائلات المعتقلين السياسيين في اعتصامها أمام مقر السجن. ويتخوف المعتقلون الثلاثون في ملف بليرج أن يكون الإفراج عن المعتقلين السياسيين الخمسة بداية لإدراجهم ضمن معتقلي الأعمال الإرهابية وإلحاقهم بجناح السلفيين في السجن وعدم الاعتراف بهم كمعتقلين سياسيين، حسب معلومات مستقاة من مصادر قريبة من عائلاتهم. وانضم هؤلاء المعتقلون إلى الاعتصام الذي نفذه معتقلو السلفية الجهادية يوم الخميس الماضي، والذي تواصل أمس الجمعة، بعد انتشار خبر الإفراج عن المعتقلين الخمسة. وانطلق الاعتصام أول أمس مباشرة بعد صلاة العصر، حيث قام ستة من معتقلي السلفية الجهادية بالصعود فوق السور العالي ورفع شعارات مطالبة بالإفراج عنهم وعن جميع معتقلي نفس التيار في السجون الأخرى. والتحق بهم بعد ذلك المعتقلون الآخرون حتى وصل العدد إلى أزيد من 300 سجين رفضوا دخول الزنازن وأعلنوا استمرار الاعتصام في ساحة السجن، مطالبين بتطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع وزارة العدل والمندوب العام لإدارة السجون إثر الوقفة الاحتجاجية التي نظموها يومي 25 و 26 فبراير الماضي. وتجاوبا مع ذلك الاعتصام، أعلن حوالي 174 معتقلا من معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية بالسجن المركزي بالقنيطرة اعتصامهم لنفس الهدف المذكور، كما انضم إليهم المعتقلون في سجن فاس. إلى ذلك، نفى حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن تكون إدارته قد تلقت تعليمات بالإفراج عن المعتقلين الخمسة، وهم مصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري، ومحمد الأمين الركالة نائبه والناطق الرسمي باسم الحزب، ومحمد المرواني الأمين العام لحزب الأمة، والعبادلة ماء العينين مسؤول لجنة الصحراء والوحدة الترابية بحزب العدالة والتنمية، وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة «المنار» اللبنانية. وحسب مصادر «المساء»، فقد جاء النفي خلال لقاء عابر أمام بوابة سجن «الزاكي» بسلا، جمع أول أمس الخميس بين المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج وبين المدير التنفيذي لمنتدى الكرامة، محمد حقيقي، مشيرة إلى أن بنهاشم أخبر محمد حقيقي بأن خبر قرب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين المتابعين منذ سنة 2005 على خلفية ما يعرف بقضية بليرج مجرد إشاعاة وأخبار تتداولها الصحافة، وأنه لم يتلق أي تعليمات بخصوص الاستعداد لإطلاق سراحهم. ووفق المصادر ذاتها، طالب بنهاشم المسؤول في منتدى الكرامة، ومن خلاله أفراد عائلات المعتقلين وقيادات أحزاب الأمة والبديل الحضاري والعدالة والتنمية والهيئات الحقوقية والمدنية ولجنة الدعم، بمغادرتهم والعودة يوم الإثنين المقبل، بدعوى أنه ربما قد يكون هناك جديد. من جهته، قال خالد السفياني، منسق هيئة دفاع السياسيين المعتقلين، ل«المساء»، تعليقا على تأخر إطلاق سراح المعتقلين الخمسة:«إلى حد الساعة ما زال إطلاق سراحهم مجرد خبر.. ما عرفنا اشنو حاصل.. ما بقينا فاهمين والو.. لن أثق حتى نشوفهم في ديارهم»، معتبرا أنه من الواجب إطلاق سراحهم لأن «محاكمتهم كانت ظالمة وغير عادلة، ووقع خرق للقانون بكل تفاصيله في هذه القضية. وباختصار كانت محاكمة المعتقلين السياسيين الستة محاكمة سياسية بامتياز». وبرأي منسق هيئة الدفاع، فإن عدم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم المعتقلون السياسيون الخمسة، يجعل الحديث عن التغيير ومغرب جديد مجرد كلام للاستهلاك، ولا يعين على بث الثقة في صفوف المواطنين والهيئات الحقوقية والسياسية بأن هناك نية حقيقية للتغيير، مؤكدا أن الإفراج عن المعتقلين السياسيين تبقى خطوة من بين خطوات أخرى يتعين اتخاذها لتقديم الدليل الملموس على أننا بصدد مغرب ودستور جديدين. جدير ذكره أن أخبارا تداولت خلال الأيام الماضية عن إمكانية أن يشمل العفو الملكي، فضلا عن المعتقلين الخمسة، أفرادا من مجموعة بليرج ومشايخ السلفية الجهادية ومجوعة «سالم التامك».